كشفت دراسة جديدة أن مواد سامة معروفة باسم "المواد الكيميائية الأبدية" في المحيط، تنتقل من مياه البحر إلى الهواء حين تضرب الأمواج الشاطئ، وهذه الظاهرة مصدر خطير من مصادر تلوث الهواء، حسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، السبت 18 ديسمبر/كانون الأول 2021.
النتائج التي توصلت إليها جامعة ستوكهولم بخصوص المواد الألكيلية البيرفلورية والمتعددة الفلور السامة PFAS، ونُشرت في مجلة Environmental Science & Technology، تظهر كيف تدخل هذه المواد إلى الغلاف الجوي والأمطار في النهاية.
مواد سامة تؤثر على البشر
خلصت الدراسة، التي جمعت عينات من موقعين في النرويج، إلى أن هذا التلوث "قد يؤثر على مناطق واسعة من أوروبا الداخلية والقارات الأخرى، والمناطق الساحلية".
يقول بو شا، الباحث بجامعة ستوكهولم وأحد المشاركين في الدراسة: "النتائج مذهلة، ولكنها مقلقة في الوقت نفسه".
يُشار إلى أن المواد الألكيلية البيرفلورية والمتعددة الفلور السامة نوع من المواد الكيميائية التي تُستخدم في عشرات الصناعات، لتجعل المنتجات مقاومة للماء والبقع والحرارة.
رغم أن هذه المركبات مواد سامة شديدة الفاعلية فقد تؤدي أيضاً للإصابة بالسرطان، وأمراض الكلى، والعيوب الخلقية، وتراجع المناعة، ومشكلات الكبد، ومجموعة من الأمراض الخطيرة الأخرى.
كما تسلط هذه الدراسة الضوء على انتقال هذه المواد الكيميائية فور خروجها إلى البيئة، فهي لا تتحلل بشكل طبيعي، ولذا تتنقل باستمرار عبر الأرض والماء والهواء، وقد أدى استمرارها لهذه الفترات الطويلة في البيئة إلى تسميتها بـ"المواد الكيميائية الأبدية".
قد اكتُشفت في كل ركن من أركان العالم، من بيض البطاريق في القارة القطبية الجنوبية، إلى الدببة القطبية في القطب الشمالي.
تقطع آلاف الكيلومترات
جمع فريق البحث في ستوكهولم عينات من الهباء الجوي بين عامي 2018 و2020 من جزيرة أندويا، في القطب الشمالي، ومدينة بيركينيس في جنوب النرويج.
وجد فيها مستويات مترابطة من المواد الألكيلية البيرفلورية والمتعددة الفلور وأيونات الصوديوم، التي تميز رذاذ البحر. وهذه المواد الكيميائية تنتقل حين تنفجر فقاعات الهواء مع اصطدام الأمواج بالشاطئ، ووجدت الدراسة أن هذه المواد تقطع آلاف الكيلومترات عبر رذاذ البحر في الغلاف الجوي قبل أن تعود إلى الأرض.
زعمت بعض الهيئات التنظيمية والصناعة الكيميائية أكثر من مرة أن إلقاء مواد سامة في المحيط طريقة مناسبة للتخلص منها، لأنه يخففها إلى مستوى آمن.
لكن الدراسة خلصت إلى أن هذه الطريقة ليست آمنة، لأن هذه المواد تعود إلى الأرض، وقد تلوث مصادر مياه الشرب، وتسبب مشكلات أخرى.
يقول ماثيو سالتر، أحد المشاركين في الدراسة والباحث في جامعة ستوكهولم: "كان الاعتقاد السائد بأن هذه المواد ستجرفها المحيطات في النهاية وتُضعفها على مدى عقود، ولكن اتضح أن لها تأثيراً مرتداً، وأن بعض هذه المواد السامة تعود إلى الهواء، وتنتقل لمسافات طويلة، ثم تترسب مرة أخرى على الأرض".