ما يظنّه الكثيرون أنه بمجرد الوقوع في الحب والارتباط بالشخص الذي نكنّ له مشاعر المودة، فإنه من الطبيعي أن تبدأ الحالة الرومانسية من العيش في سعادة أبدية ودون مشكلات، لأن ذلك هو ما نشاهده في أفلام السينما الخيالية وقصص الحب.
لكن ما تغفل الروايات والأفلام الرومانسية عن ذكره أن الزواج رحلة شاقة أبعد ما تكون عن روايات الحب الخيالية، وهي تستلزم مجهوداً ضخماً من أجل رعايتها والإبقاء على سلامتها ومواجهة تحدياتها.
وبطبيعة الحال، لا يستعد أغلب الأزواج بالوسائل الكافية لخوض هذه الرحلة؛ لذلك تأتي أهمية الحصول على استشارات زوجية من المختصّين إذا لزم الأمر. في هذا التقرير نستعرض متى ينبغي للأزواج الحصول على مساعدة متخصصة لعلاج المشكلات بينهم والإبقاء على سلامة العلاقة.
أهمية الحصول على استشارات زوجية كإجراء وقائي
يجب على الأزواج طلب العلاج قبل وقت طويل من اعتقادهم أنهم "بحاجة إلى العلاج"؛ إذ يعتقد معظم الخبراء أن العلاج يمكن أن يكون جزءاً مهماً من العلاقة والإبقاء عليها بصورة صحية وسليمة.
وأوضحت كريستي أوفرستريت، مستشارة الصحة العقلية لموقع CNN: "تبدأ معظم المشكلات عند الأزواج صغيرة ثم تنمو في الحجم إلى درجة قد لا يتم حلها. وهذه هي اللحظة التي يمكن أن يعالجها الحصول على استشارات زوجية، من خلال توفير الأدوات والتقنيات لتحسين حل النزاعات بين الطرفين".
وتشير الإخصائية إلى أن غالبية الأزواج الذين عملت معهم يقولون إنه كان ينبغي عليهم بدء العلاج قبل سنوات وسنوات.
ونظراً لأن كلا الطرفين يمتلك نسخته من الحقيقة، يمكن لطرف ثالث موضوعي أن يكون مجرد حلقة وصل عندما يشعر الأزواج أنهم لم يعودوا قادرين على التواصل بشكل فعال فيما بينهم.
ومع ذلك، يجب على كل زوجين اتخاذ إجراءات وقائية للحفاظ على الصحة في علاقتهما حتى قبل ظهور المشكلات، تماماً مثل الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية. لأنه "إذا لم يعمل الأزواج على عضلاتهم العاطفية، فإنهم قد يصبحون غير متناغمين وضعفاء، ما يخلق فرصة أكبر للضرر الذي يلحق بعلاقتهم".
كيف يمكن أن تحدد أنك بحاجة لاستشارة مختص علاقات زوجية؟
يوضح موقع Huffington Post أنه من الممكن أن تساعد إجابة الأسئلة التالية في التعبير عن نفسك وشريك حياتك ووضع زواجك. وهي:
- هل تزوجت في سن مبكرة؟
- هل حصلت على مؤهلك الدراسي؟
- هل أنت من فئة ذوي الدخل المنخفض؟
- هل أنت في زواج مختلف الأديان؟
- هل تطلَّق والداك؟
- هل غالباً ما تنتقدان بعضكما البعض؟
- هل هناك الكثير من الدفاعية في زواجك؟
- هل تميلان إلى الانسحاب من بعضكما البعض؟
- هل تشعران بالازدراء والغضب تجاه بعضكما البعض؟
- هل تعانيان من قلة التواصل أو انعدامه؟
- هل هناك خيانة أو إدمان أو إساءة واستغلال في زواجك؟
- هل تفضّلان إمضاء الوقت بعيداً عن بعضكما البعض؟
- هل تؤول غالبية المشاكل إلى نفس النقطة؟
- هل هناك كذب وأسرار وحياة غير واضحة بينكما؟
- هل تغيَّر كل منكما بصورة مختلفة عن الآخر؟
- هل تغيَّرت أو انعدمت العلاقة الحميمة بين الطرفين؟
- هل يخاف طرف من الحديث مع الطرف الآخر؟
- هل يتم ابتزاز أحد الطرفين مقابل المودة أو العلاقة الحميمة؟
- هل يمتنع طرف من الطرفين عن الحديث ومناقشة المشاكل؟
- هل يرى أحد الطرفين أن كل الأمور ستتحسن لو "تغيَّر" الطرف الآخر عما هو عليه دون التفكير في مشكلاته التي ينبغي تغييرها كذلك؟
إذا أجبت بـ"نعم" عن معظم هذه الأسئلة، فأنت من الناحية الإحصائية معرض بشكل أكبر لخطر الطلاق. لكن هذا لا يعني أن الطلاق أمر لا مفر منه، ولكن قد يعني ذلك أنه يتعين عليك العمل بجدٍ أكبر للحفاظ على علاقتك في المسار الصحيح. ويمكن أن يساعد الحصول على استشارات زوجية في ذلك.
