بدأت محكمة في العاصمة اليابانية طوكيو هذا الأسبوع جلسات استماع للنظر في دعوى قضائية تطالب بتعويض قدره 5 ملايين دولار عن ستة أشخاص كانوا أطفالاً في فوكوشيما في وقت وقوع كارثة محطة الطاقة النووية عام 2011، وأصيبوا لاحقاً بسرطان الغدة الدرقية.
صحيفة The Telegraph البريطانية، نشرت تقريراً الأحد 29 مايو/أيار 2022، ذكرت فيه أن المدعوين حركوا الدعوى القضائية ضد مشغل المحطة النووية، قائلين إن الإشعاع المنبعث في الحادث تسبب في مرضهم، وهي الدعوى الجماعية الأولى من نوعها التي يرفعها سكان فوكوشيما بشأن مشاكل صحية بزعم أنها مرتبطة بالكارثة، بحسب محامين.
الصحيفة أشارت إلى أن الأشخاص- الذين كانت تتراوح أعمارهم بين 6 و16 عاماً في ذلك الوقت- كانوا يعيشون مع تأثيرات هذا اليوم منذ ذلك الحين.
وقد اُستؤصلت الغدة الدرقية لأربعة منهم تماماً وسيحتاجون إلى تناول الأدوية الهرمونية لبقية حياتهم. أما الاثنان الآخران فقد أُزيلت أجزاء من الغدة الدرقية لديهما. وقال أحد المدعين إن السرطان انتشر إلى رئتيهما.
وفي شهادة امرأة في العشرينيات من عمرها قالت: "بسبب العلاجات، لم أتمكن من الالتحاق بالجامعة، أو مواصلة دراستي من أجل وظيفتي المستقبلية، أو الذهاب إلى حفلة موسيقية. كان عليّ التخلي عن كل شيء".
تبدو قصصهم مقنعة، ولكن يتعين على النساء الأربع والرجلين الإدلاء بشهادتهم دون الكشف عن هويتهم في هذه القضية التاريخية، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الكثير من الناس ببساطة لا يصدقونهم.
ثقافة التمييز
لكن ثقافة التمييز وسوء الفهم حول السرطان في اليابان والتي تعود إلى تفجيري هيروشيما وناغازاكي عام 1945 تعني أنهما أصبحا هدفاً للإساءة الخبيثة عبر الإنترنت.
فقد طرح البعض أنهم يبالغون أو يتصنعون المرض. واتهمهم آخرون بالإضرار بسمعة فوكوشيما، التي حاولت جاهدة إعادة تحسين صورتها منذ الكارثة.
وفي وقت سابق، قالت إحدى الرسائل التي نُشرت على أحد مواقع فوكوشيما المحلية على الإنترنت إن اللوم يقع على آباء المدعين لأنهم فشلوا في إجلاء الأطفال فور وقوع الكارثة.
وقال شخص آخر إن "جماعة يسارية مناهضة لليابان" شجعت القضية.
وسوف يجادل محامو المدعين بأن فحص 380 ألف طفل محلي منذ عام 2011 قد حدد حوالي 300 حالة إصابة بسرطان الغدة الدرقية. وهم يقولون إن معدل الإصابة هذا البالغ 77 حالة لكل 100 ألف شخص أعلى بكثير من المعدل النموذجي بحالة أو حالتين لكل مليون، ولا يمكن ربطه إلا بالإشعاع الناتج عن الحادث. وقد لوحظ نمط مماثل بين الأطفال في أعقاب كارثة تشيرنوبيل النووية في أوكرانيا عام 1986.
وقد أكدت شركة TEPCO دائماً أنه لا توجد صلة بين تسرب الإشعاع من المصنع والارتفاع المفاجئ في حالات السرطان، مضيفة أن الاختبارات التي أجريت على 1080 طفلاً من ثلاث مدن حول المصنع أظهرت عدم تلقي أي شخص أكثر من 50 ملي سيفرت من الإشعاع، وهو الحد السنوي للعاملين في المجال النووي.
تشويه السمعة
وقد أدت محاولات الشركة لتشويه سمعتهم إلى زيادة العداء واسع النطاق تجاه المدعين.
من جانبه، قال تشيساتو كيتاناكا، أستاذ مشارك في علم الاجتماع في هيروشيما، لصحيفة The Telegraph: "لقد نبذت بقية اليابان الناس في هيروشيما بعد القصف الذري للمدينة في عام 1945 لأنهم لم يفهموا شيئاً عن الإشعاع وكانوا يخشون أن يصابوا به كمرض".
وأضاف: "لا يمكننا أن نقول إن الناس لا يفتقرون إلى المعلومات المتعلقة بقضية فوكوشيما، لكن لا يزال التمييز ضد هؤلاء الأشخاص. إنهم يهاجمونهم لأنهم يفضلون تصديق شركة TEPCO أو لأنهم يدعمون خطة الحكومة لإعادة تشغيل المفاعلات النووية في البلاد".