البشر دائماً في حالة حرب مع المرض؛ من أسلحة المضادات الحيوية على البكتيريا واللقاح ضد الفيروسات وأطنان الصابون المضاد للبكتيريا ومعقم اليدين، فإن المعركة بين البشر والطفيليات لها جذور قديمة. لكن البشر ليسوا وحدهم من يعانون من هذا العدو المجهول، إذ تواجه الحيوانات أمراضاً وتهديدات صحية لا تعد ولا تحصى، بل تتضرر القردة والتريلا كثيراً من فيروس الإيبولا والإرهاب الرئوي وغيرهما.
وبينما يلجأ البشر إلى الرعاية الطبية، يطرح سؤالٌ نفسه: كيف تحمي الحيوانات نفسها من الأمراض؟
أمراض الحيوانات والوقاية الذاتية
يقول العلماء إن الحيوانات طورت آليات لحماية نفسها من العدوى والأمراض منذ قديم الزمن، وهي آليات دفاع تناقلتها من جيل إلى آخر، وتمارسها بكل تلقائية وعفوية.
سمك السلمون يستعين بسمك للتنظيف
للوقاية ضد الأمراض، يستدعي سمك السلمون الصغير جيشاً من المساعدين. فسمك السلمون الصغير ليس قوياً بما يكفي لمكافحة قملة السلمون أو قملة البحر، ويمكن أن يموت من الجروح الملتهبة.
وقمة السلمون الطفيلية نوع من القشريات الصغيرة تطفو على البحر مع جميع أنواع العوالق الأخرى. في عام 2007، تسبب انتقال قمل البحر من المخزونات البرية في تفشي مرض يسمى فقر دم السلمون المعدي بين سمك السلمون الموجود في المزارع.
لكن سمك السلمون وغيره من أنواع السمك، يتفاعل بشكل تكافلي مع أنواع الأسماك الأخرى الأصغر التي تتغذى على قمل البحر من جلدها، مثل سمك رأس الوقواق وطباخ الصخور وغيرها التي تلعب دور سمك التنظيف.
تحصل الأسماك المنظفة على وجبة لذيذة، بينما يحمي السلمون صغاره من الأمراض.
النمل يدفى الموتى منعاً لانتشار البكتيريا
عندما يموت أحد أعضاء المستعمرة، يبذل النمل قصارى جهده لإزالة الجثة الميتة بعيداً عن المستعمرة.
إذ كشفت دراسة حديثةٌ السبب الفعلي لهذه الممارسة وهو حماية سائر النمل من الأمراض، حسب مجلة Biology Letters العلمية.
في تجربة أقيمت في بلجيكا، قسم مجموعتان من النمل، الأولى كانت لها حرية التخلص من جثث النمل الميت، بينما قُيّدت المجموعة الأخرى من فرص التخلص من النمل الميت.
ولاحظ العلماء نقل النمل الأكبر حجماً الجثث إلى أطراف الحاوية، بعيداً عن درب الباقين، كما عثر النمل على بعض القطن، فوضعوا الجثث تحت القطن لإقصائها.
وأظهرت الدراسة أن مجموعة النمل التي نقلت الجثث بعيداً كانت فرص بقائها على قيد الحياة أعلى من مجموعة النمل التي نقلت الجثث داخل الحاوية المنغلقة نتيجة تعرضها لطفيليات معدية.
الدلافين تعتني بجلدها الناعم
لاحظ علماء البحار سلوكاً غريباً لدى سمك الدلفين يدفعها إلى التوجه إلى الشعب المرجانية وفرك جسمها بقاع المحيط.
وتوصل علماء من جامعة زيورخ الألمانية، إلى أن هذا السلوك ما هو إلا زيارة لما يشبه الصدلية المحلية في قاع البحر، حيث تفرك الدلافين أجسامها بالشعاب المرجانية الجورجونية الناعمة والمرجان المصنوع من الجلد الأكثر ثباتاً والإسفنج المدقق، وفقاً لمجلة Popular Science.
حتى إن بعض الدلافين تقطف المرجان الجلدي من قاع البحر، وتحتفظ به في أفواهها، ثم تلوح به حتى تنضح مادة صفراء وخضراء وتلطخ أنوفها وأجسادها.
وحلل العلماء أن اللافقاريات مثل إسفنجة البحر مركبات مضادة للبكتيريا تطلقها في الماء لتمنح الدلافين بشرة صحية.
ووجدت دراسات سابقة أن الدلافين معرضة لأمراض الجلد مثل عدوى فيروس الجدري أو الأمراض الفطرية مثل داء الفصيص، وفقاً لتقارير Science.
القطط والسنوريات تلعق نفسها وقاية
عندما تلعق القطط جلدها، فإن ألسنتها الشبيهة بالأشواك تحفز الغدد الدهنية في قاعدة فروها وتنشر الزهم الناتج في جميع أنحاء الفرو.
روتينها اليومي ورعايتها لبشرتها يساعدان أيضاً في التخلص من الأوساخ والطفيليات مثل البراغيث، التي قد تصيبها بالأمراض.
علاوة على ذلك، ونظراً إلى أن القطط لا تملك غدد تعرق، فإن لعابها يساعدها إلى حد ما على البرودة في الأيام الحارة.
كما يلاحظ أصحاب القطط المنزلية تناولها بعض الأعشاب أحياناً، ويفسر أطباء الحيوانات هذا السلوك بأنه لتعزيز صحة الجهاز الهضمي أو للمساعدة في التقيؤ والتخلص من اضطراب في المعدة.
الفيلة وتسريع طلق الولادة
حتى الأفيال الإفريقية تداوي ذاتها بذاتها، ففي الفترة الأخيرة من الحمل، تبدأ الإناث في مضغ أوراق شجرة معينة للحث على المخاض، وتبين أن النساء الكينيات يصنعن الشاي من الشجرة ذاتها للغرض نفسه.
القرود ومكافحة العدوى بالنبات المُر
غالباً ما تستهلك القردة العليا نباتات ليست لها قيمة غذائية ولكن لها آثار مفيدة على حموضة الأمعاء أو مكافحة العدوى الطفيلية المعوية.
تختار الشمبانزي أحياناً الأوراق مُرّة الطعم لمضغها. تنخفض الإصابة بالطفيليات بشكل ملحوظ بعد مضغ الشمبانزي أوراق اللب التي لها نشاط مضاد للطفيليات ضد البلهارسيا والمتصورة والليشمانيا.
لا تأكل قردة الشمبانزي هذا النبات بشكل منتظم، ولكن عندما تتناوله، غالباً ما يكون بكميات صغيرة من قِبل الأفراد التي يبدو عليها المرض.