يعتقد باحثون أنهم تمكنوا من حل لغز أصل الطاعون الأسود الذي يعود تاريخه إلى 700 عام، وهو الوباء الأكثر فتكاً في التاريخ المسجل، والذي اجتاح أوروبا وآسيا وشمال إفريقيا في منتصف القرن الرابع عشر، وفق ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 15 يونيو/حزيران 2022.
فقد مات عشرات الملايين من الناس على الأقل عندما انتشر الطاعون الأسود "الدبلي" عبر القارات، ربما من خلال طرق التجارة. ورغم الجهود المكثفة للكشف عن مصدر التفشي، فإن الافتقار إلى أدلة مؤكدة ترك السؤال مفتوحاً.
قال البروفيسور يوهانس كراوس، من معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في لايبزيغ: "لقد حددنا الأصل في الزمان والمكان، وهو أمر رائع حقاً. وجدنا ليس فقط سلف الموت الأسود، ولكن أيضاً سلف غالبية سلالات الطاعون المنتشرة في العالم اليوم".
اجتمع الفريق الدولي معاً للعمل على حل لغز أصل الطاعون الأسود عندما اكتشف الدكتور فيليب سلافين، المؤرخ في جامعة ستيرلنغ، دليلاً على زيادة مفاجئة بالوفيات في أواخر ثلاثينيات القرن الثالث عشر في مقبرتين بالقرب من بحيرة إيسيك كول في شمال قيرغيزستان حالياً.
من بين 467 شاهد قبر مؤرخاً بين 1248 و1345، تتبَّع سلافين زيادة كبيرة في الوفيات، مع 118 حجراً مؤرخاً في 1338 أو 1339. ذكرت النقوش على بعض شواهد القبور سبب الوفاة، باسم مصطلح باللغة السريانية يعني "الوباء".
كشف مزيد من الأبحاث أن المواقع قد نُقِّبَ عنها في أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر، مع إزالة نحو 30 هيكلاً عظمياً من قبورهم. بعد دراسة مذكرات الحفريات، تتبَّع سلافين وزملاؤه بعض البقايا وربطوها بشواهد قبور معينة.
ثم انتقل التحقيق إلى المتخصصين في الحمض النووي القديم، وضمن ذلك كراوس والدكتورة ماريا سبيرو في جامعة توبنغن بألمانيا. استخرجوا مادة وراثية من أسنان سبعة أفراد دُفنوا في المقابر. ثلاث منها تحتوي على حمض نووي من بكتيريا يرسينيا الطاعونية، التي تسبب الطاعون الدبلي.
وجد التحليل الكامل لجينوم البكتيريا أنها كانت سلفاً مباشراً للسلالة التي تسببت في الموت الأسود بأوروبا بعد ثماني سنوات، ونتيجة لذلك، ربما كانت سبب الوفاة لأكثر من نصف سكان القارة في العقد التالي أو نحو ذلك.
كما قال العلماء إن أقرب قريب حي للسلالة وُجِدَ الآن بالقوارض في المنطقة نفسها. ورغم أن الناس لا يزالون يُصابون بالطاعون الدبلي، فإن النظافة الأفضل والقضاء على براغيث الفئران التي يمكن أن تنقل العدوى إلى البشر، قد حالا دون اندلاع مزيد من أوبئة الطاعون الفتاكة.