"أهلاً أهلاً يا بوجي.. أهلاً أهلاً يا طمطم، أهلاً بيكم يا أطفال في برنامج مش بطال برنامج بوجي وطمطم".. بهذه الأشعار والكلمات انطلقت أولى حلقات الجزء الأول لمسلسل "بوجي وطمطم"، الذي أصبح في وقت قياسي أيقونة رمضانية مصرية بامتياز.
وكان مسلسل عرائس الأطفال "بوجي وطمطم" من ابتكار المخرج محمود رحمي وأداء الممثل المصري الراحل يونس شلبي لدور "بوجي" صوتياً، فيما أدت الممثلة هالة فاخر فيه صوت الدمية "طمطم".
وتم عرض "بوجي وطمطم" على القنوات المصرية خلال شهر رمضان من كل عام، مستهدفاً الصغار بشكل خاص، لكن البالغين تعلّقوا كذلك بشخصياته.
فقد استوحى المسلسل الأحداث والشخصيات من الشارع المصري، من خلال تناول المواقف اليومية التي يتعرض لها "بوجي وطمطم"، وكيفية تعاملهما معها، ما كان له تأثير كبير في ثقافة الطفل المصري، ثم العربي بعد رواج المسلسل.
من هو رحمي؟
تخرّج الفنان التشكيلي المصري محمود رحمي في كلية الفنون الجميلة وعمل مُخرجاً في التلفزيون المصري ومُبتكراً لشخصيات عرائس الأطفال.
وكان لرحمي قبل "بوجي وطمطم" عدة أعمال ناجحة مثل برنامج "عصافير الجنة"، وشخصيات عرائس مثل "بوبو الحبوب" و"دبدوب وأرنوب" وشخصية "بقلظ" الذي ارتبط بمقدمته الإعلامية نجوى إبراهيم وبرنامجها "صباح الخير"، وأنشأ كذلك قسم العرائس في التلفزيون المصري.
بداية بوجي وطمطم
وبعد أن قدّم المخرج المصري مسلسل عرائس للأطفال باسم "حدوتة لتوتة"، حقق العمل نجاحاً كبيراً بفضل شخصية البطل فيه التي كانت لقرد طريف يُدعى "سمسم".
ولاقى هذا العمل قبول واستحسان كبير لدى الجمهور، فأوحى ذلك لرحمي بتطوير شخصية "بوجي" من الدمية التي ابتكرها. وبذلك أصبح "بوجي وطمطم" امتداداً لمسلسل "حدوتة لتوتة"، بحسب تصريحات فوقية خفاجي، زوجة ومساعدة المخرج الراحل ومبتكر المسلسل لصحيفة الدستور المصرية.
وقد بدأ بث أولى حلقات المسلسل المعروف عام 1983، وتواصل عرضه على مدار 18 جزءاً تقريباً، حتى وفاة رحمي بأزمة قلبية عام 2001، بعد رفض هيئة التلفزيون المصري مواصلة عرض المسلسل في رمضان.
وتضمن مسلسل العرائس "بوجي وطمطم" العديد من العرائس المصممة بأشكال وألوان كانت غير مسبوقة على التلفزيون المصري في ذلك الوقت، وكان يتم ابتكار شخصية جديدة وإضافتها لسياق المسلسل كل موسم.
أشهر شخصيات المسلسل
ومن أبرز تلك الشخصيات الدمية "طماطم" التي أدتها تغريد العصفوري، وكذلك دمية "عم شكشك" التي أداها الممثل رأفت فهيم. بالإضافة إلى شخصيات: زيزي، مرمر، زيكا، زيكو وطنط شفيقة وطنط شكشوكة والفيل فلافيلو، وفقاً لصحيفة الدستور المصرية.
وفي قصص تربوية أخذت القالب الكوميدي الاجتماعي، كانت أهم مواسم مسلسل بوجي وطمطم: الفيل الجميل، محطة فلافيلو، حكايات مع بوجي وطمطم، الفانوس السحري، بوجي وطمطم وأسرار جحا، حبيبتى اسمها مصر، أولاد القمر، بوجي وطمطم في رشيد.
