قد يكون العثور على مكان للإقامة في معظم المدن أو القرى أمراً سهلاً ولا يحتاج للكثير من الشروط، لكن متطلبات العيش في قرية فيلا لاس إستريلاس أو "قرية النجوم" في أنتاركتيكا أكثر صرامة إلى حد ما.
في الواقع، يجب أن تخضع لعملية جراحية أو أكثر قبل أن تسافر وتستقر فيها، وليس من الجيد أن تفكر في الحمل والإنجاب، أما بالنسبة للكلاب فهي أيضاً غير مرحب بها هناك.
نعتقد أنك تتساءل الآن عن أسباب كل هذه القيود للعيش في تلك القرية المتجمدة البعيدة في القارة القطبية، لذلك قصة يعود تاريخها لمنتصف القرن الماضي، تعرف معنا عليها في هذا التقرير.
أين تقع قرية فيلا لاس إستريلاس؟
تعدّ قرية فيلا لاس إستريلاس واحدة من مستوطنتين اثنتين في القارة القطبية الجنوبية، وتقع في جزيرة الملك جورج في تشيلي.
معظم سكانها هم علماء يعملون في مراكز البحوث أو أعضاء في الجيش التشيلي يتمركزون في القاعدة العسكرية فيها، لكن بعض العائلات تعيش هناك على مدار السنة.
القرية مجهَّزة بمدرسة ومكتبة ومكتب بريد ومحطة إذاعية وبنك وسوبر ماركت وعدد قليل من المنازل وحتى كنيسة كاثوليكية صغيرة، كما أشار موقع Mental Floss.
تتمتع فيلا لاس إستريلاس بمناخٍ قطبي بحري حيث تكون درجات الحرارة الشتوية أكثر اعتدالاً من العديد من المناطق الشتوية المكتظة بالسكان مثل كندا وسيبيريا.
مع ذلك، فإن درجات الحرارة في الصيف منخفضة للغاية؛ في الواقع أعلى من درجة التجمد بقليل، مما يجعل المناخ صعباً للسكان البشر.
كما أن مستويات أشعة الشمس منخفضة للغاية. خلال فصل الشتاء، هناك أيام كاملة تشرق فيها الشمس لساعات قليلة فقط، بينما في الصيف قد يكون الظلام نادراً.
إزالة الزائدة الدودية شرط للإقامة
كثير من الناس يقيمون في هذه القرية الصغيرة فقط خلال فصل الصيف، ولكن بالنسبة لعشرات الأشخاص الذين يعيشون في القاعدة العسكرية فيها أو في مركز الأبحاث طوال العام، فإن إزالة الزائدة الدودية هي أحد شروط الإقامة، حتى للأطفال، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC).
السبب هو أن أقرب مستشفى يبعد أكثر من 600 ميل أي 1000 كم. في حين أن هناك رعاية طبية عامّة في الجزيرة، وتمزق الزائدة الدودية حالة تهدد الحياة وتتطلب جراحة فورية لا يمكن إجراؤها في الجزيرة وتتطلب القيام برحلة طويلة إلى البر الرئيسي التشيلي.
لذلك، كإجراء احترازي، يخضع سكان القرية لعمليات استئصال الزائدة الدودية الوقائية.
ما قصة قانون إزالة الزائدة الدودية؟
في الحقيقة قانون إزالة الزائدة الدودية موجود في العديد من المستوطنات الأخرى في المنطقة.
على سبيل المثال، الأستراليون لديهم قاعدة للبحوث في القارة ووفقاً لموقعهم الرسمي على الويب فإن الأطباء الذين يقضون فصل الشتاء في محطات القطب الجنوبي الأسترالية مطالبون بإزالة الزائدة الدودية.
هذا لأنه عادة ما يكون هناك طبيب واحد فقط في المحطة خلال فصل الشتاء، ومن المستحيل العودة إلى الرعاية الطبية في أستراليا قبل انقضاء نصف العام على الأقل.
يعود هذا الشرط إلى الخمسينيات من القرن الماضي، عندما أصيب طبيب أسترالي في القطب الجنوبي بالتهاب الزائدة الدودية في جزيرة هيرد وتطلب عملية إخلاء صعبة للغاية للعودة إلى أستراليا.
لكن على الأرجح قصة الطبيب ليونيد روجوزوف المروعة هي التي أقنعت معظم الناس بإزالة الزائدة الدودية طواعية قبل مجيئهم للقرية.
من كان ليونيد روجوزوف وماذا حدث؟
كان ليونيد روجوزوف جراحاً روسياً وجزءاً من البعثة السوفييتية السادسة في القطب الجنوبي في عام 1961 التي قدمت لإنشاء قاعدة جديدة تسمى محطة نوفو لازاريف سجايا.
بحلول فبراير/شباط، تم إنجاز المهمة ولكن لسوء حظ روجوزوف، عندما اقتربوا من نهاية أبريل/نيسان، بدأ يشعر بالضعف والغثيان مع ظهور ألم حاد في الجانب الأيمن السفلي من بطنه.
وفقاً لما نشر في موقع BBC البريطاني، تمكن روجوزوف على الفور من تشخيص المشكلة- التهاب الزائدة الدودية الحاد تتطلب عملية روتينية.
لقد كانت عملية جراحية أجراها بنفسه عدة مرات للعديد من المرضى. كانت المشكلة الوحيدة هي أنه كان الجراح الوحيد في الفريق ولم يكن هناك موعد لعودة السفينة قبل عام، وكانت العواصف الثلجية تعني عدم وجود طائرات أو أي مساعدة قادمة.
عرف روجوزوف أنه إذا انفجرت الزائدة الدودية، فمن المحتمل أن يموت. بحلول نهاية أبريل/نيسان، ساءت أعراضه وكان يعلم أنه ليس لديه خيار آخر. كان سيضطر إلى إجراء عملية جراحية على نفسه لكن كانت هناك صعوبات عديدة.
من الواضح أنه لم يكن قادراً على استخدام التخدير العام، بل فقط مخدر موضعي رغم الألم الشديد. لذلك، قام بتجنيد رجلين كمساعدين لمنحه الأدوات، وإمساك المصابيح والمرايا حتى يتمكن من الرؤية، وبدأ في العملية. استغرق الأمر ساعتين، كان روجوزوف على وشك الإغماء عدة مرات فيهما، لكن العملية نجحت في النهاية.
قوانين وصعوبات أخرى
تتطلب العديد من المحطات المتواجدة في أنتاركتيكا أيضاً زيارات لأطباء الأسنان مسبقة للتحقق من إزالة ضرس العقل أو أنه لن يسبب مشكلة لبضعة أشهر. وهذا الإجراء ينصح به أيضاً في فيلا لاس إستريلاس.
ومن المثير للاهتمام أن الحمل في هذه القرية أيضاً أمر صعب للغاية ولا ينصح به بسبب نقص الطاقم الطبي والمخاطر التي قد تنتج عنه من عمليات إجهاض أو عسر الولادة أو الولادة القيصرية.
كما يمكنك رؤية حيوانات مثل طيور البطريق والفقمات في جميع أنحاء القرية، لكنك لن ترى أية كلاب. تم حظر جميع الكلاب لأنها قد تنقل الأمراض إلى الحياة البرية في أنتاركتيكا، وفقاً لموقع The New York Times الأمريكي.