وحتى بالنسبة للأزواج الذين لديهم توقعات واقعية لبعضهم البعض وعن زواجهم، ويحظون بتواصل جيد، ويستخدمون مهارات حل النزاعات بذكاء، ويتوافقون مع بعضهم البعض، يكونون أقل عرضة لخطر الطلاق، لكن لا يزال بإمكانهم الاستفادة من المشورة في أوقات الانتقال أو ببساطة لتعزيز مهارات التواصل لديهم.
متى يمكن أن يساعد الحصول على استشارات زوجية في تحقيق التغيير؟
هناك طرق لقياس ما إذا كانت فكرة الحصول على استشارات زوجية ستنجح بالفعل في زواجك أم لا. ويقترح المستشارون المتخصصون في ذلك المجال، وفقاً لـVery Well Mind، أن أنواعاً مختلفة من الأزواج قد يستفيدون أكثر عن غيرهم. وهم:
- الأزواج الأصغر سناً.
- الأزواج غير المتحيزين جنسياً والمتساوون فيما بينهم.
- الأزواج الذين لا يزالون يكنون الحب لبعضهم البعض.
- الأزواج المنفتحون على فكرة العلاج والرغبة في التغيير.
- الأزواج الذين يمتلكون الاستعداد للنظر لأنفسهم وإصلاح عيوبهم.
أما بالنسبة للأزواج الذين يحصلون على فائدة أقل بعد نيل استشارات زوجية متخصصة لعلاج مشاكلهم، وعليهم رؤية الأمور بواقعية، فهم كما يلي:
- الأزواج الذين ينتظرون وقتاً طويلاً قبل طلب المساعدة.
- الزيجات التي يكون فيها أحد الزوجين مقتنعاً بضرورة الطلاق.
- المتزوجون المتزمّتون تجاه أي اقتراحات قد تنقذ زواجهم.
- الزواج من شريك مدمن على الكحول أو المخدرات أو المواد الإباحية.
- الزواج من شريك يحضر الجلسات، لكن لا يستثمر في التطبيق الواقعي.
ما الذي عليك توقعه خلال رحلة الحصول على استشارات زوجية؟
على الرغم من اختلاف كل معالج عن غيره، إلا أن هناك بعض القواسم المشتركة بين كل طبيب استشارات زوجية وآخر.
وتتضمن الجلسة الأولى عادة محاولة التعرف على كل طرف، ومناقشة مجالات العلاقة التي يأمل الزوجان في تحسينها وتحديد الأهداف من نيل المساعدة.
ومن المهم أن يتعرف المعالج، أو المستشار الخاص بك، على كل واحد منكم على المستوى الشخصي. ويمكنه أن يسأل عن كل شيء بداية من طفولتك وصولاً إلى معرفة كيف قابلتم بعضكما البعض.
وفي حين أن هذه الحقائق قد تبدو غير مهمة بالنسبة لك، إلا أنها مهمة لفهم القصة بالكامل.
وفي العادة، يشعر الكثير من الناس بالإحباط بعد الجلسة الأولى، لكونها مجرد مجموعة من الأسئلة وليس فيها علاج فعلي، كما توحي كلمة "استشارات زوجية". لكن لا ينبغي القلق، فهذا فقط حتى يتمكن المعالج أو المستشار الخاص بك من التعرف على كل واحد منكما.
ومع استمرار الجلسات، سيتم الوقوف على المشكلات.
1- الوصول إلى أصل المشكلة
يمكن أن يكون هناك العديد من الأسباب المختلفة التي تجعلك تحاول الحصول على استشارات زوجية؛ وتتضمن بعض الأسباب الأكثر شيوعاً ما يلي:
- وجود نفس الحجج مراراً وتكراراً.
- أحد الطرفين لا يقاتل ويتجاهل المشكلة.
- وجود مشاكل في العلاقة الحميمة.
قد تذهب إلى العلاج معتقداً أن مشكلتك كلها قائمة على نقطة معينة، مثل عدم الحميمية مثلاً، لكن المعالج قد يكتشف أن علاقتك تفتقر إلى الثقة والتواصل.
وعندما تشارك مخاوفك، سيبحث معالجك عن الموضوعات الكامنة وراء ذلك.
2- تحديد وتطوير الأهداف والجدول الزمني
من خلال تحديد جذور مشاكل العلاقة، يمكنك بعد ذلك تطوير أهدافك من العلاج.
وعلى الأغلب ستبدو أهداف كل زوجين مختلفة؛ إذ ربما تريد أن تقع في الحب مرة أخرى أو يفهم بعضكما البعض بشكل أفضل أو لمعالجة مشكلة انعدام ثقة متبادل بينكما. ويمكن أن تركز بعض الأهداف على مهارات معينة أو مجرد إجراء تعديل كبير معاً، مثل تغيير الوظيفة.
