في مثل هذا اليوم عام 2001، حظيت الشخصية الخيالية التي أبدعتها المؤلفة البريطانية جيه.كيه. رولينغز للصبي ذي القدرات السحرية "هاري بوتر" بنظارته الطبية الدائرية وندبة جبينه المميزة، بأول ظهور على شاشات السينما في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية.
واستناداً إلى الرواية الخيالية الأكثر مبيعاً، التي تحمل الاسم نفسه لذات الشخصية، أصبحت أفلام هاري بوتر أحد أكثر الأفلام ربحاً في التاريخ.
وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2001، اشترى المنتج ديفيد هيمان حقوق الكتب مطلقاً الفيلم الأول، من إخراج كريس كولومبوس وبطولة الثلاثي المجهول في ذلك الوقت دانيال رادكليف وروبرت جرينت وإيما واتسون.
في هذا التقرير نستعرض كيف تمكنت سلسلة قصص وأفلام الساحر الشاب هاري بوتر من وضع علامة فارقة في حياة الكثيرين حول العالم، لدرجة جعلت البعض يقولون إنه قد تمكن فعلياً من "تغيير العالم" الذي نعرفه.
نجاح استثنائي وغير مسبوق للمحتوى الأدبي الخيالي
باعت كتب سلسلة هاري بوتر مجتمعة أكثر من 500 مليون نسخة، مما يجعلها السلسلة الأكثر مبيعاً على الإطلاق؛ إذ سجلت الروايات الأربع الأخيرة مثلاً، أرقاماً قياسية لأسرع الكتب مبيعاً في التاريخ.
وبحسب موقع ABC News الأمريكي، فقد تمت ترجمة السلسلة إلى 73 لغة، وتم تكييفها في 8 أفلام ذات شعبية كبيرة، بالإضافة إلى المعارض والمتاحف وسلاسل المتاجر التي تبيع البضائع المربحة.
وفي العشرين عاماً التي انقضت منذ نشر الرواية الأولى، نما عالم هاري بوتر لتصل قيمته إلى أكثر من 25 مليار دولار، لينافس بذلك أكبر شركات التكنولوجيا أو التسوق الإلكتروني حول العالم، مثل Apple وAmazon.
وقد لاحظ الناشرون وكتاب الأطفال ذلك منذ اللحظات الأولى.
على سبيل المثال، وجدت منصة تصنيف الكتب Booklist أن روايات الشباب زادت مبيعاتها بنسبة 115.5% بين عامَي 2006 و2016، وهو العقد الذي كانت فيه روايات بوتر في أوج فتراتها.
هاري بوتر جعل القراءة رائعة ورائجة من جديد
لا يمكن لأحد أن ينكر أن كتب هاري بوتر أعادت إحياء صناعة النشر.
ففي الوقت الذي كان فيه القراء يتجّهون إلى استهلاك أشكال أخرى من وسائل الإعلام السريعة، كان عدد قليل من الأجيال الشابة يقرؤون الكتب بالفعل.
وهُنا أثارت كتب هاري بوتر اهتماماً عاماً بالقراءة، وصارت الكتب حتى وإن كانت ضخمة الحجم، قابلة للانتهاء وحتى تتم معاودة قراءتها مرات ومرات.
وقد تجلى هذا الاهتمام في المبيعات الضخمة لأكثر من 450 مليون نسخة حول العالم، وتمت ترجمة السلسلة إلى أكثر من 60 لغة.
الأمر تجاوز مجرد بيع النسخ أيضاً، إذ أصبح هاري بوتر نمطاً وتجارة في حد ذاته، بعدما صار أسلوباً للحياة بالنسبة لأجيال مختلفة تحاول اقتناء كافة أدواته الشخصية.
هاري بوتر غيّر محتوى الأدب الذي يستهدف الشباب
أدت روايات وأفلام هاري بوتر إلى صعود شعبية الروايات التي تستهدف جمهوراً من الأطفال والشباب اليافعين، وتمكنت تلك الروايات من أن تُحدث نقلة في استقطاب البالغين أيضاً بذلك النوع من الأدب.
وبحسب موقع Lifestyle للمنوعات، استطاعت كتب هاري بوتر ضمان تخصيص رف مكتبة بالكامل لكتبها بالإضافة للأدب الشبابي المماثل من روايات قديمة وحديثة ذات طابع خيالي وفانتازي.
ووجدت دراسة أجريت عام 2012 ونشرتها مجلة Publisher Weekly العلمية، أن 55% من روايات الأدب الشبابي يشتريها الكبار والبالغون وليس الأطفال.
هذه الطفرة حدثت فعلياً بعد بيع سلسلة هاري بوتر منذ إطلاقها أول الأمر في العام 1997.
صنع أفلام أيقونية لكتب اليافعين بات تجارة مُربحة
على ذات المنوال، استطاعت سلسلة هاري بوتر بشكل عام أن تمتلك مكانة على أرض مجهولة لم يسبق إلا لقلة قليلة من روايات اليافعين أن تطأها، وذلك من خلال الحصول على إمكانيات إنتاج ضخمة لخلق أفلام تحتل صدارة شبابيك التذاكر.
وكما هو الحال في الأدب الشعبي، كان المنتجون يميلون إلى تصنيف أفلام معينة للأطفال فقط، بينما ينتقون أفلاماً ويصنفونها على أنها للبالغين. لكن هاري بوتر غيَّر ذلك، مستقطباً جمهوراً هائلاً لأفلامه تضمن جميع الفئات العمرية بلا استثناء.
الكُتاب أيضاً صار بإمكانهم أن يصبحوا نجوماً
الآن، وبعد نحو 20 سنة من إصدار الفيلم الأول -وأربع سنوات إضافية منذ إصدار الكتاب الأخير للسلسلة- تعتبر رولينغ، البالغة من العمر 56 عاماً، واحدة من أغنى أغنياء العالم، وحصلت على وسام الإمبراطورية البريطانية الشرفي تقديراً لمجهوداتها وتأثيرها.
هاري بوتر أضاف كلمات جديدة للغة الإنجليزية
أحد الأشياء المؤثرة لسلسلة هاري بوتر هو مدى فرادته في خلق عالم بديل كلياً، بداية من اللغويات والحقائق، وصولاً لنمط العيش والحياة اليومية لأبطاله.
وتمثل التأثير في خلق مصطلحات جديدة تمت إضافتها لقواميس اللغة الإنجليزية الرئيسية مثل Oxford وCambridge.
على سبيل المثال، يتم استخدام كلمة "Muggle" للإشارة إلى أولئك الذين لا يمتلكون قدرات سحرية.
بالإضافة إلى كونها كلمة غريبة، فقد أصبحت أيضاً جزءاً من المفردات اليومية خارج الكتب، ويستخدمها الناس اليوم للإشارة إلى الأشخاص غير المعجبين بسلسلة هاري بوتر.