قبل أيام، أُعلن عن الموعد المحدد لإطلاق منصة ترامب للتواصل الاجتماعي Truth Social، الذي سيكون في 21 فبراير/شباط 2022، أي بعد نحو شهر من الآن، فكيف ستكون المنصة العازمة على منافسة شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل تويتر وفيسبوك، والتي منعت الرئيس الأمريكي السابق من التفاعل على منصاتها؟
منصة ترامب للتواصل الاجتماعي
منصة "الحقيقة" أو هكذا ستكون الترجمة الحرفية لمنصة Truth Social, the Trump Media & Technology Group (TMTG) التي من المفترض أن تتوفر عبر متجر تطبيقات Apple Inc بعد نحو 4 أسابيع.
ستوفر المنصة، على غرار تويتر، ميزات لمتابعة الأشخاص الآخرين والمواضيع الشائعة، ومن المتوقع أن يكون الإطلاق هو المرحلة الأولى من ثلاث مراحل في تطوير مجموعة TMTG، وتتبعها خدمات فيديو وبودكاست لتقديم محتوى ترفيهي وخبري، وفقاً لموقع الشركة.
لكن الموقع الإلكتروني للشركة لا يُظهر الكثير عن الشبكة الاجتماعية المنتظرة، وهو إما أن يكون من باب الدعاية والمفاجأة المنتظرة للشبكة الجديدة، أو إما أن يكون الإعداد متواضعاً وليس بمثابة منصة تنافس "حيتان" سوق الشبكات الاجتماعية.
حتى الآن، فإن منصة Truth Social لم يُتح إلا في نسخة تجريبية، وعند اكتشافه، اخترقه متسللون إلكترونيون على الفور وعبثوا به، حتى إن أحد المستخدمين- ويتخذ اسم Donald Trump- عمد إلى تحميل مقطع فيديو لخنزير يتغوط على الصفحة الرئيسية للموقع، بحسب تقرير سابق لصحيفة The Independent البريطانية.
منصة ترامب بعد حظر حساباته على تويتر وفيسبوك
يأتي إصدار المنصة بعد 13 شهراً من حظر فيسبوك وتويتر حسابات ترامب، بسبب تشجيعه لأنصاره على المشاركة في هجوم 6 يناير/كانون الثاني 2021 على مبنى الكابيتول الأمريكي، وذلك بسبب مزاعم عن تزوير الانتخابات الرئاسية لعام 2020، وهي المزاعم التي كرر الرئيس الأمريكي جو بايدن رفضها في ذكراها السنوية الأولى، وفق وكالة رويترز للأنباء.
دعم مُناصري ترامب في أسهم الشركة!
فيما تقدر قيمة TMTG بـ5.3 مليار دولار بناءً على سعر سهم شركة Digital World Acquisition Corp (DWAC.O)، الذي ارتفع بنسبة 20% بعد إدراج التطبيق في متجر التطبيقات.
وقد وافقت TMTG في أكتوبر/تشرين الأول على الاندماج مع شركة الشيكات على بياض Digital World Acquisition Corp بقيمة 875 مليون دولار، بعد أن استحوذ مستثمرو التجزئة من مؤيدي ترامب على أسهمها، في محاولة لدعم الرئيس الجمهوري السابق ومراهنة أيضاً على شعبية ترامب التي قد تترجم إلى نجاح تجاري كبير.
لكن صفقة الاستحواذ بشيك على بياض تواجه مخاطر تنظيمية، إذ طلبت السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارين من رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات، جاري جينسلر، الشهر الماضي، التحقيق في الاندماج المزمع لانتهاكات محتملة لقوانين الأوراق المالية المتعلقة بالإفشاء، كما لفتت صحيفة The Guardian البريطانية.
وقد جمعت المجموعة مليار دولار إضافية من مستثمرين من القطاع الخاص، وفق وكالة رويترز.
ورغم أن شركة "ترامب للإعلام والتكنولوجيا" Trump Media and Technology Group الإعلامية المملوكة للرئيس الأمريكي السابق لم تذكر شيئاً عن قيمتها السوقية، ومع ذلك فإن التقديرات تشير إلى أن قيمتها وصلت بالفعل إلى نحو 10 مليارات دولار، وفقاً لأحد التقارير، وفق تقرير نشرته صحيفة The Independent البريطانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
انتهاك اتفاقية الترخيص ودعوى قضائية قبل الانطلاق
موقع The Verge الأمريكي أوضح في، أكتوبر/تشرين الأول 2021، أنَّ مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا قد انتهكت اتفاقية الترخيص، من خلال انتزاع رمز الشبكة الاجتماعية اللامركزية Mastodon ورفض الالتزام بشروطها.
