كانت كاثرين إيدوس الضحية الرابعة للقاتل المتسلسل مجهول الهوية المعروف باسم "جاك السفاح". لم يكن لدى هذه المرأة البالغة من العمر 46 عاماً، أدنى فكرة عن كونها على وشك مقابلة وحش بشري أثناء تجوّلها بشوارع لندن في ليلة مصيرية مشؤومة.
في 30 سبتمبر/أيلول 1888، عثر ضابط الشرطة إدوارد واتكينز، على جثة كاثرين مشوّهة في ساحة ميدان ميتري بلندن.
أثارت هذه الجريمة المروّعة ذعراً شديداً؛ نظراً إلى أنَّ واتكينز -وغيره من الحرّاس الليليين- لم يروا أي شيء مريب في الميدان قبل واقعة القتل؛ نفَّذ القاتل جريمته بسرعة وهدوء قبل أن يختفي في ظلام الليل.
على الرغم من أنَّ هذا القاتل المتسلسل المجهول يُنسب إليه قتل 5 نساء أخريات، كان مستوى التشوهات في جثة كاثرين صادماً على نحوٍ خاص للرأي العام، حسب ما نشره موقع All That's Interesting.
كانت لندن في حالة استنفار قصوى لحل لغز سلسلة من جرائم قتل النساء. ورغم أنَّه لم يُعرف يقيناً عدد الضحايا اللاتي قُتلن على يد شخص واحد، ظل مقتل كاثرين عالقاً في أذهان العديد من سكان لندن.
أرهب جاك السفاح لندن، بسبب تشويهه أجساد ضحاياه بطريقة غير عادية، مما يشير إلى معرفة القاتل بالتشريح البشري، حسب موقع History.
لم يتم القبض على الجاني أو حتى معرفة هويته، ولا يزال Jack the Ripper واحداً من المجرمين الأكثر شهرة بإنجلترا وفي العالم.
من هي كاثرين إيدوس؟
وُلدت كاثرين إيدوس في إنجلترا عام 1842، لا يُعرف الكثير عن حياتها المبكرة، ووصفها أصدقاؤها وأفراد أسرتها بأنَّها شخصية مرحة للغاية، ونفوا كل ما تردد بشأن أنَّها كانت مومساً.
كانت كاثرين تواجه صعوبات مالية، وفي 29 سبتمبر/أيلول 1888، اليوم السابق لقتلها، كان من المقرر أن تسافر إلى برموندسي لاقتراض بعض المال من ابنتها.
قال صديقها، جون كيلي، في مقابلة مع صحيفة "The Star" الإنجليزية، في 3 أكتوبر/تشرين الأول عام 1888: "عندما لم تعد إلى المنزل ليلاً، لم أشعر بالقلق، لأنَّني اعتقدت أنَّ ابنتها ربما طلبت منها البقاء معها هذه الليلة".
في مساء اليوم نفسه نحو الساعة الـ8:30 مساءً، وجد ضابط شرطة يُدعى لويس روبنسون حشداً من الناس يحومون حول امرأة مخمورة مستلقية على الأرض.
هذه المرأة كانت كاثرين إيدوس، التي انفصلت عن صديقها جون كيلي قبل ساعات فقط. نقل روبنسون، كاثرين إلى مركز الشرطة واحتجزها بينما كانت نائمة في حالة سُكر.
بحلول الساعة الـ12:15 صباحاً تقريباً، استيقظت كاثرين وبدأت تتوسل لإطلاق سراحها. أطلقت الشرطة سراحها أخيراً نحو الساعة الـ1 صباحاً من يوم 30 سبتمبر/أيلول 1888.
في الوقت نفسه، عثر ضباط آخرون على جثة امرأة تُدعى إليزابيث سترايد، قتلها جاك السفاح في الليلة نفسها.
يبدو أن جاك السفاح قد شعر بخطر محدق أثناء تنفيذ جريمة قتل إليزابيث، لأنَّه لم يشوّه جثتها كعادته مع بقية ضحاياه، ثم عندما وجد كاثرين تتجول باتجاه ميدان ميترى، هاجمها بشراسة بعد أن تأكّد من عدم وجود شهود.
