كل صيف، يتأهب 12 صديقاً للسفر إلى فنلندا، يعملون كل يومٍ 6 ساعات متواصلة حتى يحل البرد فيستسلمون ويعودون. الأصدقاء شركاء أيضاً، والعمل الذين يجتمعون لأجله كل صيف هو التنقيب عن أكبر كنز في العالم.
اختار الأصدقاء لقب "رجال المعبد الاثني عشر" أو Temple Twelve، ومنذ أكثر من 30 عاماً وهم يبحثون عن كنزٍ قيمته 20 مليار دولار يسمى "كنز ليمنكاينن"، والذي يضم ذهباً ومجوهرات وتحفاً فنية.
ولو تم تحديد موقع الكنز المخبأ بالفعل، فسيكون أكبر كنز تم اكتشافه في التاريخ، حسب صحيفة New Zealand Herald.
ويعتقد الفريق أن الكنز يحتوي أيضاً على 50 ألف مجوهرة من ضمنها أحجار الروبي والزمرد والياقوت والألماس، إلى جانب عملات نقدية ذهبية وغيرها من النفائس.
أما التحف الفنية فيعود تاريخها لآلاف السنين، ومن ضمنها تماثيل بحجم الإنسان مصنوعة من الذهب الخام.
فما قصة هذا الكنز، وكيف اكتشف الأصدقاء قصته، وهل فعلاً اقتربوا من تحديد مكانه بعدما أمضوا عمرهم بحثاً عنه أم أنهم يلاحقون قصة خيالية؟
أكبر كنز في العالم
وكان الكنز أعلن عنه رسمياً من قِبل صاحب الأرض حيث ينقبون سنوياً، لور بوك، عام 1987، والذي ينحدر شخصياً من عائلة ليمنكاينن، التي يرد ذكرها في المعتقدات الوثنية الفنلندية قبل انتشار المسيحية في تلك البقعة من الأرض.
ادعى بوك أن الغرفة الموجودة في ممتلكاته قد تم إغلاقها بألواح حجرية في القرن العاشر؛ لحماية الكنز من الغزاة، وأنه الحامي الشرعي لسر العائلة.
وقُتل بوك، الذي كان مصاباً بشلل رباعي بعد تعرضه للطعن في يونيو/حزيران 1999 من قِبل أحد معارفه، على يد مساعديه السابقين من الجنسية الهندية في عام 2010، لكن البحث عن الكنز استمر حتى بعد وفاته.
أفرجت الشرطة عن أحد المشتبه بهم والبالغ من العمر 19 عاماً، وتم العثور على المشتبه الثاني والبالغ من العمر 28 عاماً، غير مذنب بسبب الجنون.
وفي عام 2011 تم ترحيل المذنب إلى الهند، حسبما ذكرت وسائل الإعلام المحلية في ذلك الوقت.
وبينما لا يزال الدافع غير واضح، قالت الشرطة إن عملية الطعن حصلت بعدما نشب خلاف بينهما.
وُلد بوك في عام 1942، وكان شخصية غريبة الأطوار ويُنظر إليه على أنه "صوفي" وعمل مرشداً سياحياً في قلعة جزيرة سومينلينا.
ادَّعى أنه ينحدر من سلالة عائلية تعود إلى العصور الوثنية القديمة التي تم تصويرها في ملاحم بوك.
وكان يظن أن الكنز مخفيٌّ بمكان ما في نظام كهوف سيبوسبرغ، على بُعد 35 كم شرق العاصمة الفنلندية هلسنكي، في معبد مدفون تحت الأرض.
داخل المعبد، من المفترض أن يكون هناك رواق لولبي مع غرف صغيرة منه، حيث يتم تخزين الكنز الذي تم جمعه عبر الأجيال.
ويقال إن آخر مرة تمت فيها إضافة المجموعة كانت عام 987 بعد الميلاد، عندما امتلأت القاعة وتم إغلاق المدخل وإخفاؤه.
شهدت المنطقة عمليات استكشاف رسمية لا حصر لها؛ في محاولة للعثور على الكنز على مدى 3 عقود، وشارك فيها أكثر من 100 منقّب محترف من جميع أنحاء العالم ولكن دون جدوى.
إلا أن هؤلاء الأصدقاء رفضوا أن يستسلموا.
وأعلنوا أنهم أخيراً على بُعد أمتار قليلة من العثور على الكنز، ويُعتقد أن الصيف المقبل قد يكون الوقت الذي يتم فيه اكتشاف الكنز أخيراً.
هيبيز متعددو الجنسيات يوحِّدهم إيمانهم بالكنز
تتكون المجموعة الأصلية التي بدأت أعمال التنقيب في عام 1987، من 24 شخصاً، 12 رجلاً و12 امرأة، على الرغم من بقاء اثنين فقط من الفريق الأصلي، ولكن تعاقب المتمسكون بالفكرة حتى استقر العدد على 12، بينما بلغ عدد الساعات التي أمضوها في البحث أكثر من 100 ألف ساعة مُضنية.
ينتمي الأصدقاء لعدة دول، فهم يحملون الجنسية الروسية والأسترالية والأمريكية والسويدية والنرويجية والألمانية والهولندية.
وبينما يستكمل الأصحاب بحثهم صيفاً بعد صيف، أطلق عليهم "مجانين المعبد الاثنا عشر" وغيرها من الأوصاف التي كانت تنتقد إصرارهم وتنقيبهم العام تلو الآخر عن هذا الكنز.
الجديد في هذه القصة الغريبة هو إعلان الفريق أنهم اقتربوا أخيراً من مكان الكنز.
ورغم أنهم مفلسون ومنقّبون هواة، فإنه من المتوقع أن يعود أصحاب المعبد الاثنا عشر إلى الموقع في مايو/أيار من عام 2022؛ لاستئناف العمل.
إصرار أم جنون؟
بدوره أرَّخ المؤرخ والمؤلف كارل بوركن حياة رجال المعبد الاثني عشر الهيبيز في كتابه "مجانين مؤقتاً".
وكانوا اتفقوا مع صاحب الأرض بوك على التنقيب عن الكنز بدون أي تمويل خارجي وبسواعدهم، حسب صحيفة New York Post.
ومن اللافت للنظر، أنه بعد 34 عاماً من بدء الحفريات لأول مرة، بقي اثنان من أصل 24، على الرغم من وفاة أو تقاعد نصف المجموعة على الأقل.
ورغم عدم العثور على أي دليل قاطع على الكنز، فإن رجال المعبد الاثني عشر يعتقدون أنهم حددوا مكان ألواح الغرانيت العملاقة التي تشكل باب المعبد، وكل ما يتطلبه الأمر هو إزاحتها لوضع أيديهم على الكنز.
وباستخدام أدوات بدائية، من ضمنها الرفوش والدلاء، قامت المجموعة حتى الآن بإزالة عدة كتل تزن أربعة أطنان من مدخل الكهف وحفر نحو 400 طن من الرواسب تحته.
وقال المؤرخ بوركن: "يمكن إزالة الرواسب المتبقية وألواح الغرانيت التي تغطي باب المعبد في غضون أشهر، بفضل (التبرع) الأخير، بالديناميت".
لكن الطقس الفنلندي يعني أن موسم الحفر يقتصر على أشهر الصيف قبل أن يمتلأ الكهف بمياه الأمطار المتجمدة.
وبالتالي، يتعين على المجموعة ضخ أكثر من 1.5 مليون لتر من المياه سنوياً خارج الكهف في بداية كل موسم.
وعند استئناف الحفر في العام المقبل، فإن الفريق واثق بأنه سيصل إلى مدخل الكهف السري.