إذا كنت من متابعي أخبار وكالة الفضاء الأمريكية فلا بد أنك شاهدت صورة علماء ناسا مع علبة الفول السوداني، في اليوم الذي هبطت فيه مركبة بيرسيفيرانس على سطح المريخ، وربما تساءلت لِمَ السوداني تحديداً؟
في الواقع يوجد وراء علبة الفول السوداني تلك قصة طريفة دعونا نرويها لكم:
علماء ناسا والفول السوداني
لدينا هنا في الصورة توماس زوربوتشن مدير وكالة الفضاء الأمريكية، برفقة لوري غليز مديرة قسم علوم الكواكب، يقفان وهما يمسكان علبتين من الفول السوداني وينتظران هبوط مركبة بيرسيفيرانس على سطح المريخ.
وقد كتب زوربوتشن معلقاً على الصورة في تغريدة له على تويتر: "أنا ومديرة علوم الكواكب لوري غليز نمسك بفول الحظ السوداني الخاص بنا في أيدينا، أمامنا أقل من 3 ساعاتٍ حتى تهبط بيرسيفيرانس، #العد_التنازلي_للمريخ".
لم يكن اختيار الفول السوداني في مثل هذه المناسبة أمراً اعتباطياً، فلهذه الوجبة الخفيفة تاريخ قديم مع وكالة ناسا، التي تعتبر الفول السوداني بمثابة أيقونة حظ، لكن لماذا؟
لماذا يعتبر الفول السوداني أيقونة حظ لعلماء ناسا؟
بدأت القصة في العام 1964، عندما أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية بعثة رانجر 7 للحصول على صور قريبة لسطح القمر.
كان علماء الوكالة متوترين للغاية، فقد فشلت قبل ذلك 6 بعثات للمركبة رانجر في أداء مهمتها. وفيما خيم القلق على المكان قام المهندس ديك والاس بتقديم الفول السوداني لطاقم البعثة، ليجدوا ما يلوكونه أو يتسلون به، لينفِّسوا عن توترهم وليشتِّتهم عن القلق.
وبعد ساعات من الانتظار نجحت مهمة رانجر 7 في أداء مهمتها، ومهدت الطريق لبعثة أبولو الشهيرة التي هبطت فيما بعد على سطح القمر. حينها قال والاس: "اعتقدت أن مشاركة الفول السوداني قد تنفس عنا بعض التوتر والقلق في غرفة تسيير البعثة، والباقي يعرفه الجميع".
منذ ذلك الحين اعتبر الفول السوداني بمثابة تميمة حظ، وبات يستخدم في الحالات المشابهة، إذ ظلت ناسا محافظةً على تقليد الفول السوداني حتى بعثتها الأخيرة للمريخ.
هل أدى الفول السوداني مهمته؟
هبطت كذلك مركبة بيرسيفيرانس بسلامٍ على سطح الكوكب الأحمر الصدئ، الواقع في الترتيب الرابع بُعداً عن الشمس، على بعدٍ يزيد عن 209 ملايين كيلومتر عن الأرض.
وبالتالي قد يقول البعض إن الفول السوداني قد أدى مهمته، لكن في الواقع يوقن علماء ناسا أن الفول السوداني لا يجلب الحظ فعلياً، لكنه مع ذلك أحد أهم طقوسهم المحببة في الوكالة.
في النصف قرنٍ الماضي، أو نحو ذلك، منذ تلك البعثة برعاية الفول السوداني، تطورت تكنولوجيا وفرق البحث لدى ناسا، لكن البعثات أصبحت أكثر خطورةً كذلك.
يقول فريق المريخ لدى ناسا إن "40% فقط من إجمالي البعثات المرسلة إلى المريخ من كل وكالات الفضاء تنجح". يجب أن تسير مئات الأشياء بشكلٍ صحيح. ولا شيء منها له علاقة بما إذا كنا نأكل الفول السوداني أم لا، لكنه لا يمكن أن يضر.
الفول السوداني ليس في قائمة أطعمة رواد الفضاء
قد يقول قائل، لو أن الفول السوداني يجلب الحظ الجيد هكذا فربما يجدر برواد الفضاء أخده معهم حينما ينطلقون في أول رحلةٍ مأهولةٍ للمريخ.
قد يكون هذا مقبولاً حال كان الفول السوداني مقشراً؛ فقد منعت ناسا اصطحاب الملح وغيره من التوابل بصورتها المطحونة التقليدية؛ لأنها قد تحدث فوضى عارمةً في غياب الجاذبية.
لكن إذا كان رواد الفضاء سيأخذون معهم طعاماً كافياً في رحلة ستمتد لأشهر أو ربما سنوات، فلعلهم سيزرعون على الأرجح طعامهم بأنفسهم.
وقد تضمنت التجارب على زراعة النباتات في محطة الفضاء الدولية زراعة الخس والملفوف والخردل والكرنب والقمح، وفقاً لما ورد في موقع Mashed الأمريكي.
ولقد تمكن رواد الفضاء من أكل ما زرعوه، لكن الفول السوداني لم يصل إلى قائمة طعام الفضاء حتى الآن.