من أهم وأبرز المهام التي يحملها الأبوان على عاتقهم تجاه طفلهم الصغير هي أن يشعروه أنه آمن ومحمي، وقبل كل شيء محبوب بشكل غير مشروط.
أهم الهدايا التي يمكن أن نقدمها لأطفالنا هي القبول والاستقرار، والأهم من ذلك الحب، لأنه سبيلهم للاطمئنان العاطفي والتمتُّع بالصحة النفسية والعقلية خلال حياتهم.
وبالرغم من أنه من المعلوم أن جميع الآباء يحبون أطفالهم، لكن الحب ليس قولاً فحسب، بل هو أيضاً فعل متغلغل في جميع السلوكيات اليومية؛ إذ يمكن أن يكون إظهار الحب لطفلك في بعض الأحيان أمراً معقداً أو غائباً بشكل ما عن ذهنك.
هناك طرق صغيرة للتعبير عن حبك لطفلك حتى يشعر به ويستوعبه بصورة صحية، وهذا الشعور بحب الوالدين يمكن أن يحسن جميع جوانب حياة الطفل، حتى بعد بلوغه وتقدمه في السن.
أهمية شعور الطفل بالأمان العاطفي والحب
تقول إيمي مورين، المعالجة النفسية، ومؤلفة كتاب "13 شيئاً الآباء الأقوياء عقلياً لا يفعلونها": "عندما يشعر الأطفال بالأمان والحب يتمتعون بالحرية في التركيز على أشياء أخرى، مثل التعلم والإبداع والابتكار".
وبحسب موقع The Cultured Baby للطفولة والتربية، الحب والحنان يجعلان الطفل أقوى وأكثر قدرة على الحياة بشكل إيجابي وصحي.
أحد المبادئ الأساسية التي أثبتت جدواها لتنمية الطفل هو أن المزيد من الحب والعاطفة يعني أطفالاً أقوى وأكثر صحة. في حين أن العكس يؤدي لأطفال أكثر ضعفاً وأقل ثقة في أنفسهم ومن حولهم، وأقل كفاءة ومهارة وقدرة على التفاعل اجتماعياً.
بالتالي فإن الحب والعاطفة لا يقلان أهمية عن الطعام والمأوى والماء، لأنهما يبنيان أساس الطفل. وهناك آلاف الدراسات التي أكدت أن الأطفال الذين لديهم آباء محبون أفضل حالاً في كل مجال من مجالات الكفاءة والمرونة التي يمكن قياسها.
أولاً: استمع لطفلك بعناية واهتمام وانظر في عينيه مباشرة
يريد طفلك أن يعرف أنه مهم بالنسبة لك، ولكن ما الطريقة المثلى لفعل ذلك؟ هي باختصار أن تتأكد من معرفة طفلك أنك مهتم بأفكاره وأفعاله.
وبحسب موقع Parents للتربية والطفولة، اترك الأجهزة الإلكترونية وشاشة التلفاز ونقاشاتك الجانبية، وأظهر اهتماماً حقيقياً بما يقوله أطفالك ويحاولون عرضه عليك.
كذلك تحدث إليهم، واسألهم عن آرائهم حول مواضيع مختلفة في العالم الحقيقي مثلهم مثل الأشخاص البالغين، وأظهِر أن أفكارهم تهمك بشكل تام.
كذلك عندما يحاولون التحدث إليك، أو عندما تحاول إخبارهم بشيء ما توقف عما تفعله، وركز عليهم، واجلس بحيث تكون في نفس مستواهم الطولي، وانظر إليهم في أعينهم.
هذا من شأنه أن يعزز شعور الطفل بأنك تراه حقاً وتستمع له وتهتم به.
2- احرص على إمضاء وقت ممتع مع الطفل
ليست هناك حاجة لجعل كل شيء نشاطاً تعليمياً أو تحدياً مُعقداً للأطفال.
فقط ابحث عن طرق للاستمتاع معاً. المتعة في حد ذاتها والوقت الجيد المشترك بينكما هو كل ما تريده من فائدة بالنسبة لصحة الطفل العقلية والنفسية.
هذه هي أفضل طريقة للتواصل مع الأطفال وإظهار أنك تقدرهم بما يكفي لتوفير الوقت لقضائه معهم في فعل ما يرغبون فيه بدون قيود.
