أعلنت مجموعة "ميتا" المالكة لفيسبوك، الاستغناء رسمياً عن مشروع العملة الرقمية الذي أطلقته وسط ضجة إعلامية كبيرة في 2019، إذ تعتزم مؤسسة "دييم" التي كانت تعمل على مشروع العملة، بيع أصولها الرئيسية والانسحاب تماماً من المشروع، بسبب الفشل في إقناع الهيئات الناظمة به.
كانت "فيسبوك" قد خاضت مجال العملات الافتراضية، من خلال إطلاق "ليبرا" عام 2019، والتي كانت ستقدم طريقة دفع جديدة خارج الدوائر المصرفية التقليدية، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، الثلاثاء 1 فبراير/شباط 2022.
التصور الذي كانت فيسبوك قد وضعته حول طريقة الدفع الجديدة تتيح شراء البضائع أو إرسال الأموال بالسهولة والسرعة نفسيهما لإرسال رسالة فورية.
فيسبوك أثارت قلقاً بعملتها
لكن المشروع كان قد أثار منذ إطلاقه انتقادات شديدة من المصارف المركزية والهيئات الناظمة وصنّاع القرار السياسي على حد سواء، وقد أبدت هذه الجهات قلقاً بشأن المخاطر التي تهدد استقرار النظام المالي، ومكافحة تبييض الأموال أو حماية البيانات الشخصية.
في هذا الصدد، قال المحلل روب إندرله، من "إندرله غروب"، إن "فكرة صنع فيسبوك عملة مشفرة أصابت الجميع بالذعر"، وأضاف أنه "بالنسبة إلى الهيئات الناظمة، ذهب الأمر بعيداً جداً، إذ أعلنت صراحة أنها لا تثق بفيسبوك في هذا المشروع".
كذلك أثارت فكرة سعي "فيسبوك" إلى سك النقود بالطريقة المعتمدة نفسها من البنوك المركزية، استياء هيئات ناظمة كثيرة، فبعد انسحاب شركاء رئيسيين مثل PayPal وVisa وMastercard، سرعان ما خفضت المؤسسة طموحاتها، قبل اعتماد اسم Diem في نهاية 2020.
من المقرر أن تبيع "دييم" حقوق الملكية الفكرية والأصول الأخرى للشركة في مقابل 182 مليون دولار، إلى مصرف "سيلفرغيت كابيتال كوربوريشن" المتخصص في العملات الرقمية.
المدير العام لمؤسسة "دييم" ستيوارت ليفي، قال إنه "منذ البداية سعى مشروع دييم إلى الإفادة من مزايا تقنية بلوكتشين (سلسلة الكتل) لتصميم نظام دفع أفضل وأكثر شمولاً"، وأشار إلى أن المؤسسة تمكنت من بناء واختبار نظام مدفوعات قائم على تكنولوجيا تدير أيضاً عملة البيتكوين، وتتضمن ضمانات ضد استخدامها من قبل جهات إجرامية.
أشار ليفي إلى أنه في الوقت نفسه سعت مؤسسته "بصورة فاعلة للحصول على تعليقات من الحكومات والهيئات التنظيمية في كل أنحاء العالم، وقد تطور المشروع وتحسن بشكل كبير بنتيجة ذلك".
لكن في النهاية انهارت المحادثات وباتت "أفضل طريقة للمضي قدماً تتمثل في بيع أصول مجموعة دييم"، وفقاً لليفي، الذي أوضح أيضاً أن المؤسسة والشركات التابعة لها ستبدأ في التفكك "في الأسابيع المقبلة".
المحلل إندرله علّق على قرار مؤسسة دييم قائلاً: "على حد علمي، دييم ماتت"، واعتبر أن سمعة "فيسبوك" تراجعت إلى نقطة "ستواجه فيها صعوبة بالغة في القيام بمشروع كبير".
التركيز على "التيافيرس"
أما محللة الاستراتيجيات الإبداعية كارولينا ميلانيزي، فأشارت إلى أن "ميتا" قررت "تقليص خسائرها والتركيز على المشروع الأهم لديها"، أي عالم ميتافيرس الموازي.
كانت فيسبوك قد وظّفت 10 آلاف شخص من الاتحاد الأوروبي لتطوير تقنية الواقع الافتراضي، بحسب ما أعلن مارك زوكربيرغ مؤسس الشركة، والذي تحدّث في وقت سابق عن استثمارات ضخمة في تقنية الميتافيرس.
المقصود بالميتافيرس هو العوالم الافتراضية، وبشكل عام هذه التقنية موجودة بالفعل منذ سنوات وتستخدم بالأساس في ألعاب الفيديو، لكن ما يتحدث عنه خبراء التكنولوجيا الآن أمر مختلف، يهدف إلى جعل الميتافيرس وكأنها نسخة منقحة من الواقع الافتراضي.
يعتقد كثير من الخبراء أن الميتافيرس قد يصبح الثورة القادمة في مستقبل الإنترنت، فخلال هذا العالم الافتراضي الجديد يمكن أن تجد أي شيء، كالعمل واللعب، والحفلات الموسيقية، والذهاب إلى دور السينما، أو مجرد الالتقاء بالأصدقاء.