يُعد الحصول على قسط جيد من النوم كل ليلة أحد أهم الأشياء التي يمكنك القيام بها من أجل الحفاظ على صحتك الجسدية والعقلية والنفسية.
ويجد الكثير من الناس أن النوم أمام التلفاز والشاشات الذكية على أي شيء ترفيهي أو حتى نشرات الأخبار والرياضة، يساعدهم على الاستغراق في النوم بشكل أسرع. ومع ذلك، يتفق الخبراء بشكل عام على أن هذه ليست فكرة جيدة.
إذ يزيد النوم أثناء تشغيل التلفزيون أو الشاشات الذكية من تعرضك للضوء الأزرق، مما قد يزيد من خطر الإصابة بالسمنة والسكري ومشاكل صحية أخرى، كما يحرمك من الحصول على جودة النوم التي تتمناها.
لكن هذا لا يعني أن كل الأخبار سيئة إذا كنت تحب النوم على صوت التلفاز. في الواقع، بالنسبة لبعض الناس، قد يكون اختياراً جيداً لقضاء ليلة مريحة وهادئة.
في هذا التقرير نستعرض ما إذا كانت هناك أي فوائد محتملة للنوم على صوت التلفاز، والتبعات الصحية السلبية التي قد يتسبب فيها للشخص عند الاستمرار.
ما هو تأثير النوم أمام التلفاز على الصحة والجسم؟
هناك الكثير من الأبحاث حول كيفية تأثير التكنولوجيا التي نستخدمها كل يوم على نومنا ووزننا ومستويات التوتر في الجسم والصحة العامة.
تبحث العديد من الدراسات في كيفية تأثير أشياء مثل وسائل التواصل الاجتماعي ودورات الأخبار على مدار 24 ساعة على العقل البشري والصحة العامة.
كذلك بحثت العديد من الدراسات في كيفية تأثير الأجهزة التي نستخدمها، مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة التلفزيون على صحتنا.
وبينما لا يزال الكثير من هذا البحث الجاري حتى اليوم، يبدو أن الإجماع العام هو نفسه: إذا كان بإمكانك تجنب استخدام هذا النوع من التكنولوجيا أثناء وجودك في السرير، فيجب عليك ذلك.
لهذا السبب ربما سمعت من يقول إنه لا يجب أن تستخدم هاتفك قبل النوم مباشرة. ولهذا السبب أيضاً يوصي معظم الباحثين وخبراء النوم بعدم النوم أثناء تشغيل التلفزيون.
بينما قد تجد أن تلفزيونك يساعدك على النوم، يحذر الخبراء من أن نوعية النوم التي ستحصل عليها لن تكون ذات جودة كافية لكي تشبع احتياجات العقل والجسم للراحة والاسترخاء.
بالإضافة إلى ذلك، تم ربط النوم أمام التلفاز ببعض الآثار الصحية السلبية الخطيرة.
الأضرار السلبية للنوم أمام التلفاز على الصحة والجسم
هناك العديد من الأسباب التي تجعل فكرة النوم أمام التلفاز أو الشاشات الذكية ليست هي أفضل خيار لتحفيز الاستغراق في النوم؛ إذ يمكن أن يؤدي النوم أثناء مشاهدة التلفزيون إلى اضطراب الأحلام واختلال الهرمونات وتهديد الصحة.
1. زيادة احتياج الجسم للنوم
لفتت الأبحاث وفقاً لموقع Healthline للصحة والمعلومات الطبية، إلى أن ينام البالغون حوالي 8 ساعات متصلة كل ليلة. ويشار إلى أي مقدار من النوم تحصل عليه أقل من 8 ساعات باسم "ديون النوم".
مثلاً، إذا حصلت على 6 ساعات من النوم، فسيكون لديك ساعتان من "ديون النوم".
ويمكن لهذا الموضوع أن يؤثر على قدرتك على التفكير بوضوح والتركيز طوال اليوم. وبمرور الوقت، يمكن أن تؤدي ديون النوم إلى مشاكل صحية وعقلية وجسدية.
2. يقلل من إنتاج الميلاتونين الخاص بك
الميلاتونين هو الهرمون الذي يساعدنا على النوم، وهو يبعث إشارات لجسمك أن الوقت قد حان للراحة والتعافي من اليوم.
ويمكن لأجهزة التلفاز والأجهزة الأخرى التي تنتج الضوء الأزرق أن تقلل من كمية الميلاتونين التي يفرزها الجسم.
هذا يمكن أن يجعل من الصعب على عقلك معرفة ما إذا كان الوقت ليلاً أو نهاراً وفقاً لساعة الجسم البيولوجية.
وعندما يعتقد عقلك أنه لا يزال الوقت نهاراً بالرغم من كونك بعد منتصف الليل، يمكن لهذا الاضطراب أن يجعل النوم والاستمرار فيه بعمق أمراً صعباً للغاية، بحسب موقع Eat this Not that للصحة والمعلومات.
3. التلفاز يحفز عقلك ويمنعه من الاسترخاء
آخر شيء تريده عندما تحاول النوم بعُمق هو أن يتم تحفيز عقلك.