3- المزيد والمزيد من العناق دائماً ما ينفع
إن قول "أنا أحبك" لطفلك أمر مهم للغاية، لكن لا تقلل من أهمية قوة اللمسة الجسدية في تعزيز الترابط والتعبير عن المحبة مع أطفالك في كل عمر.
يقول بيج سادي، المعالج النفسي ومدرب الرعاية الذاتية: "خاصة بالنسبة للمراهقين، الذين لم يعودوا يرغبون في الحصول على القبلات والعناق مثل الأطفال الصغار، ما زالوا بحاجة إلى الطمأنينة الجسدية، مثل البالغين تماماً".
لذلك ابذل جهداً لعناقهم كل يوم قدر الإمكان، حتى وإن رفضوا الأمر في البداية.
ويمكنك معرفة المزيد عن تلك المشكلة من خلال قراءة موضوع: لماذا يرفض الأبناء المراهقون عناق آبائهم؟
4- لا تغفل إيماءات المحبة الصغيرة
لست من النوع المفرط في التعبير عن محبته؟ لا يزال بإمكانك إظهار حبك لطفلك من خلال الإيماءات الصغيرة خلال التعاملات اليومية.
يقترح خبراء علم النفس والتربية على الآباء عدداً من الخطوات، منها:
- كتابة الملاحظات ووضعها في طعام المدرسة.
- تقديم الثناء والتشجيع بعد إنجاز أي سلوك مهما بدا بسيطاً.
- استخدم لاصقات النجوم والهدايا الرمزية للتعبير عن الحب.
- قل أشياء لطيفة عن أطفالك أمام الآخرين.
- قم بشكره عند تقديم أي مساعدة أو سلوك حسن.
ومع ذلك، لا تصر فقط على أن أفعالك غير المباشرة باعتبارها كافية للتعبير عن محبتك، إن لم تستطع التعبير بوضوح باستخدام اللغة عن مشاعرك الغامرة لطفلك، يمكنك التعبير بلغة الجسد عن ذلك من خلال القبلات والعناق والرغبة في قضاء الوقت معاً.
5- الجلوس والقراءة مع الأطفال أمر مهم أيضاً
اقضِ وقتاً جيداً في القراءة مع أطفالك بشكل دوري. هذا من شأنه أن يعزز شعورهم بالتقدير والأهمية لديك، ويزيد من مساحة الوقت المميز الذي تمضونه معاً، بحسب موقع HuffPost الأمريكي.
اسمح لهم باختيار أي كتاب يرغبون في قراءته. تحدث عن القصة وتناقشوا فيها معاً. اسألهم عن شخصيتهم المفضلة أو ما الذي يفضلونه أكثر في الرواية.
شارك ما أعجبك أنت أيضاً في القصة، وابحث دائماً عن فرص للتعرف على بعضكما البعض والتعبير عن مشاعركم وأفكاركم بصورة أفضل.
6- إظهار أن الأولوية المباشرة تكون لهم
إذا كان لديك أكثر من طفل، ضع في اعتبارك تحديد موعد خاص بينك وبينك كل طفل منهم دون انخراط باقي الأطفال الآخرين.
الوقت الانفرادي بين الطفل ووالده ووالدته معاً أمر رائع، ولكن من الصعب الحصول على الكثير من هذه الساعات المستقطعة عند الأسر المكونة من عدة أطفال.
لذلك من المحتمل أن يتم تعديل هذا الوقت المستقطع بينك وبين كل طفل وفقاً لاحتياجات والتزامات الأسرة المعتادة؛ على سبيل المثال: قم بالتخطيط لنزهة خاصة معاً للحديقة المجاورة للمنزل، أو حتى خططا لمجرد الذهاب إلى المتجر بسرعة معاً لشراء البقالة.
7- قم بتضمين طفلك في قرارات الأسرة
إن مطالبة الأطفال بالتعبير عن رأيهم والمشاركة في اتخاذ قرارات مثل اختيار وجبة العشاء، وصولاً لقرارات أكبر من رأيه بتغيير السكن مثلاً، تعزز لدى الطفل مهما كان سنه أنه يمتلك رأياً مهماً وله تقدير خاص بين أفراد أسرته.
