لكلٍّ منا شخصيته الفريدة، ومهما بلغت درجة التوافق بين الأشخاص، لا يمكن أبداً أن تتطابق العادات اليومية لشخصين مختلفين بشكل تام. وبحسب العادات اليومية التي يمارسها الفرد سواء بشكل واعٍ أو بصورة لا إرادية، يمكن تحديد الشخصية ومعرفة نمطها ونوعيتها وميولها.
وفي العادة لا نفكر كثيراً في الأمر، ولكن في الواقع، فإن سلوكنا المعتاد وعاداتنا اليومية الصغيرة هي ما يصنع شخصيتنا في النهاية.
ولكن، ما الذي يربط بين شخصيتنا والعادات التي نمارسها؟
يمكننا تعريف الشخصية على أنها "المظهر الخارجي إضافة إلى سلوك الشخص"، ولهذا السبب يمكننا التأكد من أن مجموعة العادات اليومية لدينا تشكل جزءاً كبيراً من شخصيتنا لا يمكن أن نغفل عنه إذا ما رغبنا في فهم المزيد عن أنفسنا. لذا في هذا التقرير نستعرض أبرز العادات اليومية التي يمكنها تحديد الشخصية وتوضيح الكثير عنها.
1- طريقة المشي
نقلت مجلة Cosmopolitan عن خبيرة لغة الجسد باتي وود، أن الطريقة التي يمشي بها كل شخص قادرة على كشف الكثير عن هويته وتحديد الشخصية التي يتمتع بها.
وبحسب باتي وود، إذا كان الشخص يمشي دافعاً بوزنه للأمام وخطواته سريعة وقوية، فهو شخص يميل إلى كونه مُنتجاً وعملياً ومنطقياً للغاية. كما قد يكون الشخص الذي يسير بهذه القوة والتحفُّز بارداً بعض الشيء وتنافسياً بين أقرانه.
أما إذا كان الشخص يمشي وصدره للأمام وكتفاه للخلف ورأسه مرفوع (وهي مشية شائعة بين كثير من السياسيين والمشاهير)، فهذا الشخص على الأرجح يتمتع بشخصية مرحة وجذابة وبارعة اجتماعياً، كما قد يميل إلى جذب الانتباه. وإذا كان الشخص يمشي بوزنه فوق ساقيه بشكل جسم قائم، وليس إلى الأمام أو الخلف، فهو شخص يميل إلى الاهتمام بالآخرين أكثر من المهام والأمور المادية، وهو أكثر تركيزاً على حياته الشخصية أكثر من حياته العملية.
وأخيراً، تقول الاختصاصية في لغة الجسد إنه لو كان الشخص يمشي بطريقة خفيفة على أصابع قدميه أو يميل إلى النظر في الأرض أثناء السير، فهو على الأرجح مهذب وانطوائي ويميل إلى العُزلة وعدم الاحتكاك بالآخرين، وقد يعاني من بعض الأفكار السلبية تجاه نفسه وتجاه ثقته بذاته.
وكشفت دراسة نُشرت في مجلة Interpersonal Violence، عام 2013، إلى أن نزلاء السجون الذين لديهم ميول مضطربة نفسياً كانوا قادرين على الحكم على نقاط الضعف واختيار الضحايا المحتملين ببساطة، من خلال مشاهدة الطريقة التي يسير بها الناس؛ ما يؤكد ارتباط طريقة مشي الشخص بتحديد الشخصية التي يتمتع بها، إضافة إلى القدرة على تصنيف الناس وفقاً لنمط السير حتى وإن كان ذلك بشكل غير واعٍ أو مقصود.
2- اختيار الحذاء الذي ترتديه يومياً!
تشير دراسة نُشرت بمجلة الأبحاث في علم الشخصيات العلمية، إلى أنه يمكن تحديد الشخصية التي يتمتع بها الآخرون من خلال ملاحظة اختيارهم للأحذية التي ينتعلونها.
وفي الدراسة التي نُشرت في العام 2012، قدَّم المتطوعون صوراً لأحذيتهم ثم أكملوا استبياناً عن سماتهم الشخصية. بينما حدقت مجموعة أخرى في الصور وحاولت وصف شخصيات منتعليها، وكانت تلك المحاولات دقيقة بشكل ملحوظ ومثير للاهتمام فعلاً.
وبقياس العمر والدخل ومدى تعلُّق شخص ما بناءً على حذائه فقط، اتضح في نتائج الدراسة أن الأشخاص الذين ينتعلون أحذية مُريحة يميلون إلى أن يكونوا مقبولين أكثر نسبياً عن غيرهم. بينما كان من ينتعلون أحذية طويلة العنق وتغطي الكاحل أكثر عدوانية ممن سواهم.
ووضحت الدراسة أن ميل الشخص إلى انتعال حذاء غير مريح يشير إلى كونه أكثر هدوءاً، في حين أن أولئك الذين ينتعلون أحذية جديدة ومُهندمة وممسوحة بشكل لامع، كانت شخصياتهم أكثر توتراً ومعاناةً من القلق والتشبُّث.
