تعيش الحيوانات في عالم تكون فيه إما قاتلة أو مقتولة، وبين الدفاع عن النفس أو مكائد الصيد الذكية يُجري علماء دراسة السلوك الحيواني آلاف الدراسات والتجارب لسدّ فجوات المعرفة حول سلوكيات الحيوانات، لكن أحياناً ما تكشف هذه الدراسات والتجارب عن معلومات مخيفة حقاً، تدعو للحذر والحرص عندما تُقرر أن تتمشّى في منطقة برية متأملاً أشكال ومستويات الحياة فيها.
سلوكيات مخيفة في عالم الحيوانات
طوَّرت العديد من الحيوانات بعضَ الاستراتيجيات الوحشية للتكيّف والتعامل وسط ملايين الأنواع الأخرى التي تتنافس جميعها من أجل البقاء في عالم لا يرحم.
تهدف بعض هذه الاستراتيجيات إلى تسهيل الصيد، والبعض الآخر للدفاع عن النفس، وبعضها غامض تماماً. فيما يلي 10 من أكثر السلوكيات الحيوانية الغريبة المخيفة التي رصدها العلماء حتى الآن.
9- الانتحار الجماعي
رغم مدى جنون هذا السلوك وغرابته فإنَّه لا يحدث لدى نوع واحد من الحيوانات فحسب.
توجد مجموعة مذهلة من أنواع الحيوانات المعروفة باتخاذ قرار قتل نفسها في عمليات انتحار جماعي غير مفهومة، بدايةً من الحشرات إلى الطيور والبرمائيات والثدييات وغيرها، ونادراً ما يكون لدينا أدنى فكرة منطقية عن سبب ذلك.
عندما سُئلتْ عالمة السلوك الحيواني دارلين كيتن ذات مرة عن سبب اتجاه رتبة الحيتانيات، وهي مجموعة الثدييات البحرية التي تضم الحيتان والدلافين، نحو الشاطئ عمداً، بعيداً عن المياه، في ظاهرة معروفة باسم "جنوح الحيتان"، أجابت: "غالباً ما أستخدم تشبيه حادث سيارة، لأنَّ الكثير من الأشياء قد تحدث بالخطأ، لكن تؤدي إلى نفس النتيجة".
وأضافت: "نستطيع من الناحية الإحصائية تحديدَ سبب هذا الجنوح في حوالي 50% فقط من جميع الحالات على مستوى العالم".
تشمل الأسباب الأكثر شيوعاً لظاهرة انتحار الحيتان الأمراض والمد الأحمر والإصابات وفقدان مواطنها بفعل النشاطات الإنسانية، لكن الإجابات القاطعة لا تزال نادرة.
8- تعذيب الفريسة
بالحديث عن رتبة الحيتانيات فهي لا تؤذي نفسها فحسب، بل أيضاً فرائسها.
تعتاد الحيتانيات على تعذيب فريستها قبل أن تقتلها بهدف التسلية والمتعة، تشتهر حيتان الأوركا أو الحيتان القاتلة على سبيل المثال بالتلاعب بفريستها، حيث تُمسكها وتفلتها مرات عديدة رغم أنَّها تستطيع ببساطة التهامها سريعاً، يبدو أنَّ بعض هذه الأنواع تفضل مراقبة الأمل يرتفع ويتحطم في عيون فرائسها الصغيرة العاجزة.
على غرار حيتان الأوركا، رُصدت دلافين أيضاً تُلحق أذى غير مبرَّر بفرائسها، إذ شوهدت مراراً وهي تركل فريستها المصابة ذهاباً وإياباً بذيلها، مثل نسخة بحرية مروّعة من مباراة تنس الريشة.
7- الرمي من الأعلى
تُعد النسور الذهبية (العُقاب الذهبية) أحد أقوى أنواع الطيور الجارحة في العالم. تحصل هذه النسور على غالبية طعامها من خلال الصيد بمخالبها القوية، تتنوع قائمة فرائسها لتشمل عادةً الأرانب والقوارض متوسطة الحجم، فضلاً عن قدرتها على النيل بمهارة من حيوانات تفوقها في الحجم، من بينها الماعز الجبلي الذي تصطاده أحياناً بدفعه من فوق المنحدرات.
ثمة عدة مناسبات شهد فيها الباحثون نسوراً ذهبية تنال من ماعز جبلي باستراتيجية بارعة، تتمثل في ملاحقتها ودفعها للسقوط من أعلى الجرف الموجودة عليه، طوّرت النسور الذهبية تلك الاستراتيجية الجديدة الماهرة والمرعبة في نفس الوقت لأنَّ الماعز ثقيلة جداً، بحيث لا تستطيع حملها.
6- الصيد في العواصف
تستخدم نمور الببر (tigers) العواصف الرعدية أداة تمويه لمطاردة فرائسها، حسب ما نشره موقع Listverse.
مع تراكم الغيوم الرمادية الداكنة التي تُنبئ بهبوب عاصفة رعدية، يبدأ هذا النوع من النمور في الصيد.