عندما يتلقى عقلك التحفيز، سيبقى نشطاً. وبالنسبة للدماغ النشط فهو دماغ لا يهدأ أو يسترخي كما ينبغي، مما يجعل من الصعب النوم بُعمق.
كذلك عندما يتم تحفيز عقلك، يمكن أن يتسبب ذلك في أن يصبح نومك مضطرباً ومتقطعاً، وهذا ليس النوم العميق الذي يحتاجه جسمك حقاً.
وبحسب موقع Greatist الأمريكي، يقول الخبراء إن مشاهدة التلفزيون أو الاستماع إليه يسببان الكثير من التحفيز للعقل.
وعندما تترك التلفزيون مضاءً وأنت نائم، فإن العقل يظل مشغولاً بأشياء مثل ومضات الأضواء والتغيرات في الصوت والتنبيهات الجديدة والموسيقى والنقاشات وغيرها، ما يجعل جسدك مستيقظاً حتى خلال ساعات النوم.
بالإضافة إلى ذلك، فإننا نستقبل الأصوات من حولنا لفترة طويلة قبل أن نصل إلى أعمق جزء من دورة نومنا.
وهذا يعني أن عقلك لا يزال يلتقط تلك الأجزاء من الحوار ويتم تحفيزك للتفكير فيها. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى أحلام غريبة وحتى مزعجة مثل الكوابيس والهلاوس.
4. التأثير على صحتك الجسدية
يؤدي النوم أمام التلفاز إلى الحصول على قسط أقل من النوم. وبدون نوم كافٍ وعميق، تكون لديك فرصة أكبر لتجربة مجموعة متنوعة من الآثار الصحية الضارة، مثل:
- ضغط الدم المرتفع.
- ضعف المناعة.
- فقدان الذاكرة.
- صعوبة التركيز.
ومع ذلك، فإن مخاطر عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم العميق تتجاوز تلك الأعراض بكثير.
إذ وجدت دراسة أجريت عام 2019، ونشرتها مجلة Jama Network العلمية، أن النوم قرب الضوء الاصطناعي، مثل ضوء التلفزيون والشاشات الذكية، مرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسمنة.
وجدت الدراسة أن هذا الخطر يزداد حتى لو لم يكن هناك انخفاض في كمية أو نوعية النوم التي حصل عليها المشاركون.
لذا، حتى لو كنت تحصل على قسط رائع من الراحة ليلاً أمام التلفزيون، فقد لا يزال ذلك ضاراً بصحتك على المدى الطويل.
إيجابيات استخدام التلفاز كأداة لتحفيز الاستغراق في النوم
من المؤكد أن النوم أثناء مشاهدة التلفزيون ليس أمراً مثالياً، ومع ذلك لا يتفق الجميع على كونه أمراً سلبياً بشكل عام.
تقول دكتورة جينين جوي، الباحثة في مجال النوم، وفقاً لموقع LifeHack للمنوعات والمعلومات العامة، إن الفروق الفردية لا تؤخذ في الاعتبار عند نشر توصيات النوم.
موضحة: "بالطريقة نفسها التي لا يوجد بها نظام غذائي محدد مثالي لكل شخص، لا توجد طريقة واحدة مثالية للنوم تناسب الجميع".
صحيح بالنسبة لبعض الناس، يعني النوم أمام التلفاز الخيار الأمثل لتحقيق الراحة والنوم الهانئ.
لكن جوي تقول إنه إذا خرج شخص ما في وقت مبكر من اليوم وأجرى بعض التمارين الرياضية خلال النهار، فقد لا يؤدي الضوء الأزرق الصادر من التلفزيون إلى إحداث اضطراب في إيقاع الساعة البيولوجية.
وقد ينام الشخص بشكل أفضل مع تشغيل التلفزيون أكثر من النوم بدونه.
وتوصي الخبيرة باستخدام ساعات ضبط جودة النوم للتحقق من جودة نومك مع تشغيل التلفزيون. إذا كانت تشير إلى أنك تنام جيداً، فلا بأس من النوم أمام التلفزيون.
التلفزيون يشوِّش صوت الضوضاء الخارجية.. لكنه ليس الخيار الأمثل
وتعود الفائدة أحياناً نظراً لأن التلفزيون قد يشوش مثل "الضوضاء البيضاء – White Noise" على الضوضاء الخارجية للشارع مثل نباح الكلاب وصفارات الإنذار وأبواق السيارات.
على نفس المنوال، تقول إيفا كوهين، مدربة علوم النوم المعتمدة في مركز Kansas-Sleep الأمريكي، إنه بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من حالات الصحة العقلية مثل اضطراب ما بعد الصدمة والقلق المزمن، قد يساعد التلفاز في تشتيت انتباههم عن ذكريات الماضي.
لكنها، مثل معظم الخبراء الآخرين، تؤكد أنه من الأفضل عدم مشاهدة التلفزيون قبل ساعتين من الذهاب إلى الفراش، واستشارة معالج لإيجاد آليات أفضل للتكيف مع مشكلات التوتر والأرق.