قالت صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير نشرته الخميس 27 مايو/أيار 2021، إن علماء الفلك أنشأوا أكبر خريطةٍ على الإطلاق للمادة المظلمة في الكون والتي تشكل 27% من مساحة الكون وقوة جاذبيتها كافية لربط مجرَّاتٍ بأكملها معاً في بنيةٍ تُعرَف باسم الشبكة الكونية.
التقرير يقول إن نجاح العلماء في إنشاء خريطة للمادة المظلمة بالكون ربما يشير إلى وجود خطأٍ ما في نظرية النسبية لأينشتاين.
موقع الفراغات الكونية
في المقابل حدَّدَ العلماء أيضاً موقع الفراغات الكونية الشاسعة، تلك التي قد لا تنطبق عليها القوانين التقليدية للفيزياء.
إذ يستطيع علماء الفلك رسم خريطةٍ لوجود المادة المظلمة، من خلال النظر إلى الضوء الذي ينتقل إلى الأرض من المجرَّات البعيدة، فإذا شُوِّه هذا الضوء فهذا يعني أن هناك مادةً تحني الضوء عندما يأتي نحو كوكب الأرض.
باستخدام أساليب الذكاء الاصطناعي لتحليل صور 100 مليون مجرَّة، قام أعضاء فريق مسح الطاقة المظلمة الدولي -وهو جهدٌ تعاوني للكشف عن طبيعة الطاقة المظلمة الغامضة التي تقود تمدُّد الكون- بإنشاء خريطة تغطي ربع السماء في نصف الكرة الجنوبي (ثُمن إجمالي السماء الليلية المرئي من الأرض).
صورة لمجرة درب التبانة
في حين تُظهِر المناطق الأكثر سطوعاً بالخريطة، والتي تُصوَّر على شكل رقعة مُرقَّطة باللون الوردي والأرجواني والأسود، متجمِّعةً داخل حلقةٍ شاحبة (صورة متراكبة لمجرَّة درب التبانة)، المناطق الأكثر كثافةً من المادة المظلمة، والتي تتوافق مع عناقيد المجرَّات الفائقة، فيما تمثِّل البقع السوداء فراغاتٍ كونية.
قال الدكتور نيال جيفري، من كلية لندن الجامعية والمدرسة العليا بباريس، والذي شارك في قيادة المشروع: "تُظهِر الخريطة أجزاءً جديدة من الكون لم نرها من قبل. يمكننا حقاً أن نرى بنية الشبكة الكونية هذه، وضمن ذلك الهياكل الهائلة المسماة الفراغات الكونية، وهي مناطق منخفضة الكثافة جداً في الكون، حيث يوجد عددٌ قليلٌ جداً من المجرَّات وعددٌ أقل من المادة".
من ناحية أخرى يهتم العلماء بهذه الهياكل، لأنهم يشكون في أن الجاذبية قد تتصرَّف بشكلٍ مختلفٍ تماماً داخلها. ومن خلال تحديد أشكالها ومواقعها، يمكن أن توفِّر الخريطة، من ثم، نقطة انطلاقٍ لمزيدٍ من الدراسة.
الخريطة، التي ستُنشَر في دورية Monthly Notices، التي تصدرها الجمعية الفلكية الملكية، تقرِّب العالم أيضاً من فهم مكوِّنات الكون وكيفية تطوُّره.
حدوث الانفجار العظيم
وفقاً للنموذج القياسي لعلم الكونيات، بدأ الانفجار الأعظم، ثم توسَّع، وتطوَّرَت المادة، وفقاً لنظرية أينشتاين للنسبية العامة، التي تصف الجاذبية. وقوى الجاذبية هذه هي التي خلقت تكتُّلاتٍ وفراغات المادة التي تشكِّل الشبكة الكونية.
رغم أن الحسابات الدقيقة التي أجراها فريق مسح الطاقة المظلمة الدولي، تشير إلى أن توزيع هذه التكتُّلات والفراغات يتوافق بشكلٍ عام مع التنبؤات في النموذج القياسي، فإن هذا ليس مناسباً تماماً. قال جيفري: "إذا نظرت إلى الكون، فإن المادة ليست متكتِّلةً كما هو مُتوقَّع، هناك إشاراتٌ إلى أنها أكثر سلاسة".
أضاف: "قد يبدو شيئاً صغيراً نسبياً، ولكن إذا كانت هذه الإشارات صحيحة، فقد يعني ذلك أن هناك شيئاً خاطئاً في نظرية النسبية العامة لأينشتاين، وهي إحدى الركائز العظيمة للفيزياء".
من جانبه قال البروفيسور أوفر لاهاف، المؤلِّف المشارك في الدراسة ورئيس اتحاد مسح الطاقة المظلمة الدولي بالمملكة المتحدة، إن أحد الاحتمالات هو أن بعض القياسات المستخدمة لحساب الشكل الذي يجب أن يبدو عليه الكون ليست صحيحة تماماً. في المقابل، قد تكون هناك مشكلةٌ في النموذج الأساسي. وأضاف: "بعض الناس يعتقدون أنه ربما كان أينشتاين مخطئاً".