عارض المئات من أساتذة الرياضيات المرموقين في أمريكا ما وصفوها بأنها حرب على المادة العلمية التي يدرّسونها في المدارس الأمريكية، تحت مسمى المساواة، واتهموا المدارس بالتسبب في تآكل معايير تدريس الرياضيات لمنع الطلاب ذوي التحصيل البطيء من أن يُتركوا في الخلف، وتفضيل مقررات تعليمية "رائجة لكنها سطحية" مثل علم البيانات.
حسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الثلاثاء 7 ديسمبر/كانون الأول 2021، فقد وقّع على الخطاب 597 أستاذاً جامعياً متخصصاً في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ووصف الموقعون هذا الاتجاه بأنه "مقلق للغاية" وأنه "شاغل مُلّح".
تراجع مستوى الطالب الأمريكي
إذ تُظهر النتائج أن طلاب الرياضيات في الولايات المتحدة يتخلفون عن نظرائهم في الدول الثرية الأخرى، مع وجود فجوة عنصرية. بينما يشكل الطلاب السود 16% من إجمالي طلبة المدارس الثانوية، فإنهم يشكلون 8% فقط من إجمالي الطلبة المسجلين في مقررات التفاضل والتكامل.
لطالما كانت مقررات التفاضل والتكامل متطلباً غير رسمي لدخول نخبة الجامعات الأمريكية، غير أن الطلبة غير المدرجين في الدورات والمقررات المعجلة عن طريق المدارس الإعدادية، ربما لا يحظون بفرصة قط للتسجيل في هذا المقرر.
أما في المملكة المتحدة، فيجري إدراجها في المستوى المتقدم (A-level).
أسفرت عن جهود كاليفورنيا لإصلاح هذه الفجوة مجموعة من الإرشادات التي كانت ستصلح النهج الذي تدرس به الرياضيات.
رفضت الإرشادات، التي لم تكن إلزامية، فكرة أن بعض الأطفال موهوبون بالفطرة، وحذرت إدراج الطلاب في الدورات الدراسية والمقررات المعجلة في المدارس الإعدادية، وحاولت الترويج لعلم البيانات والإحصاء بوصفها بدائل عن التفاضل والتكامل.
كذلك اقترح مجلس التعليم في الولاية أن معلمي الرياضيات يجب عليهم أن يستخدموا الدروس لاستكشاف العدالة الاجتماعية والعرقية، على سبيل المثال من خلال تطبيق مبادئ الرياضيات على موضوعات مثل انعدام المساواة الجنسانية والهجرة، وحتى في ولاية كاليفورنيا، وهي ولاية ديمقراطية، تعرضت مسودة الإرشادات لموجة من السخرية.
قرار "خطير"
في الخطاب المفتوح، وصف الأكاديميون نهج كاليفورنيا "حسن النية"، بالخطير لأنه سوف يعيق الطلبة المتفوقين ويقلل فرص مواصلتهم الدراسة في الجامعة. وجاء في الخطاب: "إخضاع أبناء أكبر ولاياتنا لمثل هذه التجربة هو قمة انعدام المسؤولية".
كما أضاف الخطاب: "بعيداً عن أنهم سوف تجري عرقلتهم عن عمد، يجب أن يحظى جميع الطلبة بالفرصة للرعاية والتحدي لتحقيق إمكاناتهم. ليس هذا من أجل مصلحتهم الخاصة، بل كذلك من أجل التنافسية الاقتصادية للأمة والمجتمع".
جاء في الخطاب أيضاً أن الإرشادات يمكن أن تؤدي إلى "خصخصة بحكم الواقع للرياضيات المتقدمة في التعليم من رياض الأطفال إلى المرحلة الثانوية"، عن طريق إقصائها من الصفوف الدراسية للمدارس الحكومية، مما قد يضر بصورة غير متناسبة الطلبة ذوي الدخل الأقل الذين كان من المفترض مساعدتهم.
كان هذا الخطاب واحداً من سلسلة من الخطابات المفتوحة، تضمنت خطاباً صدر في الصيف عن طريق أكثر من 1100 شخص من سكان كاليفورنيا العاملين في العلوم والتكنولوجيا، الذين جادلوا بأنه "من الحماقة وانعدام الأخلاق تعمد عرقلة النمو الفكري للطلبة عن طريق إجبارهم على إضاعة الوقت في صفوف دراسية غير صعبة". وأضاف أن الإرشادات تكونت من "سيل لا ينتهي من البدع التربوية التي تشوه الرياضيات الحقيقية وتقتلعها".
أجبرت هذه الانتقادت مجلس التعليم في كاليفورنيا على تأجيل تطبيق الإرشادات حتى مايو/أيار 2022.
يوضح هذا النزاع كيف امتُص التعليم المدرسي داخل حروب الثقافة الأمريكية، في ظل أن السياسة المدرسية حول ارتداء الأقنعة والاختبارات وتدريس النظرية العرقية النقدية، قد صارت جميعها عالقة في انقسامات سياسية مريرة. في الشهر الماضي، فاز الجمهوري جلين يونجكين في السباق الانتخابي على مقعد حاكم ولاية فيرجينيا، ويعزى انتصاره جزئياً إلى شن هجوم على الغارات التي تُشن على المقررات الدراسية من جانب حركات الوعي بالقضايا الاجتماعية والعرقية.