الصراخ وسيلة رائعة نستخدمها نحن البشر للتعبير عن خليط من المشاعر المتناقضة ابتداء من الغضب والحزن والخوف والألم، وانتهاء بالفرع والمتعة والإثارة. لكن هل تعتقدون أن أدمغتنا تستجيب بشكل أفضل للصرخات التحذيرية المُنذرة بوجود خطر أو خطب ما، أم للصرخات الإيجابية التي تعبر عن السعادة؟
الصراخ.. دراسة علمية ونتائج مفاجئة
تستخدم بعض الحيوانات الصراخ أيضاً، لكن للتعبير عن الغضب أو الخوف بشكل حصري، أما نحن البشر فنستخدم الصراخ استخداماً أكثر شمولاً.
إذ يطلق الأطفال، على سبيل المثال، صيحات سعيدة عندما يزورون مدينة الملاهي أو يشاهدون أمراً يثير بهجتهم، وقد يصرخ البالغون تعبيراً عن غضبهم أو خوفهم، كما يستخدم الصراخ للتعبير عن الألم الشديد أو الحزن، ويستخدم تعبيراً عن المتعة كذلك.
يقول ساشا فروهولز المؤلف الرئيسي لدراسة جديدة حول الصراخ، نُشرت يوم الثلاثاء 13 أبريل/نيسان، بمجلة PLOS Biology العلمية، في تصريح له: "يشترك البشر مع غيرهم من الفصائل في إمكانية الصراخ دلالة على الخطر، لكن يبدو أن البشر هم وحدهم من يستخدمون الصراخ للتعبير عن مشاعر إيجابية شديدة من الفرح والمتعة".
لكن، ما نوع الصرخات التي تظن أن البشر يفهمونها بشكل أسرع وأفضل؟ يقول فروهولز، الأستاذ المساعد في قسم علم النفس بجامعة أوسلو في النرويج، إنك ستكون مخطئاً إذا اخترت الصرخات التحذيرية مثل صرخات الغضب أو الخوف أو الألم.
حيث وجدت الدراسة أن الإنسان أسرع في الاستجابة لصرخات الفرح أو المتعة، وفقاً لما ورد في شبكة CNN الأمريكية.
وقال فروهولز: "إن نتائج دراستنا مفاجئة. إذ يفترض الباحثون عادةً أن الجهاز الإدراكي لدى الإنسان والرئيسيات مصمم بدقة للتعرف على إشارات الخطر والتهديد في البيئة المحيطة، مما يشكل آلية تساعدهم على البقاء".
وبينما يبدو هذا صحيحاً في الرئيسيات وفصائل الحيوانات الأخرى، يقول فروهولز: "يبدو أن التواصل بالصراخ قد اختلف كثيراً بين البشر، وهو ما يمثل نقلة تطورية كبرى".
الغرض التطوري للصراخ
تخدم بعض الصرخات غرضاً تطورياً بدائياً، وهو الإشارة الآنية إلى وجود خطر، فإذا كنتم من متابعي ومحبي أفلام الرعب فلا بد أنكم قد لاحظتم كمية الصراخ التي تحتويها هذه الأفلام، وقد تكونون أنفسكم قد صرختم بما فيه الكفاية أثناء مشاهدة اللقطات المرعبة.
لكن الدراسات بينت أن الصرخات التحذيرية ليست المفضلة لدينا عموماً، إذ يستجيب الناس بشكل أفضل للصراخ الناجم عن الدهشة أو المتعة ولو كان صراخاً بسيطاً، وذلك وفقاً لأربع تجارب مختلفة أجراها فروهولز وفريقه على مجموعات صغيرة من الناس.
وفي إحدى هذه التجارب، خضع المشاركون في الدراسة لتصوير رنين مغناطيسي وظيفي، وهم يستمعون لصراخ. وأوضحت المسحات أن عقولهم تستجيب لما سماه ساشا بالصرخات "غير المُنذرة" أو الصرخات الإيجابية بشكل أسرع وأدق، من الاستجابة للصرخات التحذيرية.
ما سبب هذا؟
يقول فروهولز إن هذا غالباً، لأن البشر يتعاملون مع إشارات ومواقف اجتماعية أكثر تعقيداً مما يتعامل معه الشمبانزي والرئيسيات الأخرى.
ففي الحياة العائلية والدوائر الاجتماعية على سبيل المثال، يكون الإنسان أكثر عرضة لسماع تعبيرات الفرح والسعادة والدهشة مقارنةً بالخوف، وبالتالي يكون أسرع في التفاعل مع تلك المحفزات.
وأضاف: "يبدو أن إرسال واستقبال هذه المشاعر الإيجابية اكتسبا أولوية أعلى لدى البشر مقارنة بإشارات الخطر. وربما يكون هذا التغيير في الأولوية، بسبب متطلبات السياقات البشرية الاجتماعية المتطورة والمعقدة".