تختلف عادات التكاثر لدى الحيوانات من نوع إلى آخر، ولكل منها طريقته المميزة للتعبير عن الحب والرغبة في التزاوج، وتتميز الحيتان عن غيرها بأنها تسافر آلاف الأميال بحثاً عن شريك، أما قلوبها العملاقة التي قد تصل إلى حجم سيارة في بعض الأحيان فتتسع للكثير من المحبين.
التكاثر لدى الحيتان.. هجرة طويلة بحثاً عن الحب
غالباً ما تبدأ رحلة الحيتان في البحث عن شريك بمغادرة مناطق التغذية المحلية والاستعداد لهجرة طويلة إلى مناطق التكاثر؛ إذ تفضل الحيتان أن تتواجد في بيئة مثالية للتزاوج.
أما طول الرحلة فيعتمد بشكل كبير على أنواع الحيتان، فبعضها قد يسافر آلاف الأميال من مناطق التغذية إلى مناطق التكاثر (أو إلى مناطق الولادة إذا كانت الأنثى حاملاً).
فعلى سبيل المثال، يهاجر الحوت الأحدب مسافة قد تصل إلى 16000 ميل سنوياً، بين مناطق تغذيته ومناطق التزاوج الخاصة به، بينما يميل الحوت مقوّس الرأس إلى قضاء العام بأكمله في مياه القطب الشمالي، ولا يفضل الهجرة بعيداً. وتميل الحيتان القاتلة إلى الهجرة من أجل الطعام، لكنها أقل اهتماماً بمكان تزاوجها من أنواع الحيتان الأخرى.
صوم طويل في رحلة إلى خط الاستواء
في الأشهر الباردة تقل الإمدادات الغذائية للحيتان إذ تهاجر معظم الأسماك إلى أماكن أكثر دفئاً، هنا تجتمع عدة عوامل، من نقص التغذية إلى المياه المتجمدة إلى شعور الحيتان برغبة في التزاوج في هذه الفترة من العام، كل ذلك يدفع تلك المخلوقات المائية إلى بدء رحلة هجرتها حيث يكون الهدف إيجاد مكان دافئ ومناسب للتزاوج.
تسافر الحيتان باتجاه خط الاستواء بحثاً عن طقس أكثر دفئاً وبيئة مستقرة ومناسبة للتزاوج والإنجاب، حيث تهتم بعض أنواع الحيتان بالبحث عن مكان آمن بعيداً عن الكائنات المفترسة.
وخلال رحلة الهجرة الطويلة، تصوم بعض أنواع الحيتان لمدة أشهر وتعيش فقط على الدهون التي تخزنها في أجسادها.
الحصول على قلب أنثى ليس بهذه السهولة
عندما تصل الحيتان بعد رحلة شاقة أخيراً إلى منطقة التكاثر، تبدأ الحيتان الذكور بمغازلة الإناث والتنافس مع بعضها البعض للحصول على فرصة التزاوج مع أنثى.
تظهر الحيتان الذكور أحقيتها في التزاوج مع الإناث من خلال محاولة إظهار قوتها وهيمنتها وجدارتها في الحصول على الأنثى، فتتنافس فيما بينها بطرق مختلفة قد تصل إلى القتال الجسدي في بعض الأحيان.
لكن من النادر أن تتسبب الحيتان بضرر جسدي شديد لبعضها أثناء القتال على التزاوج، مع ذلك هناك بعض الأنواع التي قد تشذ عن هذه القاعدة مثل الحيتان ذات المنقار على سبيل المثال، والتي قد تتصرف بعدوانية مع بعضها لإثبات أحقيتها في التكاثر، وقد يسبب الذكور الندوب لبعضهم البعض كما قد يصل الأمر إلى أن تكسر مناقير بعضها أثناء القتال العنيف.
وبعيداً عن أعمال العنف والتنافس، يلجأ الذكور أيضاً إلى الرومانسية لكسب ود الإناث، فيحاول الذكر جذب الأنثى من خلال الغناء أو القيام ببعض الحركات مثل الاندفاع خارج الماء أو تقديم الهدايا للأنثى.
قلوب عملاقة تتسع للجميع
في عالم الحيوان يوجد العديد من الأنواع المخلصة التي لا تتكاثر مع أكثر من شريك، لكن الحيتان ليست ضمن قائمة هذه الأنواع.
من الشائع أن تتزاوج أنثى الحوت مع العديد من الذكور في موسم واحد، وذلك لزيادة فرصتها في إنتاج الذرية، كذلك تتكاثر الذكور مع أكثر من أنثى. ومن الجدير بالذكر بهذه المناسبة أن الحيتان تتمتع بقلوب ضخمة، نظراً لأحجامها كذلك، فقلب الحوت الأزرق على سبيل المثال يقارب حجم سيارة صغيرة.
ينتج الذكر أثناء التزاوج كمية كبيرة من الحيوانات المنوية التي يعتقد العلماء أنها تساعد في غسل الحيوانات المنوية التي خلفها الذكور السابقين ليزيد من فرصة تلقيح الأنثى بحيواناته المنوية الخاصة، وفقاً لما ورد في موقع Whale Facts.
يستمر موسم التزاوج عدة أشهر، مما يعطي فرصة لجميع الحيتان بإيجاد شريك للتكاثر.
وبمجرد انتهاء موسم التزاوج تعود الحيتان المهاجرة إلى مناطق تغذيتها الأصلية، حيث تهاجر الذكور أولاً ثم تتبعها الإناث الحوامل والأطفال.
الروابط الأسرية تختلف من نوع لآخر
تحمل إناث الحيتان أطفالها في أرحامها خلال فترة الحمل التي تمتد من 10 إلى 17 شهراً وتختلف من نوع إلى آخر.
ومن الشائع أن تلد أنثى الحوت في مناطق التزاوج، لكن بعض أنواع الحيتان قد يفضل الذهاب إلى مكان آخر للولادة.
ويرتبط الجنين بأمه بحبل سري يتلقى من خلاله المغذيات عبر دم الأم، كما يكون بمثابة إزالة النفايات والمواد الكيميائية السامة من الرحم.
وبعد الولادة يبقى الوليد مع أمه إلى أن يصل إلى مرحلة النضج ويصبح قادراً على الاعتماد على نفسه، فيختار إما البقاء مع والدته بضع سنوات أخرى أو ينطلق ليشق طريقه الخاص في المحيط.
مع العلم أن الذكور في بعض أنواع الحيتان تهجر عائلتها لتلد الأنثى ذريتها وتربيها بنفسها حتى تصبح قادرة على الاعتماد على نفسها، وغالباً ما تشكل الإناث مجموعات لحماية بعضها وحماية أطفالها.
لكن، بعض الأنواع الأخرى، مثل الحيتان القاتلة تشكل روابط أسرية متينة ويمكن رؤية عدة أجيال من أفراد العائلة يسبحون معاً في مجموعة واحدة، وقد تنفصل عن بعضها بشكل مؤقت فقط للبحث عن طعام أو العثور على شريك للتزاوج لأنها تفضل التزاوج مع أفراد من خارج مجموعتها.