تمكن علماء من كلية أبحاث الفلك والفيزياء الفلكية بالجامعة الوطنية الأسترالية، من رسم خريطة دقيقة لمسار رحلة كويكب هبط على الأرض، وتعقبوه إلى نقطة نشأته، للمرة الأولى في تاريخ علوم الفلك، وقد بدأت رحلة هذه الشظايا الصخرية إلى كوكبنا قبل 22 مليون سنة، وفقاً لهذا البحث الجديد.
حسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية، الخميس 29 أبريل/نيسان 2021، فإن هذا الكويكب، المعروف باسم 2018 LA، يظهر مثل كرة نارية بسماء بوتسوانا في الثاني من يونيو/حزيران عام 2018، قبل أن يتحطم ويهبط في محمية كالاهاري الوسطى، وقبل أن يتحطم في الغلاف الجوي للأرض، قرر العلماء أن قُطر الكويكب يبلغ نحو 5 أقدام (1.7 متر)، ووزنه 6.7 طن، وكان يسافر بسرعة 59.994 كيلومتراً في الساعة.
وقال كريستيان وولف، مؤلف مشارك في الدراسة وأستاذ مشارك من كلية أبحاث الفلك والفيزياء الفلكية بالجامعة الوطنية الأسترالية، في بيان: "عندما تحطم الكويكب على ارتفاع 27 كيلومتراً فوق سطح الأرض، كان أكثر سطوعاً بمقدار 20 ألف مرة من اكتمال القمر".
وقد نُشرت الدراسة الأسبوع الماضي، في دورية Meteoritics and Planetary Science العلمية.
تعقب كويكب
رُصد الكويكب لأول مرة بواسطة ماسح السماء "كاتالينا" في جامعة أريزونا، وقد بدا كأنه نقطة خافتة من الضوء تتدفق بين النجوم. وهذا المسح الفلكي جزء من برنامج الدفاع الكوكبي التابع لـ"ناسا"، الذي يبحث عن الكويكبات التي تقترب من الأرض.
قال إريك كريستنسن، المؤلف المشارك في الدراسة ومدير برنامج ماسح السماء، في بيان: "الكويكبات صغيرة الحجم لا تشكل خطراً علينا، لكنها تصقل مهاراتنا في اكتشاف الكويكبات المقتربة نحو الأرض".
عمِل بيتر براون، الأستاذ ورئيس قسم الأبحاث في الأجسام الكويكبية الصغيرة بجامعة ويسترن في أونتاريو، مع مجموعة Western Meteor Group، لتحليل الموجات الصوتية من كرة النار أثناء عبورها إلى الغلاف الجوي للأرض.
وكان الكويكب يمتلك واحداً على ثلاثين من طاقة القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما خلال الحرب العالمية الثانية.
في هذا السياق، يقول براون في بيان: "موجة الصدمة دون الصوتية التي قيست في جنوب إفريقيا لم تكن قوية كما هو متوقع من رصد أجهزة الاستشعار الأمريكية للضوء الساطع".
يذكر أن هذه هي المرة الثانية فقط التي يتمكن فيها العلماء من مراقبة كويكب في الفضاء قبل أن يصطدم بالأرض. والأول كان الكويكب 2008 TC3 في السودان قبل 10 سنوات.
الأحجار النيزكية وسط الحياة البرية
ساعدت البيانات من عدة استطلاعات فلكية، إلى جانب مقاطع فيديو مسجلة للكرة النارية الساقطة، الباحثين على اكتشاف أن الأحجار النيزكية سقطت في محمية كالاهاري الوسطى، حيث تعيش كائنات الحياة البرية مثل الفهود والأسود.
إذ عثر ليسيدي سيتشيرو من جامعة بوتسوانا الدولية للعلوم والتكنولوجيا على القطعة الأولى من النيزك، وكانت تزن 18 غراماً، وكان حجمها نحو 1.2 بوصة (أي ثلاثة سنتيمترات).
بينما قال موهوتسيوا غابادروي، المؤلف المشارك وعالم الجيولوجيا بمعهد بوتسوانا لعلوم الأرض، في بيان: "أُطلِقَ على الحجر النيزكي اسم (موتوبي بان) نسبة إلى حفرة مياه محلية. وهذا الحجر النيزكي كنز وطني لبوتسوانا".
واكتشف الباحثون ما مجموعه 23 شظية في غضون بضعة أشهر من سقوط الحجر النيزكي.
العثور على موطن الحجر النيزكي
جرى تتبع مسار الكويكب إلى فيستا، وهو ثاني أكبر كويكب في نظامنا الشمسي. وهو "الكويكب الوحيد الساطع بما يكفي ليكون مرئياً بالعين المجردة في بعض الأحيان".
نتجت حفرة كبيرة تعرف باسم حوض فينينيا عن تصادم حدث على سطح الكويكب فيستا، وكان الكويكب 2018 LA جزءاً من فيستا قبل أن ينطلق في الفضاء عندما حدث هذا التصادم، وفقاً للباحثين.
كما ينتمي موتوبي بان إلى مجموعة الأحجار النيزكية Howardite-Eucrite-Diogenites التي سميت بهذا الاسم نظراً إلى تكوينها، وموطنها الأصلي هو الكويكب فيستا الذي يقع في الجزء الداخلي من حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري.
وتشمل أقدم المواد المعروفة من فيستا والأحجار النيزكية: حبيبات الزركون المعدنية التي يعود تاريخها إلى أكثر من 4.5 مليار سنة، أي إنّ عمرها من عمر نظامنا الشمسي.
فقد كشف تحليل الحجر النيزكي أن موتوبي بان كان مدفوناً تحت سطح فيستا. وساعد هذا أيضاً الباحثين، في تحديد تاريخ تشكيل حوض فينينيا، الذي يرجح أنه يعود إلى نحو 4.2 مليار سنة.
كما كشفت رحلة استكشافية أخرى في عام 2020 عن قطعة جديدة من الحجر النيزكي موتوبي بان، وهي أكبر قطعة حتى الآن، حيث يبلغ وزنها 92 غراماً. ويتوق الباحثون إلى معرفة ما إذا كانت هذه القطعة ستساهم بشكل أكبر في معرفة قصة فيستا.