الحزن هو عاطفة طبيعية مرتبطة بالخسارة وخيبة الأمل والإحباط. ومع ذلك، إذا لم يتلاشَ مع مرور الوقت، فقد يشير إلى حالة تستلزم العلاج لدخولها ضمن أنواع الاكتئاب، وهو الأمر الذي يمكن أن تؤثر على صحة الجسم بالكامل.
المشاعر السلبية تسبب الالتهابات في الجسم
وقد أصبح من المعروف اليوم بعد تقدُّم أبحاث علم النفس والصحة النفسية أن المشاعر السلبية التي تصيب الشخص بصورة متكررة أو مستمرة، ترتبط بمشكلات صحية مثل أمراض القلب والسكري واضطرابات الهلع أو الـ Anxiety وغيرها.
لكن يغفل الكثيرون أن مشاعر الحزن العابرة مثل مشاهدة فيلم درامي سيئ أو مجرد قضاء وقت مملّ مع صديق كئيب يمكن أن يؤثر على الصحة النفسية والجسدية أيضاً.
وفي دراسة أجرتها مجلة Molecular Psychiatry العلمية في عام 2014، ثبُت أن مشاعر الحزن يمكن أن تطلق مواد كيميائية مرتبطة بالتوتر في الدماغ، ما قد يؤدي إلى زيادة البروتينات الالتهابية في الدم.
وتسهم هذه البروتينات الالتهابية في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية ومتلازمة التمثيل الغذائي.
الحزن يسبب ضعف الجهاز المناعي
ونظرياً، يتحرك الحزن وينتقل وكأنه شعاع كهربي من العقل متمدداً عبر أعضاء الجسم المختلفة، وذلك لأن بعض النواقل العصبية التي تسمى الأفيود أو الأوبيود، تزداد من أجل موازنة الزيادة الطارئة في الإجهاد الناتجة عن الشعور.
وتؤثر هذه المواد الأفيونية على الجهاز المناعي للجسم ما يعرضه لخطر الإصابة بأمراض معينة.
ووفقاً للدراسة السالف ذكرها مثلاً، أدت المواد الأفيونية إلى إطلاق مادة "IL-18″، وهو بروتين التهابي مرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
ويقول عالم النفس الإكلينيكي جون إي ماير، بحسب موقع Health RNS الصحي: "على الرغم من أن الحزن ليس اكتئاباً، فإنه لا يزال يثبط كل وظائف الجسم".
ويوضح عالم النفس كذلك أن الحزن يمكن أن يتسبب في اختلال التوازن في "الحِمل الخيفي"، وهو مصطلح تقني للضربات الكلية التي يتلقاها جسمك عندما يتعرض لضغط نفسي متراكم، مثل الحزن. وهو ما يفسّر الشعور بالصداع وآلام المفاصل والتهاب العضلات وضعف جهاز المناعة عند الشعور بالإحباط والحزن والاكتئاب بشكل مزمن.
تغيير النمط الصحي للعادات اليومية
وعلاوةً على الأثر الجسدي الصريح، هناك تأثيرات للحزن أيضاً على مستوى ونوعية العادات اليومية مثل العادات الغذائية والصحية المختلفة.
علي سبيل المثال، عندما تكون حزيناً قد لا تكون عاداتك الغذائية الصحية قوية أو مجدية فعلاً لاحتمال الطاقة التي يستهلكها جسمك بسبب فوران المشاعر السلبية.
ووجدت دراسة نُشرت عام 2013، في مجلة PLOS ONE العلمية، أنه عندم الشعور بالإحباط والحزن، يصبح لدى الشخص قدرة متزايدة على تذوق النكهات المرة والحلوة والحامضة.
ويعتبر ذلك هو السبب في لجوء الشخص الذي يعاني من المشاعر السلبية كالحزن والتوتر والاكتئاب، إلى تناول الحلويات والأطعمة السريعة الأخرى.
وبالتالي يستهلك الأفراد الذين يشعرون بالحزن قدراً أكبر من الطعام العاطفي المليء بالسعرات والسكريات وغيرها من المواد الغذائية غير المفيدة للجسم، ما يعرضهم لخطر زيادة الوزن على المدى القصير وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب على المدى الطويل.
أسهل في العلاج من الاكتئاب السريري
بالإضافة إلى الآثار الصحية للحزن المنتظم، قد يكون من الصعب التخلص منه، خاصة إذا ما كان معتمداً على نمط تفكير معين وسلوك شخصي أكثر من كونه مرتبطاً بأحداث ومجريات خارجية. وهو ما يعني أن هذه المشاعر تكون أكثر صعوبة وتعقيداً في علاجها وحلها والاستعاضة عنها بمشاعر أخرى.
ويقول موقع Recipe Land الصحي، إنه كلما طالت مدة استمرار تلك الحالات من المشاعر السلبية، زادت تباعاً احتمالية مساهمتها في إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، والتأثير على نسبة السكر في الدم وضغط الدم وجودة النوم، وهي الأمور التي يمكن أن تؤثر جميعها على الصحة بشكل بالغ وتسبب أعراض الشيخوخة المبكرة واضطرابات الجهاز الهضمي وآلام المفاصل والضعف العام.
كيفية علاج الحزن المزمن
لحُسن الحظ، هناك أشياء يمكنك القيام بها لمحاربة المشاعر السلبية والحزن المستمر والمزمن. إذ يعد الأمر أسهل من محاربة الاكتئاب السريري المعروف، والذي يمكن أن يكون مستهلكاً بالكامل ويستلزم لجوء الشخص إلى مصحات علاجية ومختصّين نفسيين ليتمكن من الشفاء.
ويمكن أن تساعد التأملات العقلية وممارسة العادات اليومية المعتمدة على الهدوء والاسترخاء والامتنان في تجنب الشعور بالحزن لبعض الوقت، بحسب موقع Recipe Land.
ومع ذلك يجب أن يظل الشخص قادراً على البحث عن الأشياء التي يستمتع بها ويشعر بالامتنان من أجلها. ومن بين محفّزات تحسين المشاعر تأتي ممارسة الرياضة على رأس القائمة، واتباع عادات نوم صحية جيدة، بالإضافة إلى اتباع نظام غذائي صحي لتقليل آثار التوتر والحزن على الجسم.
وتعتبر ممارسة الأنشطة الخارجية من المحفّزات للمشاعر الإيجابية، ولقاء الأصدقاء والعائلة والأشخاص المقربين، أو القيام بأعمال تطوعية تتعلق بتقديم المساعدة للمعوزين والضعفاء والمرضى، وذلك لاستشعار الرضا والقناعة وتقدير ما يمتلكه المرء من فرص مُهدرة بسبب مشاعره السلبية.