3- طريقة مصافحتك للناس
وجدت دراسة نُشرت في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي، أن مصافحة يديك يمكن أن تغير انطباع الناس عنك. وفي التجربة، تم تدريب المُحكِّمين على تقييم 8 خصائص للمصافحة وتحديد الشخصية وفقاً لهذه الخصائص، وكانت: إتمام قبضة اليد عند المصافحة، ودرجة حرارة اليد، وجفاف راحة اليد عند المصافحة، والقوة في المصافحة، ومدة المصافحة، والحيوية في حركة اليد، والملمس، واتصال العينين خلال عملية المصافحة.
وفي النتائج كان المشاركون ذوو المصافحة القوية أكثر تعبيراً عن أنفسهم وأكثر عاطفةً وانفتاحاً وكانوا إيجابيين من غيرهم. في حين كان أولئك الذين لديهم قبضة فضفاضة أكثر خجلاً ومصابين بأعراض العُصاب الطفيفة المُختلفة.
4- هل لديك أي عادات عصبية؟
هل تقوم بقضم شفتيك أو قرض أظافرك؟ يطلق العلماء على هذه السلوكيات "السلوكيات الجسدية العصبية المتكررة-BFRB"، وبالإمكان تحديد الشخصية بناءً على عدد مرات حدوثها خلال اليوم.
وفي دراسة نُشرت عام 2015 بمجلة العلاج السلوكي والطب النفسي التجريبي، حلل الباحثون شخصيات الناس ثم صوَّروهم في موقف محبط للغاية أو موقف مريح أو موقف ممل، بحثاً عن تلك العادات العصبية في حال حدوثها.
وفي النتائج، يميل الأشخاص الذين شدُّوا شعرهم بشكل قهري أو عضُّوا أظافرهم نحو الكمالية، وكانت أفعالهم العصبية تلك نتيجة لمحاولة تهدئة مللهم وشعورهم بالتهيُّج وعدم الرضا.
ونظراً إلى أنه من الأفضل أن تفعل شيئاً بدلاً من لا شيء على الإطلاق، فإن السلوك المتكرر يبعث في هؤلاء الأشخاص شعوراً زائفاً بالرضا والراحة. وبطبيعة الحال تعاني تلك الفئة من الشخصيات شعوراً مزمناً بالتوتر والقلق ودرجات الاكتئاب المختلفة، لذلك يُنصح بأن يستعينوا بالخبرة المختصة لعلاج تلك العادات العصبية وحل مشكلتها الأصلية للتخلُّص من التوتر.
5- دقة المواعيد قادرة على تحديد الشخصية
لفت موقع Readers Digest إلى دراسة في علم النفس كشفت وجود علاقة بين مدى دقة مواعيد الشخص وسماته الشخصية، إذ عبَّرت تلك النقطة عن مدى ميل الشخص إلى الجدية والالتزام أو الاستهتار وعدم النُّضج.
وفي الدراسة المنشورة بمجلة الأبحاث في علم الشخصيات، طلب الباحثون من المشاركين الرد على استبيان تحديد الشخصية وتقييم السمات الفردية بالمنزل والقدوم في اليوم التالي إلى المختبر لإجراء تجربة جماعية.
ومن خلال تحليل وقت وصول المشاركين، وجدوا أن الأشخاص الذين يلتزمون بالمواعيد كانوا أكثر وعياً وقبولاً وأريحية من غيرهم؛ بينما كان المشاركون الحاضرون قبل موعدهم أكثر ميلاً إلى كونهم شخصيات عصابية تعاني من القلق والتوتر والهوس العصبي.
ورغم كونها عادة سيئة تسبب الإزعاج للآخرين، كان أولئك الذين يتأخرون بشكل مزمن يميلون إلى أن يكونوا أكثر استرخاءً وراحة عن غيرهم من الملتزمين بالمواعيد أو الحاضرين قبل المواعيد.
6- خط اليد في الكتابة
علم الخط هو تحليل خط اليد ومدى ارتباطه بالشخصية، وقد كان علماً منذ عهد أرسطو. وتقول عالمة الخطوط كاثي ماكنايت لموقع Business Insider، إن خبراء الكتابة اليدوية يمكنهم اكتشاف أكثر من 5000 سمة شخصية من خط الكتابة فقط وتحديد الشخصية وفقاً لها.
وبحسب الباحثة، يمتاز الأشخاص الذين يكتبون بخط واسع وكبير إلى التعلُّق بالآخرين والبحث عن الاهتمام، في حين كان أولئك الذين يكتبون بخط صغير أكثر ميلاً إلى الانطواء والتركيز.
ولفتت المجلة إلى أن الكتابة بميل بسيط جهة اليسار تعني أن الشخص ودود ومُندفع؛ بينما كان الميل إلى اليمين يعني أن الشخص متحفظ وفرداني.
وأخيراً، تشير الكتابة بخط اليد مع الضغط الشديد على الورق إلى أن الشخص يمتلك مشاعر قوية وهو سريع الاستجابة والتحفُّز، لكن الضغط الخفيف بالقلم على الورقة عند الكتابة يعني ميل الشخص إلى الأريحية وعدم التكلُّف والقدرة على تجاوز الأمور ببساطة.