يساعد ظلام الغيوم على إخفاء شكلها أثناء تسللها عبر العشب الطويل، ولأنَّ هذه النمور تجيد التحرك باتجاه الريح، تعجز حواس فرائسها عن اكتشاف هذا المخلوق المفترس قبل انقضاضه عليها.
5- سم الإبط
يتسم حيوان اللوريس البطيء بمظهره اللطيف، تميل هذه الحيوانات إلى رفع أذرعها بشكل مستقيم عندما تتعرّض للمس، وهو ما جعل كثيرين يفترضون أنَّها ببساطة تحب الدغدغة.
لكن في الواقع، تشعر اللوريسيات البطيئة بالتهديد عند التعرّض للّمس وتستعد للدفاع عن نفسها بلدغة سامة قاتلة.
تعد اللوريسيات من الثدييات القليلة –والنوع الوحيد من الرئيسيات- التي تنتج السم، ويحدث ذلك في غدد تحت إبطيها. عندما يشعر حيوان اللوريس بالتهديد يرفع ذراعيه -وأحياناً يشبكهما فوق رأسه- لكي يلعق السم من تحت إبطه حتى يختلط باللعاب فيتسلح بلدغة على غرار لدغة الكوبرا.
4- حرير أقوى من الفولاذ
ربما سمعت يوماً بأنَّ بعض خيوط العنكبوت أقوى من الفولاذ؛ هذا صحيح تماماً.
ينسج العنكبوت خيوطه الحريرية لصنع الشباك التي يستخدمها مصيدة لالتقاط فرائسه أو تشييد بيت. ويوجد العديد من الأنواع المختلفة لحرير العنكبوت، وتصل قوة ومتانة بعضها مثل "حرير دراغلين" إلى درجة مرعبة بالفعل.
يُعد هذا النوع من الحرير أقوى من معظم أنواع الفولاذ عندما يتعلق الأمر بقوة مقاومة الشد، حسب ما نشره موقع Smithsonian.
أما من حيث القابلية للتمدد، فتمتلك بعض أنواع حرير العنكبوت قابلية للتمدد إلى خمسة أضعاف طولها دون أن تنقطع.
عندما تجمع بين مقاومة الشد وقابلية التمدد تحصل على المقياس المعروف باسم "مقياس المتانة" (toughness)، الذي يهيمن فيه الحرير تماماً، باستثناء المواد الاصطناعية المركبة المتطورة الباهظة التكلفة، التي يصعب إنتاجها.
3- بتر الأعضاء
ثمة سلوك معروف لدى علماء الأحياء باسم "البتر الذاتي"، وهي آلية دفاعية يتعمَّد فيها الحيوان فصل جزء من جسده للتمويه وقت الخطر، ثم ينمو هذا الجزء مُجدَّداً.
يتيح هذا السلوك للحيوان فرصة للهرب في ظل انشغال المخلوق المهاجم بالجزء المبتور المتحرك.
يعتبر تخلّص السحالي من ذيولها هرباً من الكائنات المفترسة، أحد أشهر الأمثلة على هذا السلوك. ومع ذلك يأخذ حيوان "خيار البحر" هذه الاستراتيجية إلى مستوى جديد كليّاً.
عندما تشعر بعض أنواع خيار البحر بالتهديد فإنَّها تطلق أعضاءها الداخلية خارج جسدها -من بينها الأمعاء والعضلات وأجزاء من جهازها التنفسي وحتى أجزاء من أعضائها التناسلية- لتصرف انتباه أعدائها عنها وتربكها وسط فوضى عارمة.
2- التمويه بجثث الفرائس
تُعد الحشرات القاتلة كائنات مخيفة بما فيه الكفاية، تخترق هذه الحشرات جسد فرائسها بفمها الطويل المدبب الذي يشبه الإبرة، ثم تحقنها بمادة مُسبّبة للشلل وسوائل هضمية تذيب الأحشاء الداخلية لفريستها تماماً، ثم تمتص عصارة الأحشاء وتترك الجثة كما هي.
ومع ذلك، ثمة بعض الأنواع لا تتوقف عند هذا الحد، من بينها نوع من الحشرات القاتلة يُدعى Acanthaspis petax.
يستخدم هذا النوع المخيف جثث ضحاياه بهدف التمويه، حيث تفرك مادة لاصقة على جثة فريستها، التي عادةً ما تكون النمل، وتثبتها على ظهرها. تستمر هذه الحشرة القاتلة في تكديس جثث النمل فوق ظهرها جسداً تلو الآخر. قد يفوق أحياناً حجم الفرائس المُكدّسة حجم هذه الحشرة القاتلة لدرجة تجعل رائحة النمل تطغى على رائحة الحشرة، ويجعلها تبدو أكبر حجماً مما هي عليه حقاً، في محاولة لحماية نفسها من الحيوانات المفترسة.
1- قتل الأطفال
تتحكم الأنثى المهيمنة في عشيرة حلوان الميركات الظريفة (Suricata suricatta) في قانون التكاثر بطريقة أو بأخرى، وتراها تقتل صغار أولئك الذين ليسوا من صلبها، ما يضمن حصول نسلها على أفضل فرصة للبقاء على قيد الحياة، بحسب ما نشره موقع WWF الأسترالي المتخصص في الحياة البرية.