قال موقع Science Alert الأمريكي في تقرير نشره الإثنين 16 أغسطس/آب 2021، إنه قد عُثر على عدد ضخم من عظام الحيوانات المختلفة، وضمنها بقايا بشرية، في أنبوب حمم بركانية قديم معروف باسم "الكهف المجوف" في المملكة العربية السعودية.
الكهف المجوف، المسمى "أم جرسان"، عبارة عن نظام قنوات مترامية الأطراف للحمم البركانية تحت الحقول البركانية في حرة خيبر بشمال غربي البلاد.
أطول أنبوب حمم
حيث تمتد "أم جرسان" لمسافة مذهلة تبلغ 1.5 كيلومتر، مما يجعلها أطول أنبوب حمم معروف في شبه الجزيرة العربية. وداخل هذه الظلال الواسعة، كانت المخلوقات البرية تمارس حياتها.
في دراسة جديدة، أبلغ الباحثون، عن اكتشاف مئات الآلاف من العظام التي تنتمي إلى 14 نوعاً مختلفاً على الأقل من الحيوانات، مثل الماشية والخيول والجِمال والقوارض وغيرها. وبعض هذه العظام بشرية.
حيث نشر عالم آثار الحيوان، ماثيو ستيوارت، من معهد ماكس بلانك لعلم البيئة الكيميائية في ألمانيا، على تويتر: "يمتلئ أنبوب الحمم البركانية هذا، الذي يبلغ طوله 1.5 كيلومتر، بمئات الآلاف من بقايا الحيوانات المحفوظة بشكل جميل". وتساءل: "لكن ما السبب؟".
عدد هائل من العظام
كذلك ووفقاً للباحثين، من المرجح أن هذا العدد الهائل من العظام جمعه معاً الضبع المخطط (Hyaena hyaena)، الذي عُثر على بقاياه الهيكلية أيضاً في الكهف، جنباً إلى جنب مع فضلاتهم المتحجرة (تسمى coprolites).
في حين أوضح ستيوارت أن المجموعة الضخمة من العظام تمثل نتاج عمل على مر عصور: "هذه المخلوقات جامعات متعطشة للعظام، تنقلها إلى أوكار لتستهلكها، أو تُطعمها للصغار، أو تخبئها".
كما أضاف ستيوارت: "تراكمت المواد في أم جرسان على مدى السبعة آلاف عام الماضية، مما يدل على الظروف الممتازة للحفاظ على العظام داخل أنبوب الحمم".
في المقابل وبينما اكتُشفت عظام الحيوانات بأنبوب الحمم البركانية في "أم جرسان" قبل ذلك، إلا أنه لايزال هناك الكثير الذي لم يفهمه العلماء حتى الآن حول تصنيف الأنواع للعظام التي في الكهف، وما يمكن أن تخبر به تلك البقايا عن علم البيئة القديمة في المنطقة.
رغم ذلك، فإنَّ جحر الضبع القديم هذا ليس مجرد بقايا من الماضي القديم. فخلال تحقيق سابق حول أنبوب الحمم البركانية في عام 2007، سمع الباحثون أصوات "زمجرة" تخرج من الكهف، مما يشير إلى أن أبواب كهف "أم جرسان" ماتزال مفتوحةً للسكنى.
من الممكن أن تكون أنواع أخرى من الحيوانات قد جمعت مجموعة العظام العملاقة، مثل الثعالب أو الذئاب. لكن الفريق يقول إنَّ ثقل الأدلة يشير إلى الضباع: لا تقوم الذئاب عادةً بنقل العظام بعيداً عن مواقع القتل، ولا تستطيع الثعالب حمل مثل هذه الفرائس الكبيرة أو التهامها بسهولة.
إضافة إلى ذلك، تشير العديد من العلامات الموجودة على العظام إلى عمليات القضم والهضم من الضباع.
عرين أمومة للضبع!
كتب الباحثون بدراستهم: "إذا أخذنا في الاعتبار العدد الكبير لمجموعة العظام، والمعالجة المكثفة والمفرطة لعظام الأطراف ذات الحوافر، ووفرة البراز المتحجر للضباع، ووجود ضبع صغير وبقايا جمجمة بشرية، فإن ذلك يشير إلى أن أم جرسان كانت بمثابة العرين للضبع المخطط، وفي بعض الأحيان باعتباره عرين أمومة".
على الرغم من أن العلماء ما زالوا لا يعرفون الكثير عن "أم جرسان"، يأمل الباحثون أن تكون هذه المقبرة المروعة بمثابة كبسولة زمنية لتسليط الضوء على علم البيئة القديمة وعصور ما قبل التاريخ في شبه الجزيرة العربية القديمة.
حيث قال ستيوارت: "في منطقة يكون فيها الحفاظ على العظام سيئاً للغاية، تقدم مواقع مثل أم جرسان مورداً جديداً ومثيراً. هذه الدراسة ليست سوى قمة الجبل الجليدي".
جدير بالذكر أن هذه النتائج نُشرت في مجلة Archaeological and Anthropological Sciences.