ومعرفة أن لهم رأياً مؤثراً تزيد من شعورهم بالانتماء، وكذلك بالأمن العاطفي والمحبة والترابط مع والديه وإخوته.
8- احتفظ بروتين ثابت مع أطفالك لتعزيز الأمان العاطفي
تنتعش صحة الأطفال النفسية والعقلية كلما كان هناك المزيد من الاتساق والروتين. إذ يقول فران والفيش، المعالج النفسي للأسرة والعلاقات: "حافظ على وقت ثابت لنوم الطفل، وأوقات الوجبات اليومية، ووقت الاستيقاظ صباحاً، وجدول الواجبات المنزلية في مواعيد معينة، والأنشطة الترفيهية بمواعيد محددة".
وكلما كانت حياة الطفل وروتينه أكثر استقراراً زاد شعوره بالأمان والحب والاستقرار العاطفي، وقلّ لديه الشعور بالقلق أو التوتر والاكتئاب خلال حياته لاحقاً.
9- إدراك أهمية ديناميكيات الأسرة
قد لا تدرك أن ديناميكيات الأسرة تؤثر على طفلك، ولكن بيئة نمو وازدهار طفلك يمكن أن تلعب دوراً محورياً في جعله يشعر بالحب والأمان والتقدير.
إذ يتعلم الأطفال الكثير عن العلاقات بين البشر من خلال رؤية كيفية تفاعل والديهم مع بعضهما البعض.
وبالتالي فإن الآباء الذين يظهرون المودة والحب لبعضهما البعض يعلمون الأطفال كيفية التعامل مع أفراد الأسرة، ثم العالم من بعدهم. لذلك من المهم أن تكون الأسرة بتفاعلاتها نموذجاً جيداً؛ لأن طفلك يشاهد كل ما تفعله.
10- الأشياء المادية التي لا تعني الحب مطلقاً
قد يبدو الأمر مبتذلاً، لكن الأطفال يفضلون حقاً الأوقات المميزة والتجارب المشتركة واللحظات الممتعة، على هداياك المادية.
فأنت من المحتمل أن تتذكر القيام بأنشطة ممتعة مع والديك، لكنك على الأرجح قد لا تتذكر ما حصلت عليه في عيد ميلادك عندما كنت في العاشرة من عمرك. ومع وضع ذلك في الاعتبار، من المهم التفكير في دروس الحياة التي تريد أن يتعلمها أطفالك ونوع الذكريات التي تريد تكوينها معهم.
أخيراً: ادعم طفلك وعزز شعوره بالحب حتى عندما يُخفق
أكثر ما قد يؤذي الطفل على مدار حياته بأكملها هو أن يشعر خلال سنوات عمره الأولى أن حصوله على المحبة من أهم الأشخاص في حياته مشروطاً بقيامه بسلوكيات معينة، أو بكونه على صورة محددة يطالبونه بها.
يحتاج الأطفال إلى معرفة أنهم محبوبون حتى لو أخطأوا. وحول ذلك تقول لورا جيراك، الأخصائية النفسية للأطفال: "كن داعماً لهم عبر عن فخرك بهم لتحملهم المسؤولية، وتقبّل الإخفاق، ثم استخدمه كفرصة تعليمية للمستقبل.
ولكي يخرج الطفل بأكبر فائدة ممكنة من أي تجارب فاشلة، سواء في رياضات محببة أو حتى دراسياً، يمكنك سؤاله: "ما الذي تعلمته من هذه التجربة؟" أو "كيف تريد أن تغير ما قمت به في المرة المقبلة؟".
وبحسب موقع Today's Parent التربوي، هذا من شأنه أن يوضح لهم أنهم لن يكونوا دائماً مثاليين، ولا أحد يمكنه أن يكون مثالياً وبلا إخفاقات، ولكن سيمتلكون الإيمان بأنهم سيكتشفون ذلك، وأنهم مؤهلون لإدارة هذا الأمر والتعامل معه.
في الوقت نفسه، يقوم الآباء بهذه الطريقة ببناء ثقة الأطفال في أنفسهم، لأنهم بذلك ساعدوهم في إيجاد طرق لإصلاح أخطائهم بدلاً من التدخل من أجل حل المشكلة بالنيابة عنهم.