استطاع الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون تحقيق حلمه الذي يراوده منذ فترة طويلة؛ وهو إطلاق قطاع السياحة الفضائية، الأحد 11 يوليو/ تموز 2021، بعد أن عاد إلى الأرض بعد رحلته إلى الفضاء التي اختبر خلالها انعدام الجاذبية لدقائق قليلة في مركبة من صنع شركته "فيرجن غالاكتيك" التي أسسها قبل 17 سنة.
حسب وكالة "أ.ف.ب" الفرنسية، فقد أقلعت طائرته قرابة الساعة 08.40 بالتوقيت المحلي (14.40 ت غ) من قاعدة سبايسبورت أمريكا في ولاية نيو مكسيكو، وحلقت نحو 50 دقيقة قبل أن تطلق المركبة المعلقة أسفلها والتي شغلت محركها الخاص حتى بلغت الفضاء، لتعود إلى الأرض بعد بضع دقائق دون مشاكل.
السياحة الفضائية
يأمل برانسون في إطلاق قطاع السياحة الفضائية الناشئ، ويسعى إلى أن يكون أول ملياردير يصل إلى الفضاء بواسطة مركبة تابعة لشركته الفضائية الخاصة. وكانت مهمة برانسون الرئيسية خلال الرحلة اختبار وتقييم هذه التجربة التي سيعيشها الزبائن المستقبليون.
كما سبق أن قام اثنان من أصحاب المليارات هما الأمريكي من أصل مجري تشارلز سيموني ومن ثم مؤسس سيرك دو سوليي الكندي غي لاليبرتيه برحلة إلى الفضاء في 2007 و2009 على التوالي، ولكن بواسطة صاروخ روسي. وحضر ملياردير آخر منافس هو رئيس شركة "سبايس إكس" إيلون ماسك.
عند بلوغ ارتفاع 15 كلم، انفصلت المركبة عن الطائرة التي كانت تحملها وباشرت صعوداً خارقاً لسرعة الصوت، إلى أن تخطت ارتفاع 80 كلم، وهو الارتفاع الذي حددته الولايات المتحدة كحدود للفضاء.
بعد إطفاء المحرك، تمكن الركاب من فكّ أحزمتهم ليسبحوا بضع دقائق في انعدام الجاذبية وتأمل الكرة الأرضية من إحدى الكوات الـ12 في المقصورة. ثم حلقت المركبة عائدة إلى الأرض.
مغامرة خارقة
منذ زمن يسعى الملياردير البريطاني البالغ من العمر 70 عاماً إلى خوض مغامرات خارقة وتحقيق إنجازات رياضية.
قبل أيام كتب برانسون: "عندما كنت طفلاً كنت أرغب بالانطلاق إلى الفضاء"، موضحاً أن هذا الأمر الذي "لم يكن وارداً لأبناء جيلي" دفعه إلى ابتكار اسم "فيرجن غالاكتيك" لإطلاقه على شركة قادرة على جعل ذلك ممكناً.
لكن حادثاً تعرضت له مركبة تابعة لـ"فيرجن غالاكتيك" في الجو عام 2014 وأسفر عن مقتل الطيار أخَّر المشروع طويلاً وكاد أن يطيح بهذا الهدف.
مذّاك وصلت مركبة "في إس إس يونيتي" ثلاث مرات إلى الفضاء في عامي 2018 و2019 وفي مايو/أيار الماضي في رحلات ضمّت طيارين وراكبة في العام 2019.
وأقلعت الرحلة الفضائية من سبايسبورت أمريكا، القاعدة الفضائية التي أقيمت في صحراء نيومكسيكو الواقعة على بعد أقل من مئة كيلومتر إلى الشمال من مدينة لاس كروسس.
بنيت هذه القاعدة بمبادرة من "فيرجن غالاكتيك" وموّلت ولاية نيومكسيكو الجزء الأكبر من المشروع. وتتضمن القاعدة مدرجاً يتخطى طوله 3.6 كيلومترات ومبنى ومساحات مخصصة لعمليات الطيران واستقبال الزبائن المستقبليين.
تنظيم رحلات إلى الفضاء في عام 2022
بعد رحلة الأحد تعتزم "فيرجن غالاكتيك" إطلاق رحلتين تجريبيتين إضافيتين، ومن ثم إطلاق رحلات تجارية منتظمة اعتباراً من عام 2022. وهي تطمح إلى إطلاق 400 رحلة في العام من سبايسبورت أمريكا.
ودفع نحو 600 شخص حتى الآن ثمن بطاقة السفر إلى الفضاء بسعر يتراوح بين 200 و250 ألف دولار.
على الرغم من تشديد برانسون مراراً وتكراراً على أن الفضاء ملك الجميع، تبقى الرحلات الفضائية محصورة بالأثرياء.
بعد هذه الرحلة، قال برانسون: "عند عودتي سأعلن عن أمر يثير الحماسة جداً؛ سيسمح لمزيد من الأفراد بالتحول إلى رواد فضاء".
يذكر أنه منذ سنوات يشهد قطاع السياحة الفضائية منافسة تسارعت وتيرتها بشكل كبير هذا الشهر، إذ يعتزم بيزوس الانطلاق إلى الفضاء في 20 يوليو/تموز بصاروخ "نيو شيبارد" الذي طوّرته شركته الخاصة "بلو أوريجن".