اللقاء المشؤوم لكاثرين مع جاك السفاح
أفاد 3 شهود برؤية كاثرين تسير مع رجل غامض بعد نحو 35 دقيقة من مغادرتها مركز الشرطة، ولم يرها أحد على قيد الحياة مرة ثانية.
في الساعات الأولى من صباح يوم 30 سبتمبر/أيلول 1888، عُثر على جثة كاثرين بميدان ميترى في حالة مروّعة للغاية. كان حلقها مقطوعاً وكليتها اليسرى قد أزيلت وبطنها مفتوحة بجرح طويل عميق، والأمعاء مسحوبة منها إلى خارج الجسد.
أشار الدكتور فريدريك غوردون براون، الجرّاح المسؤول عن تشريح الجثة، إلى أنَّ وجه كاثرين "كان مشوهاً جداً"، حيث ثمة قطع في كلا الجفنين وكشط أجزاء من الوجنتين، إضافة إلى قطع مائل ممتد بطول الأنف يقسم الشفة العليا.
عند تلك المرحلة، كان جاك السفاح قد قتل بالفعل 3 نساء أخريات على الأقل في إنجلترا.
لكن جريمة قتل كاثرين كانت أكثرها بشاعة، لاسيما أنَّها أول ضحية بتشوهات شديدة في الوجه.
لم تُظهر جريمة قتل كاثرين إيدوس وحشية جاك السفاح فحسب، بل أظهرت أيضاً رغبته في القتل حتى لو كان معرضاً لخطر القبض عليه.
اضطر هذا القاتل المتسلسل إلى التخلّي عن تشويه ضحيته الثالثة (إليزابيث سترايد)؛ نظراً إلى أنَّ أمره كاد ينكشف أثناء تنفيذه الجريمة.
لكن على الرغم من معرفته أنَّ الشرطة ستكون في حالة استنفار قصوى بمجرد اكتشاف جثة إليزابيث، اختار البحث عن ضحية جديدة وتنفيذ جريمة قتل مروّعة أخرى، الأمر الذي يؤكد تعطشه لسفك الدماء.
ولادة أسطورة وحشية
أصبح اسم جاك السفاح معروفاً على نطاق واسع بعد ارتكابه جريمتي قتل كاثرين وإليزابيث في ليلة واحدة. وقد أُطلق على هاتين الجريمتين فيما بعد، اسم "الحدث المزدوج".
جاء اسم "جاك السفاح" من رسالة بعنوان"Dear Boss" موقّعة باسم "Jack the Ripper" (جاك السفاح)، ويُعتقد أنَّ القاتل المتسلسل هو مَن كتبها.
كانت وكالة الأنباء المركزية بلندن قد استقبلت هذه الرسالة المخيفة في 27 سبتمبر/أيلول 1888 والتي لمحت إلى وقوع جرائم قتل مستقبلية.
وبعد أسابيع قليلة من مقتل كاثرين إيدوس، وصلت رسالة مرعبة أخرى بعنوان "من الجحيم"، لكن هذه المرة إلى أحد أفراد أمن المنطقة.
احتوت الرسالة على نصف كلية بشرية زعم القاتل أنَّها كلية كاثرين ويصف كيف أكل النصف الآخر.
بات سكان لندن، الذين كانوا بالفعل في حالة نفسية قلقة من جرائم القتل السابقة، في حالة ذعر تام.
بدأت الشرطة في نشر مزيد من الضباط بملابس مدنية في المنطقة محل وقوع جرائم القتل. لكن على الرغم من كل الجهود المبذولة، لم تستطع السلطات تحديد هوية جاك السفاح وحل هذه القضية.
وقعت عمليات القتل الخمس المنسوبة إلى جاك السفاح، على بُعد كيلومتر واحد من بعضها البعض بالقرب من منطقة وايت تشابل في شرق لندن، من 7 أغسطس/آب إلى 10 سبتمبر/أيلول من عام 1888.
وبسبب فشل العثور عليه، نشأت أسطورة مروّعة لقاتل متسلسل عجزت لندن عن معرفة هويته وإلقاء القبض عليه.