خلصت دراسة علمية حديثة إلى أن نسب ومؤشرات التلوث والفقر تسهم في تحديد جنس المواليد- سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً- في مناطق معينة، طبقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 2 ديسمبر/كانون الأول 2021.
فقد وجدت الدراسة، على سبيل المثال، أن التلوُّث بالزئبق والكروم والألمونيوم مرتبطٌ بولادة مزيد من الذكور، فيما أدَّى التلوُّث بالرصاص إلى زيادة نسبة الإناث. وأثَّر القرب من الزراعة على نسبة الجنس، ربما بسبب زيادة التعرُّض للمواد الكيميائية.
فيما ارتبطت مقاييس الحرمان، مثل ارتفاع عدد مطاعم الوجبات السريعة، بالتغيُّرات ذات الدلالة الإحصائية في النسبة بين الجنسين، وكذلك مؤشِّرات الإرهاق النفسي، وضمنها الناجم عن الوفيات على الطرق السريعة وحادث إطلاق النار في جامعة فرجينيا الأمريكية.
تأثير الملوِّثات السامة
كما أن المناطق التي تحتوي على مستويات عالية من ثنائي الفينيل متعدد الكلور في الهواء شهدت ولادة أطفال ذكور أكثر من أولئك الذين لديهم كميات أقل من هذه الملوثات، موضحةً أن مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور كانت تستخدم في السابق كمبردات في الأجهزة الكهربائية قبل أن تكشف الأبحاث عن آثارها المضرة على صحة الإنسان، ولكنها لاتزال موجودة بالبيئة في كثير من الأماكن.
كانت الأبحاث السابقة عن تأثير الملوِّثات السامة، التي تسمّى مركبات ثنائي الفينيل متعدِّد الكلور، لم تكن على النسبة بين الجنسين عند الولادة، غير حاسمة، بخلاف ما توصل إليه التحليل الجديد.
إلا أن العوامل الأخرى، مثل موسم الولادة، ودرجة حرارة الطقس، ومعدَّلات الجريمة العنيفة، والبطالة، لم تظهر ارتباطات ذات دلالةٍ إحصائية كبيرة بجنس الجنين.
هذه الدراسة أُجرِيَت على نصف سكَّان الولايات المتحدة والسكَّان السويديين بالكامل، وفحصت أكثر من 100 عاملٍ مُحتمَل بشأن جنس الجنين.
بينما توضِّح الدراسة الارتباطات بين العوامل المختلفة والنسبة بين الجنسين عند الولادة، وليس السبب والنتيجة.
المواد الكيميائية والخلايا البشرية
من جهتهم، قال الباحثون الذين عملوا على هذه الدراسة، إن العمل المستقبلي لفحص تأثيرات المواد الكيميائية على الخلايا البشرية أو النماذج الحيوانية في المختبر، سيكون ضرورياً لإظهار الروابط السببية.
حيث أكد أندريه رجيتسكي، من جامعة شيكاغو الأمريكية، والذي قاد البحث: "هذه قائمةٌ من العناصر المُشتبَه بها للتحقُّق فيها، وجميع العناصر لديها بعض الأدلة الموثوقة، لكننا بعيدون تماماً عن إدانة هذه العناصر".
رجيتسكي أضاف: "السؤال هو لماذا، وهناك العديد من العوامل المطروحة، مثل الإرهاب أو شيء ما في البيئة. من المنطقي أن النسبة قد ترتفع وتنخفض، لأن فسيولوجيا الأجنة من الإناث والذكور ليست متطابقة، إذ إن لديهم خلفيات هرمونية مختلفة".
تابع الأكاديمي الأمريكي: "هناك كثير من الخرافات حول النسبة بين الجنسين عند الولادة، ولكن عندما تتعمَّق في البحث يتبيَّن أن كلَّ شيءٍ قد اختُبِرَ على بياناتٍ حقيقية في اختبارٍ أُجرِيَ على عيِّناتٍ صغيرةٍ نسبياً".
بحسب الدراسة، يُحدَّد جنس الأطفال عند الحمل، وحينها يكون الاحتمال بأن يصبح نصف الأجنة بالضبط من الإناث ونصفها من الذكور. لكن العوامل الهرمونية يمكن أن تنهي مزيداً من أجنة الإناث أو مزيداً من الأجنة الذكور في أثناء الحمل، مِمَّا يؤدِّي إلى نسبٍ غير متوازنة بين الجنسين.
يعد البحث الجديد، الذي نُشِرَ بدورية Plos Computational Biology، أول تحقيق في العديد من الملوِّثات الكيميائية والعوامل البيئية الأخرى باستخدام مجموعة بياناتٍ كبيرة من قارتين. إذ استُخدِمَت بياناتٌ عن 150 مليون شخص في الولايات المتحدة على مدار ثماني سنوات، و9 ملايين سويدي على مدار 30 عاماً.
في حين أدت العوامل التي ارتبطت بالتغيُّرات الكبيرة، مثل التلوُّث بالزئبق والقرب من المصانع، إلى تحوُّل في النسبة بين الجنسين يصل إلى 3%. وفي عددٍ من السكَّان يبلغ مليون نسمة، فإن هذا يعني أن عدد الإناث يفوق عدد الذكور بمقدار 60 ألفاً، أو العكس.