لا يخفى على أحد كيف يتردد ولي عهد الإمارات، حاكم أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان على المغرب، كما لا يخفى على أحد العلاقة الخاصة التي تجمعه بملك المغرب محمد السادس.
عاش محمد بن زايد فترة مهمة من طفولته في المغرب، فقد كان صديقاً مقرباً للملك محمد السادس، يدرسان في نفس الفصل، ويمارسان نفس الهوايات لسنوات في المملكة.
وظهر محمد بن زايد آخر مرة في المغرب، عندما استقبله الملك محمد السادس على مائدة إفطار شهر رمضان، التي أقيمت في قصر مدينة سلا، بحضور ولي عهد المغرب.
ويملك محمد بن زايد إقامة خاصة به وسط العاصمة المغربية الرباط، كما أن الملك يحرص على زيارته بشكل غير رسمي كلما وجد في المملكة، لكن ما سر علاقة الحاكم الفعلي بالإمارات بالمملكة وملكها؟
بن زايد ومحمد السادس.. زميلا الدراسة
عام 1975 وصل طفل يبلغ من العمر 14 سنة من أقصى الخليج إلى المملكة المغربية ليبدأ مسيرته الدراسية في المدرسة المولوية في الرباط، ولم يكن هذا الطفل سوى محمد نجل زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات.
وصل محمد بن زايد آل نهيان إلى المغرب ليدرس في أهم المدارس النخبوية في المملكة، فوالده كان يريد تهييئه للحكم، للقيادة مستقبلاً للإمارات التي حصلت على استقلالها في 2 ديسمبر/كانون الأول 1971.
وبحكم قرب السن بين الملك محمد السادس ومحمد بن زايد، فإن الأخير التحق بنفس الفصل الذي يدرس فيه ولي عهد المغرب حينها، فتتلمذا على يد أكفأ الأساتذة، الذين حرص الراحل الحسن الثاني على اختيارهم.
كانت الدروس في المدرسة المولوية صارمة ومنضبطة، فالحسن الثاني كان لا يتساهل مع الدراسة، وكان همّه الوحيد أن يُعد ابنه محمد السادس ليكون قادراً على قيادة البلاد بعده.
كانت الدروس في المغرب تنطلق على الساعة السابعة صباحاً، ولا تنتهي إلا بحلول الثامنة مساء، وكانت الحصص موزعة بين رياضيات ولغات على رأسها العربية وحفظ القرآن.
وطَّدت مقاعد الدراسة العلاقة بين بن زايد ومحمد السادس، لكن هذه الصداقة غادرت أسوار المدرسة، فبدأ الأميران يمارسان هواياتهما المفضلة معاً، من رياضة التزلج على الماء، والصيد، وركوب الخيل، وعندما يحل الشتاء، يسافران معاً إلى مدينة إفران التي تُكسى بالثلوج.
الوفاق ليس دائماً
ورغم أن هذه الصلة الشخصية لمحمد بن زايد مع المغرب، فإن وجهات النظر مختلفة بين حاكم المغرب وحاكم أبوظبي، هذا الأخير الذي أظهر في أكثر من مرة أنه لا يتوافق استراتيجياً مع الملك محمد السادس.
اختلف حاكما الإمارات والمغرب في عدة ملفات، بدءاً بالحصار الذي فُرض على قطر من طرف الدول الخليجية، والذي رفضه المغرب بطريقة غير مباشرة، سافر على إثرها الملك محمد السادس إلى العاصمة الدوحة.
كما أن المغرب كان أول وأسرع المنسحبين من تحالف التدخل العسكري ضد الحوثيين في اليمن، والذي قادته السعودية وشاركت فيه الإمارات والمملكة المغربية.
الخلاف بين الإمارات والمغرب تطور، فسحبت الرباط سنة 2020 سفيرها في أبوظبي محمد آيت وعلي، والذي ظل في منصبه أكثر من 9 سنوات، كما تم استدعاء القنصلَين المغربيَّين في دبي وأبوظبي.
ورغم هذا التباعد الذي خلفته المواقف السياسية بين الإمارات والمغرب، إلا أن محمد بن زايد كان يتردد على المملكة، ويقضي عطلته في إقامته يمارس هواياته المفضلة وهي صيد الصقور.
وعادت العلاقات بين بن زايد والمغرب بشكل عادي بعد عمليات التطبيع مع إسرائيل، وكذا رحيل حزب العدالة والتنمية المغربي من الحكم بعد هزيمته في الانتخابات الأخيرة.
ويؤكد محمد بن زايد أن علاقته مع المغرب عادت إلى طبيعتها؛ حيث اختار أن يستقبل أنطوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي في مقر إقامته وسط العاصمة المغربية الرباط.
بن زايد في المغرب
خلال فترة عيشه في المغرب، عمل محمد بن زايد آل نهيان في مطعم صغير وسط العاصمة الرباط، بطلب من والده زايد بن سلطان، الذي أصر أن يُعامل ابنه في المغرب كبقية الناس العادية، فحتى جواز سفره كان لا يتوفر على اسمه الحقيقي.
ولم يكن يعيش في القصر أو في إقامة خاصة، فحياته كانت في إقامة عادية يعيش فيها وحيداً، يغسل ملابسه بنفسه ويطبخ بنفسه طيلة وجوده في المغرب قصد الدراسة.
بالإضافة إلى ذلك، فقد شارك محمد بن زايد بالمغرب عندما كان يبلغ محمد بن سلمان سن الرابعة عشرة، في المسيرة الخضراء، عندما استجاب 350 ألف مغربي لدعوة الملك الحسن الثاني لتأكيد انتماء الصحراء الغربية للمملكة.