إذا كنت في زيارة عائلية، أو في اجتماع عمل بشركتك، أو حتى على مائدة الطعام، قد تشرع في وضع ساق على الأخرى لتشعر بالراحة والاعتدال في جلستك، ولكي تحتل مكاناً أضيق وتجلس بطريقة تبدو رسمية ومهندمة.
هذه الجلسة شائعة وطبيعية عند ملايين البشر، إذ يشعر الكثير من الناس براحة أكبر في الجلوس بسيقان متقاطعة فوق الأخرى. صحيح أنه قد تتخدر إحداهما من وقت لآخر وتقوم بتبديل الساقين، لكنها وضعية مريحة وعملية على الأغلب.
ولكن هل تضر جلسة وضع ساق على الأخرى بالصحة والجسم فعلاً كما يُشاع؟
مخاطر عديدة وفقاً للكثير من العوامل
يعتمد خطر جلسة تقاطع الساقين على الصحة والجسم على العديد من العوامل الرئيسية، أهمها كم من الوقت أمضيته وأنت بهذه الوضعية، وكم مرة تفعل ذلك بالفعل خلال اليوم. وفيما يلي الظروف التي تجعل وضع ساق على الأخرى أثناء الجلوس أمراً مهدداً للصحة وسلامة الجسم وفقاً للدراسات والأبحاث:
وضع ساق على الأخرى يرفع ضغط الدم بشكل مؤقت
تم إجراء العديد من الدراسات الصغيرة حول هذا الموضوع لمعرفة مدى تأثير جلسة تقاطع الساقين على الجسم. وأكدت معظم الدراسات أن هذه العادة ترفع ضغط الدم، ولكن بشكل مؤقت فقط.
أي أن الجلوس وأنت تضع ساق فوق الأخرى لن يتسبب في إصابتك بارتفاع ضغط الدم المستمر، بل أثناء ساعات الجلسة فقط.
وبحسب دراسة نشرتها مجلة Blood Pressure Monitoring، يمكن أن يؤدي وضع ساقيك بشكل متقاطع مع الجلسة القائمة إلى زيادة ضغط الدم الانقباضي بنسبة 7% وزيادة الضغط الانبساطي بنسبة 2% خلال تلك الجلسة.
الوضعية المتداخلة قد تسبب آلام الظهر والرقبة
وفقاً لتصريحات المعالجة الفيزيائية فيفيان أيزنشتات، لموقع LifeHack للمنوعات، فإن الشخص غالباً ما يكون أكثر عرضة لمعاناة من آلام الظهر والرقبة إذا كان يقوم بوضع ساق على الأخرى بصورة متكررة خلال اليوم.
وتؤكد الخبيرة والمعالجة أن الوركين يكونان ملتويين قليلاً عندما يكون الشخص في هذا الوضع، وهو ما يمكنه أن يتسبب في حدوث اختلالات في الحوض.
وهذا بدوره سيؤدي إلى الضغط على العمود الفقري، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى آلام الظهر وحتى آلام الرقبة في وقت لاحق مع التكرار والمداومة.
الجلسة قد ترتبط بفرص ظهور الدوالي والعروق البارزة
يعتقد بعض الخبراء أن السبب الرئيسي وراء ظهور الدوالي والعروق البارزة في الساقين والأوراك هو العوامل الوراثية والتعرض لأشعة الشمس والوقوف لفترات طويلة.
ومع ذلك، يعتقد البعض الآخر أن تقاطع الساقين يمكن أن يكون عاملاً مؤثراً وبارزاً في حدوث تلك المشكلة. ويوضح الدكتور هومان مديون، أخصائي أمراض القلب الأمريكي، كيف يحدث ذلك قائلاً: "يزيد وضع ساق على الأخرى من الضغط على عروقك المسؤولة عن إعادة الدم إلى قلبك.
ويؤدي ضغط إحدى ساقيك على الأخرى إلى إعاقة تدفق الدم، ما قد يضعف أو يتلف أوردة ساقيك. وفي حالة تلف الأوردة أو ضعفها يمكن أن يتسرب الدم إليها ويتجمع هناك، ما يتسبب في الأوردة العنكبوتية أو تفاقم الأوردة الموجودة مسببة الدوالي التي نعرفها.