ومثّل العمل حالة فريدة على شاشة التلفزيون بعد أن جمع بين بوجي وطمطم الشخصيتين المتناقضتين في منزل واحد، ومزج بين عرائس الأطفال والعنصر البشري بمشاركة ممثلين واقعيين، مثل: الممثل المصري حسن يوسف، وحسن مصطفى، وميمي جمال، ومحمد الشرقاوي وغيرهم.
مشاركة صلاح جاهين
وقد قام الشاعر المصري المعروف صلاح جاهين بكتابة عدة أغنيات للمسلسل، منها: "أهلاً أهلاً يا بوجي.. أهلاً أهلاً يا طمطم"، و"بطني بتوجعني يا طمطم"، و"زينة رمضان"، حتى إن صلاح جاهين بنفسه كان يكتب تتر العمل ويظهر ببعض المشاهد ممسكاً بآلة الربابة الموسيقية وهو يغني شخصياً مقولته المشهورة: "كان يا ما كان، كان في إيه، بوجي وطمطم عملوا إيه؟".
وقد استكمل من بعده نجله الشاعر بهاء جاهين كتابة الأغاني وتترات العمل، وشارك أكثر من ملحن وموسيقار في موسيقى العمل أيضاً، فلحن كل من إبراهيم رجب وعمار الشريعي وفاروق الشرنوبي بعض ألحان المسلسل وأغنياته.
وفاة رحمي بعد وقف المسلسل
بعد قرار وزير الإعلام المصري الأسبق صفوت الشريف بمنع إنتاج وإذاعة مسلسل "بوجي وطمطم" على الرغم من رواجه في أواخر التسعينيات، دخل مخرج العرائس رحمي فى موجة اكتئاب حاد وعزلة تامة لعدة سنوات انتهت بوفاته في يوليو/تموز عام 2001، خاصة بعدما فشل في محاولة إنتاج عرائس ودُمى على شكل "بوجي وطمطم" في الصين لبيعها للأطفال في مصر.
ورغم أنه سافر من أجل هذا الغرض إلى الصين لكن المحاولة لم تنجح بسبب عدم رضاه عن المنتج الذي صممته الشركة الصينية آنذاك، بحسب موقع أصوات أونلاين.
محاولة إحياء بوجي وطمطم
وقد حاول نجل رحمي، باسم محمود رحمي استكمال مسيرة والده وتقديم جزء جديد من تأليفه لإعادة إحياء مسلسل بوجي وطمطم. وقد ساعدت فوقية خفاجي، زوجة ومساعدة رحمي خلال مسيرته الطويلة، في إخراج وإنجاز المسلسل في جزئه الجديد عام 2009.
وبعد سنوات الإيقاف الطويل، ووفاة الممثل يونس شلبي الذي أدى دور "بوجي" بعد صراع مع المرض عام 2007، تغير أبطال العمل في جزئه الجديد، فقام بدور "بوجي" الممثل المصري محمد شاهين. كما قامت بدور الممثلة إيمي سمير غانم بدور "طمطم" بدلاً من هالة فاخر.
وتم تسمية الجزء الجديد من المسلسل "بوجي وطمطم والكنز المفقود" وأُهدي العمل لروح مبتكره وصانعه رحمي.
ومع ذلك، لم تجد التجربة النجاح المأمول، وسط ترجيحات أن يكون عامل تغيير أصوات الأبطال هو السبب، أو بسبب اختلاف ذائقة جيل الألفية الجديدة وعدم رواج العرائس المتحركة لديه بقدر إقباله على الرسوم المتحركة وتقنيات الصورة الجديدة للأعمال الكرتونية، وفقاً لـ أصوات أونلاين.
ويُعتقد أيضاً أن أحد أسباب فشل الجزء الأخير من المسلسل هو رفض التلفزيون المصري وتعنّته آنذاك، في إنتاج المسلسل أو حتى إذاعته عبر القنوات الرسمية التي لطالما كانت الوجهة الأساسية لمشاهدة الأعمال الرمضانية المصرية على موائد الإفطار.
وقد تعددت المحاولات لإنتاج حلقات جديدة من المسلسل الشهير لكنها فشلت أمام معوقات توفير مصادر التمويل والإنتاج اللائقة لصناعة المسلسل بمستواه الفني المعهود.