تضرب العواصف الترابية والرملية الكثير من البلدان العربية بمعدل سنوي تقريباً. ورغم أنها ظاهرة أصبحت متوقعة وشبه اعتيادية، إلا أن تزايد عدد مرات حدوثها وشدتها أصبح مثيراً للقلق وحتى الذعر، وبات يسبب في بعض الأحيان إعلان حالة الطوارئ والإغلاق الكامل في المنشآت والمؤسسات العامة.
كما تعتبر دول شبه الجزيرة العربية من أبرز المناطق التي تتعرض لهذه العواصف الشديدة في الشرق الأوسط، وعلى رأس القائمة تأتي العراق التي تضربها عواصف شديدة وواسعة النطاق تصل للسعودية والكويت.
نشرح في هذا التقرير أسباب وآلية حصول العواصف الترابية بشكل عام، كما نتناول أسباب ازدياد وتيرة حدوثها وشدتها، خاصة في بلاد الشرق الأوسط كالعراق.
لماذا تحصل العواصف الترابية بشكل عام وما هي آليتها؟
تعتبر العواصف الرملية والترابية أحد أكثر المخاطر الجوية شيوعاً، وتحدث بشكل رئيسي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.
تتسبب العواصف الرعدية أو التفاوت الشديد في الضغط المرتبط بالأعاصير بحدوث العواصف الترابية لأنها تزيد سرعة الرياح فوق المناطق الشاسعة.
تحمل هذه الرياح القوية بدورها كميات كبيرة من الرمال والأتربة من الأراضي الجرداء في الغلاف الجوي، ثم تنقلها عبر مسافات تصل إلى مئات بل وآلاف الكيلومترات.
وتشكل المصادر الرئيسية لهذه الأتربة المناطق القاحلة في شمالي إفريقيا، وشبه الجزيرة العربية، ووسط آسيا، والصين، ثم تأتي بدرجة أقل، استراليا وأمريكا وجنوب إفريقيا، وفقاً لموقع لمنظمة الأرصاد الجوية العالمية.
وبعد أن ترتفع الجزيئات الترابية إلى طبقات عليا من الغلاف الجوي بسبب التيارات الجوية الصاعدة، تنقل الرياح هذه الجزيئات لفترات متفاوتة قبل أن تهبط إلى السطح مرة أخرى.
ولأن الجزيئات الكبيرة تسقط أسرع من الجزيئات الصغيرة، يحدث تحول خلال عملية الانتقال نحو الجزيئات الأصغر. مما يجعل فترة بقاء الجزيئات الترابية في الغلاف الجوي تتراوح من عدة ساعات بالنسبة إلى الجزيئات التي يتجاوز قطرها 10 ميكرومترات، إلى أكثر من 10 أيام للجزيئات التي يقل قطرها عن ذلك.
3 عوامل أساسية سببت ارتفاع وتيرة العواصف الرملية في العراق
في لقاء له مع وكالة الأنباء العراقية، قال وكيل وزارة الزراعة، ميثاق عبد الحسين إن "مشكلة التصحر ليست مشكلة تتعلق بالعراق فقط، وإنما هي مشكلة إقليمية مرتبطة بالتغيرات المناخية".
وأضاف أن شُح الامطار أدى الى جفاف وقلة في الغطاء النباتي، خصوصاً بالمناطق المكشوفة في الصحراء غرب العراق وهي ممتدة إلى دول الجوار أيضاً، وبدأت تشكل ظاهرة مناخية حادة تؤثر على المنطقة بأكملها مما يقتضي جهداً مشتركاً بين جميع الدول فيها وليس على العراق فقط.
وأشار إلى أن "الارتفاعات العالية للعواصف الغبارية تجعل من الأحزمة الخضراء محدودة التأثير في التصدي لها أو تقليل أثرها".
ووفقاً لوكيل وزارة الزراعة، هناك 3 عوامل أساسية تتسبب بحدوث العواصف الترابية الشديدة وهي: قلة الأمطار وقلة الموارد المائية من بلدان المصب وخفض الخطة الزراعية.
وتعتبر مشكلة قلة الأمطار هي المسبب الرئيسي، لأنها تؤدي لقلة المناطق "الرعوية" وجفاف البحيرات والأنهار داخل البلاد وفقدان تماسك التربة. وجميعها عوامل كبيرة ساهمت بشكل مباشر بتشكل العواصف الترابية.
وقال مدير أعلام الهيئة، عامر الجابري، في تصريح للمركز الخبري الوطني العراقي، إن "العواصف الترابية تأتي من قبل المناطق الغربية نتيجة قلة الأمطار وهشاشة التربة في تلك المناطق؛ مما يجعلها تتأثر بالموجات الهوائية وتولد عواصف ترابية ضخمة".
لكن اللوم لا يقع فقط على المناخ الجاف؛ إذ إن التجريف الجائر للبساتين لأغراض السكن ساهم بصورة كبيرة في تقليل الغطاء النباتي، وبالتالي منع وجود حواجز تمنع أو تخفف من هذه العواصف.
كما أن تأخر تنفيذ الخطط الخاصة بمكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية بسبب قلة التخصيصات المالية، وتأخر إقرار الموازنة ساهم في ازدياد العواصف وشدتها.
ظاهرة "لانينا" قد تكون أحد العوامل المسببة للعواصف الترابية
"ظاهرة لانينا" هي عبارة عن انخفاض شديد في درجات الحرارة لسطح المياه في المحيط الهادي بالتحديد في المنطقة الاستوائية منه.
أي أن سطح مياه المنطقة الاستوائية سيشهد تبريداً ملحوظاً يرجع إلى انخفاض الضغط الجوي في شمال قارة أستراليا وارتفاعه في شرق المحيط الهادئ، مما يعمل على زيادة نشاط الرياح، كما يوضح موقع Climate.
تؤثر ظاهرة لانينا بصورة غير مباشرة على انخفاض درجة الحرارة لسطح مياه القسم الغربي من بحر العرب والمحيط الهندي؛ مما يسبب تناقضاً في مقدار بخار الماء وحركة التيارات النفاثة في الطبقة المناخية العليا للغلاف الجوي.
ووفقاً لموقع الجزيرة نت، فإن هذه الظاهرة تؤثر على العراق طوال فترة الخريف والشتاء والربيع، وتتسبب بحدوث المنخفضات الجافة المصحوبة بالغبار والتي تتحول إلى عاصفة رملية.