بعد سيطرة روسيا على المفاعل.. ما هو وضع محطة تشرنوبل وهل ما زالت تشكل خطراً؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/02/25 الساعة 17:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/04 الساعة 10:08 بتوقيت غرينتش
محطة تشيرنوبيل النووية/Istock

أثار خبر سيطرة القوات الروسية على مفاعل محطة تشرنوبل ذعراً في جميع أنحاء أوروبا، حيث شهد العالم كارثة نووية هي الأكبر والأسوأ من نوعها. ولكن ما هو وضع محطة تشرنوبل حالياً، وهل تعتبر المنطقة آمنة أم ما زالت تصدر إشعاعات نووية خطيرة؟

وحسب ما قاله مستشار رئاسي أوكراني يدعى ميخايلو بودولاك، فإن حالة مرافق تخزين النفايات النووية السابقة لمحطة تشرنوبل للطاقة غير معروفة بعدما احتجزت القوات الروسية العاملين فيها في 24 فبراير/شباط 2022.

بدورها، أعلنت الوكالة النووية الأوكرانية ووزارة الداخلية الأوكرانية تسجيل مستويات إشعاع متزايدة من موقع محطة تشرنوبل، وبينما لم يذكر الخبراء في الوكالة مستويات الإشعاع الدقيقة، لكنهم قالوا إن التغيير يرجع إلى حركة معدات عسكرية ثقيلة في المنطقة ترفع الغبار المشع في الهواء، حسب موقع CNN.

وقالت وزارة الداخلية إن "الإشعاع بدأ في الزيادة. إنه ليس حرجاً بالنسبة لكييف في الوقت الحالي ولكننا نراقب".

وكشفت فيديوهات صورت دخول القوات الروسية بزيهم العسكري العادي وقد نشروا الدبابات حول المحطة، بينما يحافظ العاملون في المعمل على سير الأمور كالمعتاد.

 كارثة التسريب

ولقي أكثر من 30 شخصاً مصرعهم في أعقاب انفجار دمر مفاعل تشرنوبل رقم 4 في 26 أبريل/نيسان 1986، نتيجة خطأ بشري، بالقرب من بريبيات، بأوكرانيا. 

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الصحة العالمية، فقد توفي عدد لا يحصى من الأشخاص، بسبب الأعراض الإشعاعية في السنوات التي تلت ذلك، ناهيك بالتسبب في أمراض السرطان والإجهاض وغيرها.

أجلت الحكومة الأوكرانية وقتها نحو 135000 شخص من المنطقة، وبقيت منطقة الحظر البالغ قطرها نحو 32 كم حول المصنع، غير صالحة للسكن لعقود وخالية من الحياة البشرية.

ويُعتقد أنَّ هؤلاء الذين تعرضوا للإشعاع امتصوا 45 وحدة ريم (الريم هي وحدة قياس جرعة الإشعاع) في المتوسط، أي ما يعادل متوسط الجرعة التي امتصها الناجون بعد إسقاط القنبلة النووية على هيروشيما اليابانية عام 1945، حسبما ورد بكتاب Physics for Future Presidents: The Science Behind the Headlines للكاتب ريتشارد مولر، الأستاذ الفخري في الفيزياء بجامعة كاليفورنيا بيركلي.

في الساعات والأيام والأسابيع التي أعقبت الانفجار، لوثت العناصر المشعة وضمن ذلك البلوتونيوم واليود والسترونشيوم والسيزيوم منطقة تبلغ مساحتها حوالي 150 ألف كيلومتر مربع في بيلاروسيا وروسيا وأوكرانيا.

تم اكتشاف هذه العناصر، التي حملتها الرياح، في مناطق بعيدة مثل السويد وفنلندا وعبر نصف الكرة الشمالي.

وبحلول العام 2000 تم إغلاق المفاعلات الثلاثة الأخرى بالمحطة وإيقاف تشغيلها منذ ذلك الحين.