يمكن أن تسبب تلف الأعصاب في الساقين والأوراك
العصب الوركي هو الأكبر في جسم الإنسان، فهو يمتد من أسفل الظهر وصولاً إلى أقدامنا. وأحد فروع العصب الوركي هو العصب الشظوي.
ويمكن لأي ضغط على هذا العصب، مثل تقاطع الساقين باستمرار، أن يسبب تنميلاً ووخزاً مؤلماً يمنعك من الحركة الطبيعية لبضع دقائق، لكنه أيضاً قد يؤدي بمرور الوقت إلى تلف العصب كلياً.
وبحسب موقع Mayo Clinic للصحة والمعلومات الطبية، يمكن أن يؤدي هذا الضرر إلى خدر طويل الأمد وتدلي القدم وعدم القدرة على السير بشكل طبيعي.
تقاطع الساقين والمرأة الحامل
خلال فترة الحمل، يمر الجسم بمجموعة متنوعة من التغييرات الجسدية. عندما يتمدد رحم المرأة الحامل، ينتقل مركز ثقلها إلى الأمام، لذلك قد تجد نفسها تمشي وتقف وتجلس بشكل مختلف عن المعتاد.
وبينما قد تجد نفسها تحاول الجلوس في أوضاع جديدة وتحاول أن تشعر بالراحة، إلا أن إجهاد العضلات وآلام الظهر والتشنجات كلها شائعة أثناء الحمل وفقاً لوضعية الجلوس والوقوف والنوم.
وبينما قد لا يؤذي الجلوس مع وضع ساق على الأخرى الطفل في الرحم، فقد يساهم في تورم الكاحلين عند الأم أو إصابتها بتقلصات الساق.
لذلك إذا وجدت كاحليك منتفخين أو أنك تعاني من تشنج ساقيك، فحاول الجلوس مع وضع كلتا القدمين على الأرض أو رفعها على كرسي في نفس مستوى المقعد، بحسب موقع Healthline الصحي للطب.
تقوّس العمود الفقري وحدبة الظهر
يمكن أن يؤدي الجلوس لفترات طويلة مع وضع ساقك فوق ركبتك إلى دوران الحوض وإمالته بطريقة تؤثر على مدى انتصاب الظهر كما سبق وأسلفنا.
لكن الخطير هنا أن هذا يمكن أن يسبب الألم في أسفل الظهر، مسبباً أضراراً بالغة في منطقة الغضروف.
يمكن أن يؤدي ذلك أيضاً إلى اختلال العمود الفقري مع مرور الوقت؛ لأن الجسم عندما يكون في وضع غير لائق تضطر عضلاتك للتعويض عن الجلسة الخاطئة، فتنمو بطريقة غير متناسبة أو متناسقة.
وهذا يعني أنها ستعمل بجد أكبر مما تحتمل، ما قد يؤدي إلى الألم والتصلب والمشاكل المترتبة على تصلب العضلات.
ومع ذلك، هذا لا يعني أنك بحاجة إلى التوقف عن عقد ساقيك تماماً، ولكن يجب مراعاة أن تجلس منتصباً بوضعية حيادية على سطح يابس، لكي تقوم بالموازنة بين الأمرين وإراحة العضلات.
محاذير ونصائح
هناك بعض الاقتراحات التي يمكنك اتباعها إذا وجدت أنك تُبقي ساقيك متشابكتين لفترة طويلة جداً، وفي كثير من الأحيان خلال اليوم.
أولاً حاول تجنب الجلوس مع وضع ساق على الأخرى لمدة تزيد عن عشر أو خمس عشرة دقيقة في المرة الواحدة. ويجب أن تنهض وتتجول كل نصف ساعة إذا سمحت ظروف العمل بذلك.
كذلك حاول الحصول على كرسي لائق يمنحك دعماً كافياً لأسفل ظهرك، وابذل أيضاً جهداً واعياً للحفاظ على كلتا القدمين على الأرض، مع جعل الركبتين والوركين أقرب ما يكون إلى زاوية تسعين درجة.
وأخيراً، قد يرسل الجلوس مع تقاطع الرجلين رسالة خاطئة عندما تكون في اجتماعات وشبكات العمل الرسمية. لذلك لغة الجسد عندما تقوم بعقد ساقيك بإحكام، فإنها قد تقدم نظرة سلبية لنفسك، إما بأنك مُختال بنفسك، أو أنك تحاول الانغلاق على نفسك.