تخيل لو تم اتهامك زوراً من قبل مديرك أو زوجك أو حتى جارك، كيف سيكون رد فعلك؟ الغضب يظلم الأبرياء رغم أنه رد الفعل الطبيعي رفضاً لمثل هذا الاتهام، ورغم أن الانفعال مبرر بالكامل، فإنه يزيد من الشبهات حولك مهما كانت حقيقية وصادقة.
هذه هي الخلاصة الرئيسية لبحث جديد نُشر في مجلة "علم النفس" أو Psychological Science بعنوان "الغضب يلعن الأبرياء"، أجرتها جامعة Harvard.
الغضب يظلم الأبرياء
لكن نتائج الدراسة كشفت عن تناقض مثير للجدل: الشعور بالغضب يميل إلى جعل المتهم يبدو مذنباً، لكن غضبه عادة ما يكون علامة على أنه بريء!
لماذا؟ السبب هو أننا نتطلع إلى مشاعر الآخرين لفهم المواقف الاجتماعية، وتحديداً عندما يتوجب علينا الوثوق بشخص ما.
على سبيل المثال، تُظهر الأبحاث السابقة أن الناس يستخدمون المصداقية لإصدار أحكام حول اعتبار الشخص مذنباً أم لا، حسب موقع Big Think.
علاوة على ذلك، وجدت الدراسات أيضاً أن الغضب يمكن أن يجعل الناس يبدون أقل جدارة بالثقة. مع وضع هاتين النتيجتين في الاعتبار، اقترح الباحثون ما يلي:
"عندما يتم تنبيه المشككين إلى غضب المشتبه به، فإنهم يميلون إلى اعتبار المشتبه فيه غير جدير بالثقة، مما يؤدي إلى إصدار حكم بالذنب. وقد يُفسر غضب المشتبه به الظاهر على أنه محاولة غير حقيقية ليبدو بريئاً، من خلال تزوير السخط الأخلاقي".
إذا اتهمت زوراً، فابقَ هادئاً لكن لا تصمت
عبر 6 دراسات، اكتشف الباحثون كيف يصدر الأشخاص العاديون والخبراء أحكاماً بالذنب عندما يكون المتهم غاضباً.
في مجموعة من الدراسات، شاهد المشاركون مقاطع لأشخاص متهمين بجرائم صغيرة يترافعون بقضيتهم في برنامج تلفزيوني بقاعة المحكمة يسمى Judge Faith.
وأظهرت النتائج أن المشاركين كانوا أكثر عرضة لتصنيف المدعى عليهم الغاضبين على أنهم مذنبون.
هل الناس العاديون هم فقط من يعتبرون الغضب علامة على الذنب؟
لاختبار هذه الفكرة، أجرى الباحثون دراسة مشابهة، لكن المشاركين فيها كانوا محترفين يتعين عليهم بانتظامٍ إصدار أحكام تبعية بشأن ذنب الآخرين، مثل المحققين والمراجعين في تهم الاحتيال.
صنف هؤلاء الخبراء أيضاً رد الفعل الغاضب بأنه يعكس الذنب، ومن المثير للاهتمام أن الخبراء اعتبروا التزام الصمت مؤشراً كذلك على الذنب.
البشر لا يكشفون الكذب جيداً
بشكل عام، توضح النتائج أن معظم الناس يفشلون في كشف كذبة جيدة؛ وهو عجز من المحتمل أن يساهم ليس فقط في النزاعات الشخصية ولكن أيضاً في الإدانات الجنائية الخاطئة.
وقال الباحثون إن النتائج تدل على أن الغضب ليس علامة على الذنب؛ بل على البراءة.
وأوضح الباحثون أن هناك أسباباً كثيرة للغضب عند اتهامك بارتكاب ذنب ما، لعل أقواها الشعور بالظلم نتيجة الاتهام الزور.
التزام الهدوء وإبداء رغبة في التعاون
بناءً على النتائج، توصي مُعدة الدراسة ليزلي جون بالالتزام بالهدوء عندما يتم إلقاء اللوم عليهم ظلماً. قد تبدو فكرة الحفاظ على الهدوء مزعجة بشكل خاص للأشخاص الذين عانوا سابقاً من الظلم المتمثل في اتهامهم زوراً.
وتقول: "من الصعب دائماً التحكم في عواطفك في مثل هذا الظرف، ولكن إذا اتهمك شخص ما زوراً بتضخيم سيرتك الذاتية أو تبديل أرقام مبيعاتك، على الرغم من أنه من الصواب تماماً الشعور بالغضب، فليس من الجيد التعبير عن ذلك".
وتضيف: "عند اتهامنا، نعلم من أبحاث أخرى أنه من الجيد الإشارة إلى الاستعداد للتعاون؛ فالغضب يشير إلى عكس البراءة تماماً وبأنك تخفي شيئاً ما".
على الجانب الآخر، إذا كنت مديراً أو في وضع يسمح لك بإصدار الحكم على ذنب العامل أو براءته بسبب حادث مؤسف في مكان العمل، فقد يكون من الحكمة تجاهل السلوك العاطفي للشخص، والبحث عن المعلومات والتقصي للوصول إلى الحقيقة بدلاً من إلقاء التهم جزافاً بناء على ردود فعل الآخرين أو تعابير وجههم.