وقد تقرر نسبة معينة من الأزواج أن هدفهم هو إنهاء العلاقة بشكل جيد. ويمكن أن يساعدك الحصول على استشارات زوجية على إدراك أن علاقتك تتجاوز المشكلات السطحية، وينبغي تعلُّم كيفية التخلي عنها بشكل صحي.
ومع ذلك، يجب أن تتذكر أن أهدافك يمكن أن تتطور خلال فترة العلاج؛ لذلك لن يكون هدفك الأول بالضرورة هو هدفك النهائي.
وبمجرد تحديد أهدافك من العلاج، ستضع أنت ومعالجك جدولاً زمنياً، وسيحدث هذا بمجرد خضوعك بالفعل لبضع جلسات والحصول على فكرة أفضل عن وضع علاقتك.
ويحتاج بعض الأزواج إلى بضعة أشهر فقط من العلاج. بينما قد يعتبر أزواج آخرون العلاج جزءاً أساسياً وضرورياً من أجل إبقاء العلاقة.
3- تعلُّم مهارات جديدة لتحسين العلاقة
ماذا يحدث في خلال الحصول على استشارات زوجية؟ أهم جانب في الاستشارة الزوجية هو تعلم مهارات جديدة ستفيد علاقتكما بعد جلسات الاستشارة.
وتتضمن بعض أهم المهارات في العلاقة ما يلي:
- تعلُّم مهارات التواصل.
- تعلُّم الصبر والمغفرة.
- تعلُّم الثقة والصدق.
- تعلُّم نكران الذات.
- تعلُّم إدارة وإعادة توجيه الإجهاد.
ويمتلك معظم الأزواج جميع المهارات الأساسية في مرحلة ما من علاقتهم ولكنهم قد ينسون كيفية استخدامها؛ لذلك يعمل الحصول على استشارات زوجية في تذكير الطرفين بأهمية هذه المهارات وتوضيح كيف يمكنها تحسين العلاقة.
4- الواجب المنزلي خارج الجلسات
لا يتوقف العمل على العلاقة بمجرد انتهاء جلسة الاستشارة. في الواقع، يقع جزء كبير، إن لم يكن الأكبر، من علاج العلاقة على ما يحدث بين الجلسات.
وبالتالي ستكون لديك مهام أو واجبات منزلية لإكمالها بين كل جلسة. ومن المهم أن تأخذ دروسك على محمل الجد وتكمل هذه المهام إذا كنت تريد أن تنجح.
ويمكن أن تشمل بعض الواجبات المنزلية ما يلي بحسب موقع Our Relationship للاستشارات الزوجية:
- اخرج في موعد بدون هواتفك.
- كن حميمياً مع شريكك.
- قم بتدوين مشاعرك وأي نقاشات وخلافات تطرأ بينكما.
- قراءة كتاب معين للمساعدة والتوعية الذاتية بينكما وعقد مناقشات.
ويكون الهدف النهائي لهذا الواجب المنزلي هو إيصال الطرفين إلى نقطة يمكن فيها حل المشاكل بشكل ذاتي بدون الحاجة لاستشارات زوجية كلما حدثت مشادة.
حضور كل الجلسات الزوجية والفردية
وفي حين أن جلسات الأزواج هي أساس العلاج، هناك بعض الأشياء التي تحتاج إلى العمل عليها بنفسك. وفي كثير من الأحيان، يمتلك أحدكما المهارات التي يحتاج الآخر إلى صقلها. أو يحتاج أحدكما إلى وقت فردي لحل مشكلات الثقة المتراكمة من الماضي.
لذلك فإن وجود الجلسات الفردية ممكن، لكن لا يوجد علاج للأزواج ناجح بمجرد الحصول على الجلسات الفردية. ولكي تكون الرحلة ناجحة، ستحتاج إلى التأكد من التزامك أنت وشريكك الآخر بالجلسات.
لا تبنِ الأمر على توقعاتك
الآن وبعد أن عرفت ما يمكنك توقعه في الاستشارات الزوجية، ومتى ينبغي عليك الحصول عليها، فقد حان الوقت لتحسين العلاقة. ليس هناك وقت مثل الحاضر وليس لديك ما تخسره.
وقم باختيار الجهة أو الطرف الذي تريده أن يدير رحلتك في الحصول على استشارات زوجية، سواء كان ذلك من خلال المنصات والتطبيقات المتوفرة عبر الإنترنت، أو من خلال زيارة عيادات متخصصة في توفير استشارات زوجية.
مع الوضع في الاعتبار أن اختيار المعالج قد يكون رحلة في حد ذاتها، وتستلزم بضع محاولات لكي تشعرا بالراحة والثقة.