حدَّد العلماء "الجزيء المُحفِّز" الذي يجعل الأشخاص الذين تتأثر حاسة الشم لديهم بسبب فيروس كورونا، يشمون الروائح الطيبة وكأنها رائحة قمامة محروقة، أو مياه صرف صحي، وفق ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 25 مايو/أيار 2022.
يعد فقدان حاسة الشم أحد الأعراض المُحَدِّدة لفيروس كورونا؛ إذ تشير التقديرات إلى تأثر نحو 18% من البالغين في المملكة المتحدة. ويعاني بعض الأشخاص أيضاً من اضطرابات في حاسة الشم -وهي حالة تُعرف باسم باروسميا- لكن الأساس البيولوجي لذلك ظل لغزاً.
جزيء يؤثر على حاسة الشم
حدَّد العلماء جزيء الرائحة شديد القوة، الذي يبدو أنه مُحفِّز لشعور الاشمئزاز الذي يعاني منه العديد من المصابين بالباروسميا.
حيث وصف الذين لديهم حاسة شم طبيعية الجزيء، المسمى "2-فورانميثانيثيول"، الموجود في القهوة، بأنه يشبه القهوة أو الفيشار، لكن أولئك الذين يعانون من الباروسميا وصفوا رائحته عادةً بأنها مثيرة للاشمئزاز أو مقرفة أو قذرة.
إذ قالت الدكتورة جين باركر، مديرة مركز Flavour Centre في جامعة ريدينغ البريطانية، التي شاركت في إعداد البحث: "هذا دليل قوي على أنَّ هذا الشعور ليس وهماً، بل الشعور بالاشمئزاز يمكن أن يرتبط بالمركبات في الأطعمة التي تشوهت رائحتها. ومن المؤكد أنَّ الجهاز العصبي المركزي يشارك أيضاً في تفسير الإشارات التي يتلقاها من الأنف".
وفقاً لمسح دولي حديث، عانى نحو 10% من المصابين بفقدان الرائحة المرتبط بـ"كوفيد-19″ من الباروسميا في أعقاب المرض مباشرةً، وارتفع هذا إلى 47% عند مقابلة المستجيبين مرة أخرى بعد ستة أو سبعة أشهر.
من أكثر محفزات الباروسميا شيوعاً القهوة والشوكولاتة واللحوم والبصل ومعجون الأسنان. وبحثت الدراسة الأخيرة ما إذا كانت هناك مركبات معينة ضمن هذه المواد هي المسؤولة.
كيف توصل العلماء لهذه النتيجة؟
من خلال عزل رائحة القهوة تمكّن الفريق من اختبار مركبات القهوة الفردية على متطوعين مصابين بالباروسميا، ومقارنة رد فعلهم مع غير المصابين.
كما أشارت الدراسة إلى أنه من بين مئات المركبات العطرية الموجودة في القهوة يمكن للأشخاص الذين يعانون من الباروسميا الإشارة إلى المركبات المسؤولة عن الشعور بالاشمئزاز.
فيما وجد العلماء 15 مركباً شائعاً لدى 29 متطوعاً تُسبِّب الباروسميا، والمسبب الرئيسي لها هي مادة كيميائية تسمى "2-فورانميثانيثيول"، التي قال 20 من المتطوعين إنَّ لها رائحة كريهة.
حيث يحتوي الأنف على أكثر من 400 نوع مختلف من المستقبلات الشمية في الأنف، كل منها حساس للروائح المختلفة.
كما تحتوي المادة الكيميائية "2-فورانميثانيثيول" على حد منخفض بدرجة استثنائية لاكتشافها، ومن المحتمل أن تكون واحدة من أولى المواد الكيميائية التي تظهر على رادار الشخص بعد فقدان حاسة الشم.
قالت الدكتورة جين باركر، إنَّ الدماغ يبدو أنه يخطئ في تصنيف الرائحة، لكن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لفهم هذا العنصر.
فيما أشارت الورقة البحثية إلى أنَّ أولئك الذين يعانون من باروسميا يمكن أن يستقبلوا أيضاً الروائح الكريهة بشكل مختلف، على سبيل المثال وصفوا رائحة البراز بأنها "أقل سوءاً أو تنفيراً".