بينما يحقُّ للمنصات إعادة استخدام كود Mastodon، كما فعلت منصة Gab الأمريكية. فيما ذكرت منظمة Software Freedom Conservancy، وهي منظمة غير ربحية تفرض تراخيص برامج مجانية ومفتوحة المصدر، أن منصة ترامب يجب أن تمتثل لرخصة أفيرو العمومية Affero General Public.
في حين تتمثل أحد شروط هذه الرخصة في أنه يمكن لكل مستخدمٍ الحصول على المصدر المقابل الكامل لموقع الويب بناءً على هذا الرمز. وتوضح منظمة Software Freedom Conservancy: "هذه هي الطريقة التي تعمل بها تدابير الانتصاف في حالة عدم الوفاء بالتزامات الرخصة، بدون استثناءات، حتى لو كنت قطباً عقارياً أو نجم تلفزيون واقعي".
لكن شبكة Truth Social لا تمتثل لهذا الشرط، وانتهكت الترخيص بالإشارة إلى خدماتها على أنها "ملكية خاصة". وهذا يُظهر فشل المنصة في الإشارة إلى أنها حصلت على ترميزها من مكان آخر.
إلا أن المنصة حاولت أيضاً إزالة الإشارات التي من شأنها جعل تزوير رمز Mastodon المزعوم واضحاً؛ فقد جعلت "رؤية" شعار Mastodon مُدرَجاً على أنه خطأ، بحسب موقع The Verge الذي لاحظ أنَّ هناك أوجه تشابه بصرية وإشارات مباشرة إلى Mastodon في لغة ترميز النص الفائق للموقع.
بينما تصر منظمة Software Freedom Conservancy على أنَّ مجموعة ترامب للإعلام تتيح لجميع المستخدمين الوصول إلى رمز مصدر Truth Social. وإذا فشلت في فعل ذلك، فستُسحَب من المنصة الحقوق والتراخيص الخاصة ببرنامج Mastodon نهائياً، وهو الأمر الذي قد يجبر المجموعة على إعادة بناء المنصة بأكملها.
أما في حال فشل منصة ترامب في الامتثال لتلك الشروط والضوابط، فقد ترفع منظمة Software Freedom Conservancy دعوى قضائية لانتهاك شروط الترخيص المستخدم.
من جهته، قال مؤسس Mastodon، يوجين روشكو، إنَّ منصة Truth Social يبدو أنها تستند "تماماً" إلى رمز شركته، لافتاً إلى أنه يعتزم التماس مشورة قانونية بشأن هذا الموقف.
كما أشار موقع Business Insider إلى أنَّ منصة الوسائط الاجتماعية الجديدة الخاصة بترامب تحمل شبهاً واضحاً مع منصة "تويتر".
فيما وجد مستخدمو تويتر طريقة لإنشاء حسابات وهمية لترامب ونائبه مايك بنس على موقع Truth Social، وذلك بعد وقت قصير من إطلاق النسخة التجريبية.
أكبر منصة لـ"المحافظين الأمريكيين"
لم يتضح حتى الآن كيف سيكون أداء منصة التواصل الاجتماعي الجديدة الخاصة بترامب، لكن لا يُستبعد منطقياً أن ينضم ثلث -أو ربما أكثر- من مؤيديه إلى الموقع، ومع ذلك فإن المواقع التابعة للقواعد المحافظة من الجمهور الأمريكي والمُحاكية لمواقع التواصل، مثل فيسبوك وتويتر، كانت دون التوقعات حتى الآن.
وتضم القائمة موقع Frank الذي صممه مايك ليندل، الرئيس التنفيذي لشركة My Pillow، فمع أن الموقع رُوج له كثيراً، فإنه فشل في التحول إلى منصة أساسية لجمهوره أو استقطاب تفاعل كبير لمستخدميه. كما سبق أن دخل جيسون ميلر، المتحدث السابق باسم حملة ترامب، إلى ساحة وسائل التواصل الاجتماعي بموقعه Getter، لكن المحليين يتوقعون أن العدد المحدود من المستخدمين الذين يترددون على الموقع سيتخلون عنه في النهاية بمجرد إطلاق ترامب منصته.
أما موقعا Gab وParler، فقد زعم كلاهما ظاهرياً أنه قد أصبح ملاذاً لـ"حرية التعبير" للمستخدمين المحافظين، وقد حققا نجاحاً متوسطاً لكنهما فشلا في الاقتراب على أي نحو من هيمنة عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي تويتر وفيسبوك.