لا بد أنكم جميعاً تعرفون قصة "الجميلة والوحش"، لكن هل كنتم تعلمون أن هذه القصة مستوحاة من الأساطير الرومانية واليونانية التي تروي علاقة حب غريبة بين الحسناء سايكي وسجَّانها، إذ كانت تعتقد أنه وحش بشع المظهر لكنها اكتشفت في نهاية الأمر أنه إله الحب كيوبيد؟
كيوبيد وسايكي.. الغيرة بداية القصة
يحكى أن "سايكي" كانت أجمل النساء على وجه الأرض، ووفقاً لما تقوله الأساطير الرومانية فقد كان حسنها خرافياً؛ لدرجة أن الإغريق عدلوا عن عبادة إلهة الحب والجمال "فينوس" بعد أن وجدوا أن هناك من هي أشد حسناً وجمالاً منها.
جن جنون فينوس عندما سمعت بذلك، ومقتت سايكي وكرهتها كرهاً شديداً، وأعمت الغيرة عينيها فراحت تدبر مكيدة للجميلة المسكينة، وبعد تفكير عميق قررت أن تستخدم ابنها كيوبيد لهذا الغرض.
وكيوبيد كما هو معروف، قد كان إلهاً للحب والرغبة، يحلق في السماء بجناحيه البيضاوين ويرمي الناس بسهامه فيتحولون إلى عشاق مجانين، فطلبت منه والدته فينوس أن يرمي سايكي بسهمه؛ كي تقع في غرام أبشع رجل في العالم وقد كان ذاك بمثابة انتقام لها من غريمتها الحسناء.
كيوبيد يجرح نفسه بسهام الحب
تمكَّنت فينوس من تأجيج نار الغضب والكره في صدر ابنها الذي توجَّه على الفور لتنفيذ أوامر والدته، لكن ما إن وقعت عيناه على سايكي الجميلة حتى تغيرت أقداره وأقدارها.
وبدلاً من أن يرمي كيوبيد الحسناء بسهامه جرح نفسه بسهم الحب ووقع في غرامها على الفور.
مع ذلك، فإن هذا لا يعني أن سايكي قد نجت من غضب فينوس، فقد لُعنت بأن لا يتقدم أحد لخطبتها في حين تزوجت شقيقتاها الأقل جمالاً منها.
رياح الغرب تنقل سايكي إلى المجهول
لذلك لجأ والد سايكي إلى أحد الكهنة فأخبره الكاهن أن قدر الفتاة هو عدم الزواج من بشري، وأنها ستتزوج من مخلوق مجنَّح يأتيها من السماء؛ لذا يتوجب عليه تركها في قمة الجبل.
وهنا، نقلت رياح الغرب الفتاة الحسناء إلى قصر في قمة الجبل؛ حيث عاشت فيه وحيدة يرعاها خدم غير مرئيين، إلى أن زارها في إحدى الليالي زوجها المزعوم متخفياً وأخبرها أنه سيزورها كل ليلة، لكن يجب ألا تنظر إليه وحذَّرها من محاولة رؤيته.
عامل الزوج المجهول سايكي برقة وحنان، لكن الحنين غلبها واشتاقت لأهلها، فطلبت منه السماح لها بزيارتهم.
وعندما روت لشقيقتيها قصتها وحدثتهما عن القصر الذي تعيش فيه، دبت الغيرة في نفسيهما وأقنعتاها بأن زوجها وحش سيقوم بالتهامها عما قريب؛ لذا يتوجب عليها قتله.
تقتنع سايكي بقول أختيها، فتتسلل سراً إلى مخدع زوجها حاملة سكيناً ومصباحاً فتتفاجأ بأن هذا الوحش ما هو إلا كيوبيد الجميل، فارتبكت وتساقطت قطرات من الشمع المنصهر من المصباح على كتف كيوبيد النائم فاستيقظ واكتشف أن زوجته أخلَّت باتفاقهما؛ فاختفى عن ناظرها بسحابة من الدخان وتركها وحيدة في القصر.
قبلة الحياة
بحثت سايكي عن زوجها الذي شغفت بحبه لوقت طويل دون جدوى، وقررت فينوس العبث معها قليلاً فوضعتها أمام اختبار إذا نجحت فيه ستساعدها في الوصول إلى كيوبيد.
فأرسلتها إلى بروسيربينا إلهة العالم السفلي، وطلبت أن تجلب منها قارورة على ألا تفتحها تحت أي ظرف كان. لكن فضول سايكي غلبها ففتحت القارورة واستنشقت رذاذ العطر الذي خرج منها لتغط في نوم عميق أبدي.
عندما علم كيوبيد ما حل بمحبوبته توجه إليها واستطاع إزالة اللعنة عنها وإيقاظها بعناق وقبلة حب.
بعد ذلك عاش كيوبيد وزوجته سعدين بمباركة الآلهة الذين تأثروا بحبهما لبعضهما كما تقول الأسطورة، والذين توسطوا كذلك لدى فينوس كي لا تحل لعنتها على الزوجين مرة أخرى.
ألهمت قصة الجميلة والوحش
من الجدير بالذكر أن قصة كيوبيد وسايكي قد تمت إعادة إنتاجها في الأدب في عدة نسخ كانت أشهرها "الجميلة والوحش" وفقاً لما ورد في موقع Grunge.
ففي قصة الجميلة والوحش التي أنتجتها ديزني للمرة الأولى عام 1991، تقع البطلة الحسناء في حب سجانها الوحش في نهاية الأمر، كما تقع سايكي في غرام كيوبيد، ولدى بطلة الجميلة والوحش أيضاً شقيقتان تغاران منها تماماً مثل شقيقتي سايكي.
وتسجن الجميلة في قصة ديزني في قصر يخدمها فيه حراس خياليون تماماً كما في قصة سايكي وكيوبيد.
متلازمة ستوكهولم.. صدى القصة
ويجد النقاد، أن كلاً من قصتي "كيوبيد وسايكي" و"الجميلة والوحش" هما انعكاس لمتلازمة تعرف في علم النفس باسم "متلازمة ستوكهولم" وهو مصطلح تمت صياغته للمرة الأولى عام 1973 ويشير إلى تعاطف الضحايا مع الجناة بل الارتباط بهم عاطفياً.
وقد تمت صياغة تعريف متلازمة ستوكهولم للمرة الأولى عندما سطا لص على أحد البنوك في العاصمة السويدية ستوكهولم، واتخذ 4 موظفين بالبنك رهائن، وطلب من الشرطة فدية قيمتها 700 ألف دولار وسيارة وإطلاق سراح صديقه من السجن لمساعدته.
وقد احتجز اللص الرهائن لمدة 6 أيام في إحدى الغرف المحصنة بالبنك، والعجيب أن الرهائن بعدما حررتهم الشرطة من أيدي الخاطف، رفضوا الإدلاء بشهادتهم ضده في المحكمة، والأغرب أنهم شرعوا في جمع الأموال للدفاع عنهما.