ربما تشكل الأعمال المنزلية عبئاً على ما يبدو، لكن دراسة جديدة أشارت إلى أن الأعمال المماثلة لنفض الغبار، وتنظيف الأرضيات وغسل النوافذ قد تساعد البالغين في البقاء أصحاء عندما يتقدمون في العمر، وذلك حسب ما أكده باحثون مستقرون بسنغافورة في منشور لهم بالدورية الطبية BMJ Open.
حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، فإن الدراسة أوجدت أن هذا النشاط البدني المنتظم "يحسّن الصحة العقلية والجسدية، ويقلل مخاطر وآثار الأمراض المزمنة، ويقلل السقوط والتوقف عن الحركة والاعتمادية على الآخرين ومعدلات الوفيات بين البالغين الأكبر سناً".
249 مشاركاً
جَمَع فريق الباحثين مجموعة من المتطوعين البالغين بطريقة عشوائية من مدينة ييشون في سنغافورة، وطلبوا منهم استكمال اختبارات الوظائف الإدراكية إضافة إلى اختبارات الأنشطة؛ وذلك من أجل تقييم قدراتهم البدنية، مثل الوقوف بعد الجلوس على الكرسي بأسرع ما يمكنهم.
اختُبر المشاركون كذلك على صعيد مستويات أنشطتهم البدنية، بما في ذلك كمية الأعمال المنزلية الخفيفة (مثل نفض التراب)، والأعمال الثقيلة (مثل تنظيف الأرضيات) التي فعلوها، وقُيمت مخاطر سقوطهم استناداً إلى قوة تمدد الركبة.
تضمنت الدراسة 249 مشاركاً تتراوح أعمارهم بين 21 و64 عاماً، و240 مشاركاً تتراوح أعمارهم بين 65 و90 عاماً.
إضافة إلى أن غالبية المشاركين الذين أشارت نتائج اختباراتهم إلى أنهم يؤدون أعمالاً منزلية ثقيلة أو خفيفة، كانت من النساء.
نتائج مفاجئة
بعد الأخذ في الحسبان عوامل تتضمن العمر والنوع وكمية الأعمال المنزلية الخفيفة التي يؤديها المشارك، توصل الفريق إلى أن نتائج الوظائف المعرفية والانتباه كانت أعلى بنسبة 8%
و14% على التوالي بالنسبة للبالغين الأكبر سناً الذين يؤدون كماً كبيراً من الأعمال المنزلية الثقيلة- بمتوسط 131 دقيقة أسبوعياً- عند المقارنة بالمستويات المنخفضة من هذه الأعمال، التي بدت أنها تصل إلى عدم أداء أي منها على الإطلاق.
كان الزمن المستغرق بين الجلوس والوقوف أقصر بالنسبة للبالغين الذين أفادت نتائجهم بأنهم يضطلعون بأعمال منزلية ثقيلة، مقارنة بالآخرين الذين يؤدون كماً أقل من الأعمال المنزلية، بينما قدرت النتائج كذلك أن المجموعة الأولى تقل معها احتمالية السقوط.
وجد الفريق كذلك أن درجات الوظائف الإدراكية كانت أعلى بنسبة 5% للبالغين الأكبر سناً، الذين أشارت نتائجهم إلى اضطلاعهم بمستويات أعلى من الأعمال المنزلية الخفيفة عند مقارنتهم بالآخرين الذين يضطلعون بمستويات منخفضة من هذه المهام، بمتوسط 89 دقيقة أسبوعياً.
ماذا يقول الباحثون المشاركون في الدراسة؟
يقول الفريق إن غياب النتائج المماثلة لدى البالغين الصغار قد يكون نتيجة أنهم يحظون بمستويات أعلى من التعليم- وهو عامل يرتبط بوجود خط أساس أعلى للوظائف الإدراكية وتدهور معرفي أبطأ- وقدرات وظيفية أعلى من البالغين الأكبر سناً.
في هذا السياق، صرح الدكتور شيو ليانغ وي، المشارك في كتابة البحث والأستاذ لدى معهد سنغافورة للتكنولوجيا ومعهد تعليم وبحوث الشيخوخة، بأن الرسائل الصحية حول ضرورة أن يبقى المرء نشيطاً يجب ألا تكون حول الأنشطة البدنية الترفيهية وحسب.
كما أوضح: "الأعمال المنزلية هي نشاط هادف يؤديه كثير من البالغين الأكبر سناً. بصرف النظر عن الترفيه، [والتنقل]، والأنشطة البدنية الأخرى المرتبطة بالعمل، ترتبط الأعمال المنزلية الثقيلة بالذاكرة الأكثر حدة والتوقع الأفضل للسقوط لدى البالغين الأكبر".
أما جيل ليفينغستون، وهي أستاذة الطب النفسي لكبار السن في كلية لندن الجامعية، التي لم تشارك في البحث، فقد قالت إن الدراسة كانت مثيرة للاهتمام، ولكنها ليست ذات مغزى كبير لأن الأشخاص الذين ليسوا على ما يرام قد يُتوقع منهم أن يؤدوا أعمالاً منزلية أقل.
كما أوضحت: "أعتقد أن النصيحة ستكون أن الأعمال المنزلية يمكن أن تكون تمريناً جيداً، وهو جيد للقلب والعقل. لا نستطيع استخلاص أي استنتاجات من هذه الدراسة مفادها أن (الأعمال المنزلية) وقائية على وجه التحديد".
كذلك نصح تشارلي فوستر، أستاذ النشاط البدني والصحة العامة لدى جامعة بريستول، بالحذر، وذَكَر أن الدراسة اعتمدت على مستويات من الأعمال المنزلية أُبلغ عنها ذاتياً عن طريق المشاركين، وهي ما قد تكون غير صحيحة، ولا تأخذ في الحسبان العوامل الأخرى التي ربما تؤثر على النتائج.
المتحدث ذاته صرح بهذا الخصوص قائلاً: "أظن أن مطالبة الأشخاص بأن يكونوا نشطين عن طريق أداء الأعمال المنزلية، لن تكون واحدة من طرق الحكومة لتعزيز النشاط البدني".