وفي عام 2016، تم وضع هيكل على شكل قبة ضخمة يُعرف باسم "الحبس الآمن الجديد" فوق المحطة. يهدف التصميم الضخم المقوس إلى منع تسرب المواد الملوثة، فضلاً عن حماية المخازن من التأثيرات الخارجية، مثل الأعاصير أو العواصف الرعدية الشديدة.

وضع محطة تشرنوبل
في عام 2016، تم وضع هيكل على شكل قبة ضخمة يُعرف باسم "الحبس الآمن الجديد" فوق المحطة/ Istock

هل ما زال مفاعل تشرنوبل 4 مشتعلاً؟

لم يعد مفاعل تشرنوبل 4 مشتعلاً، وتمت تغطية المفاعل بعد الكارثة، لكنه أدى إلى تسرب نفايات نووية وكان لا بد من استبداله. تم اختبار أنظمة الغطاء الجديد للمفاعل في عام 2020، ويشار إليه أحياناً باسم "التابوت الحجري".

وتعد جميع مفاعلات المحطة الأربعة في طور التفكيك، لكن هذا العمل في حد ذاته لن يكتمل حتى عام 2064 على أقرب تقدير.

وضع محطة تشرنوبل، هل ما زالت مشعة؟

نعم، لا تزال المنطقة المحيطة بتشرنوبل مشعة. وعلى الرغم من الحظر الذي فرضته الحكومة، عاد بعض السكان إلى منازلهم، خصوصاً كبار السن.

ولا يزال 5 ملايين شخص خارج منطقة الاستبعاد في أراض شديدة التلوث، بينما يعاني مئات الآلاف من الأشخاص من الأمراض.

إلى متى ستبقى مشعة؟

من المتوقع أن تظل المنطقة غير صالحة للسكن لآلاف السنين. وحسب ما نشرته مجلة Scientific American، فإن العديد من العناصر المشعة تحللت بسرعة، لكن أخطرها (اليود 131 والسترونشيوم 90 والسيزيوم 137) لها نصف عمر 8 أيام و29 سنة و30 سنة على التوالي.

في الكيمياء، يشير تعريف نصف العمر إلى أن نصف السيزيوم الأولي يحتاج 30 عاماً كي يتحلل. بعد ذلك، سوف يستغرق الأمر 30 عاماً أخرى حتى يتحلل نصف ما بقي عند علامة 30 عاماً. ولكن في كارثة تشرنوبل، أدرك العلماء أن "نصف العمر البيئي" للسيزيوم- وهو الوقت الذي يستغرقه العنصر ليختفي فعلياً من البيئة المحلية- أطول بكثير مما كانوا يتصورون.

وكشفوا أن التلوث في إمدادات المياه تحسن بالفعل، إلا أن مستويات النشاط الإشعاعي في التربة لا تزال أعلى من نصف العمر المتوقع لمدة 30 عاماً.

السياحة في تشرنوبل

وبينما ظلت مستويات الإشعاع في المنطقة أعلى من المعتاد منذ تسرب عام 1986، إلا أنه بعد مرور 35 عاماً، بدأت المنطقة تستقطب سياحاً ضمن ما يعرف بـ"سياحة الكوارث".

الحادثة التي تم تأريخها في سلسلة HBO المصغرة في عام 2019، ساعدت في إلقاء الضوء على الكارثة من جديد وتحويل الموقع إلى نقطة جذب سياحي، وصفها نائب وزير البيئة الأوكراني بودان بوركوفسكي، في تصريحات سابقة، بأنها سياحة للتأمل في ما قد يسببه الخطأ البشري وكيفية النهوض من جديد.

وبينما ستبقى أجزاء من الموقع مشعة لعدة قرون ولكن المستويات الآن منخفضة بما يكفي للسياح لزيارتها بأمان بدون أي خطوات احترازية، كما استقطبت العلماء لدراسة تبعات الكارثة.

وأدى غياب البشر إلى ازدهار الحياة البرية، حيث تعيش الدببة وثيران البيسون والذئاب والخيول البرية وعشرات أنواع الطيور. كما أنها جذبت العلماء الذين رحبوا بفرصة دراسة كيفية استجابة الحيوانات للغياب النسبي للتطور البشري.

تحميل المزيد