من منا لا ينتظر بفارغ الصبر إزالة تغليف إحدى منتجاته القابلة للكسر بسرعة فقط لكي يحظى بمتعة فرقعة ورق التغليف المليء بالهواء؟ نعم، جميعنا يجب ورق الفقاعات للتغليف، ولا نستطيع تمالك أنفسنا أمامه.
هناك شيء مُرضي للغاية حول هذا الموضوع. وقد اتضح أن هناك بعض العلم وراء الارتباط البشري بهذه العادة المثيرة للاهتمام.
إذ يعتقد بعض الخبراء أنه يشبه حاجة البشر إلى تعديل جلستهم بين الآن والآخر، أو التقلُّب في الفراش أثناء النوم.
ميلنا للعب بورق الفقاعات للتغليف يشبه رغبتنا في التململ
هل تنقر بقلمك على الطاولة في اجتماع طويل أو تهز ساقيك أثناء الجلوس والاستماع لشخص يتحدث؟ ربما تحب الرسم في زوايا دفاترك أو الضغط على كرة الإجهاد عند التركيز في مهمة ذهنية. هذه الحركات الصغيرة كلها أنواع من التململ. وهي تطابق رغبتنا في تفجير ورق الفقاعات للتغليف بشغف كبير.
بينما يعتقد بعض الناس أن التململ يصرف الانتباه ويشتته، فقد ثبت في الواقع أنه يزيد من قدرة الإنسان على التركيز والانتباه. كما أنه يساعد في الاحتفاظ بالمعلومات.
وبالمثل، كشفت دراسة علمية نشرها موقع Woderopolis أن الناس شعروا بمزيد من اليقظة والانتباه بعد فرقعة قطعة كبير من ورق الفقاعات للتغليف.
وأظهرت النتائج أيضاً أن الأشخاص الذين قاموا بفرقعة الفقاعات أصبحوا أكثر هدوءاً بعد ذلك من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك.
لذلك، مثله مثل التململ، قد تؤدي فرقعة أكياس التغليف الفقاعية إلى زيادة قدرة الأشخاص على الانتباه وتذكر ما تعلموه عندما يمارسون هذا النشاط عند تلقي معلومات معينة أو الانخراط في مهمة تستلزم بذل الجهد الذهني.
وأوضح الخبراء أيضاً في ذات البحث، أن الاستمتاع باللعب بورق الفقاعات للتغليف قد يكون مرتبطاً بالنظرية التطورية للإنسان. بمعنى أن العقل البشري مجبول على الاستمتاع بمثل تلك النشاطات.
ونظراً لأن البشر الأوائل كانوا متأهبين في أي لحظة ومستعدين للهروب من حيوان مفترس، اليوم يقضي الناس الكثير من الوقت جالسين ومرتاحين، خاصة خلال ساعات المدرسة وساعات العمل. نتيجة لذلك، قد يبني الجسم الكثير من توتر العضلات والضغط العصبي نتيجةً لقلة الحركة.
وبالتالي تساعد فرقعة ورق الفقاعات للتغليف على استرخاء هذا التوتر العضلي، ما يقلل بدوره من التوتر والقلق.
يعزز الحصول على دفعات من الدوبامين اللذيذ في الدماغ
في الواقع، أظهرت الأبحاث أيضاً أنه في بعض الأحيان يتلقى الدماغ البشري مواد كيميائية جيدة مثل الدوبامين بعد فرقعة قطع من ورق غلاف الفقاعات الهوائية. لذلك قد يكون هذا هو سبب الشعور بالرضا بعد ممارسة هذه الهواية الغريبة.
وبالفعل، أظهر بحث نشره موقع The Cut المعرفي، أن الطلاب الجامعيين الذين قاموا بفرقعة صفحتين من ورق الفقاعات للتغليف، شعروا جميعاً بأنهم أكثر هدوءاً وانتباهاً من غيرهم.
كما أبلغوا عن مستويات أعلى من الهدوء واليقظة في تلقي العلم مقارنة بالمجموعة التي لم يتم منحها ورق الفقاعات.
وبالعودة إلى نظريات روبرت إي ثاير، عالم النفس الذي درس التفسيرات البيولوجية للحالات المزاجية، هناك اعتقاد واسع أن الأمر يتعلق باستجابة بشرية طبيعية جداً للإجهاد.
ففي حالة الخطر الحقيقي، تحتاج للهدوء والاستقرار لكي تقرر هل من الأفضل القتال أو الفرار؟ قد يحدث شيء مشابه عندما يكون الناس متوترين أو منفعلين خلال حياتهم اليومية، وبالتالي يمكن أن تكون تلك الحركات العصبية الصغيرة مثل النقر بالأصابع أو هز القدم أو فرقعة ورق الفقاعات، طرق للتخلص من هذا التوتر العضلي ما يساعد على تقليل الشعور بالتوتر.
يرتبط تفسير آخر لمتعة فرقعة ورق الفقاعات الهوائية للتغليف، وهو والأكثر إثارة للاهتمام، إلى الشعور بنشوة الدماغ عند القيام بفرقعة تلك الأغلفة.
وعندما تقوم بفرقعة الورق، فإن عقلك يشعر بالرضا تماماً كما يحدث عندما تمارس الجنس. وفي بحث بمجلة Deccan Chronicle، تُعرف هذه الظاهرة باسم ASMR، بمعنى "أوج الاستجابة الحسية المستقلة"، والتي تُعرّف على أنها "الإحساس بالوخز الممتع في الرأس أو فروة الرأس أو الظهر أو المناطق الطرفية من الجسم استجابةً للمنبهات الخارجية".
وبحسب الورقة البحثية، يساعد شعور فقاعات الهواء الصغيرة في اليد، والضغط عليها، علاوةً على صوت الفرقعة، كل ذلك يعزز شعور نشوة الرأس والجسم.
حتى أن مصنعي أجهزة الكمبيوتر يعرفون أننا نتوق إلى أحاسيس لذيذة من هذا النوع: ومن هنا يأتي صوت كرات الورق المتطاير والمقرمشة عندما تضغط على زر إفراغ حاوية القمامة أو Empty Trash.
إلى هنا نستطيع أن نصدق الآن أن الأمر أكثر من مجرد شعور بالملل والرغبة في اللعب بشيء لطيف في يديك أثناء التحديق في شاشتك أثناء ساعات العمل، بل يمتلك نشاط فرقعة ورق الفقاعات للتغليف تأثيراً جسدياً مباشراً يعزز الهدوء والانتباه.
لذلك في المرة المقبلة التي تعاني فيها من التشتت والشعور بالتوتر، ربما قد يكون علاجك في الحصول على قطعة من ورق الفقاعات الهوائية والبدء في الفرقعة!