متحرراً من التزاماته اليومية لشركة أمازون العملاقة، ينوي جيف بيزوس تركيز اهتمامه على نطاق آخر كلياً وأبعد ما يكون عن التجارة والتواصل بين البشر ولكن ليس الشحن، إذ يسعى أحد أثرى أثرياء العالم إلى دخول المنافسة الفضائية عبر شركته بلو أوريجن أو "الأصل الأزرق".
بيزوس، البالغ من العمر 57 عاماً، قال في بيان تنحيه عن منصب المدير التنفيذي للشركة التي حققت أعلى نسبة أرباح نتيجة جائحة كورونا، إنه يودُّ التركيز على مشاريع أخرى يعشقها شخصياً.
وكانت شركة بلو أوريجن تراجعت أمام شركة سبايس إكس التابعة لإيلون ماسك، الذي يقترب شيئاً فشيئاً من كوكب المريخ.
وخسرت شركة بيزوس عقوداً ضخمة أمام شركات سبايس إكس وبوينغ لوكهيد مارتن وديانتكس، للبدء في تطوير آليات فضائية كان من المقررالبدء في تنفيذها عام 2022.
ولكن شركة بلو أوريجن تركز الآن على المنافسة على عقد تطوير مركبة هبوط على القمر لصالح وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، التي أخذت موافقة من الحكومة الأمريكية لاستعادة مهام الهبوط على القمر.
وهو مشروع تبلغ قيمته عشرات مليارات الدولارات تموله الحكومة الأمريكية، لذا فإن الفوز بعقد المسبار القمري يعتبر أمراً حيوياً من قِبل بيزوس والمديرين الآخرين في الشركة لتعزيز شركة Blue Origin كشريك لـ"ناسا"، وكذلك وضعها على بداية طريق جني الأرباح.
ومنذ سنوات، يعمد بيزوس إلى تصفية مبلغ مليار دولار سنوياً من أسهم شركة أمازون لتمويل شركة بلو أوريجن والذي وصفه قائلاً: "أهم عمل أقوم به".
وقال في كتاب نُشر عام 2020: "لديَّ اقتناع كبير بذلك بناءً على حجة بسيطة: الأرض أفضل كوكب".
وقالت مصادر لوكالة Reuters، إنه من المتوقع أن تطلق ناسا مسابقة المسبار القمري لشركتين فقط بحلول نهاية أبريل/نيسان 2021، مما يزيد الضغط على شركة بيزوس التي تصارع لحل بعض المشاكل الداخلية مثل إهدار ملايين الدولارات على المشتريات والتحديات الفنية والإنتاجية.
قال شخصان مطلعان على تطوير المسبار، إن إحدى الصعوبات التي واجهتها "بلو أوريجن" تطوير مسبار خفيف الوزن وصغير الحجم يكفي ليناسب صاروخاً تجارياً.
لكن أحد المخضرمين في الصناعة الفضائية قال إن بيزوس يحتاج مباشرة بعض أعمال الشركة بنفسه إذا ما أراد أن يحل عدداً من المشكلات مثل البيروقراطية، وعدم الالتزام بالمواعيد النهائية، وارتفاع النفقات العامة، ومغادرة المهندسين والتي، وفقاً لهذا المصدر، ظهرت بينما كانت شركة بلو أوريجن تسعى إلى الانتقال من التطوير إلى الإنتاج.
المنافسة بين سبايس إكس وبلو أوريجن
تأسست شركة بيزوس عام 2000، وحتى الآن أصبح عدد موظفيها 3500 وتملك مصانع في كل من تكساس وفلوريدا وألاباما.
تشمل خطتها الطموحة بيع الرحلات السياحية شبه المدارية إلى الفضاء، وخدمات إطلاق الرفع الثقيل للأقمار الصناعية، ومركبة الهبوط، والتي لم يصبح أي منها مشروعاً تجارياً مجدياً بالكامل.
أما ماسك فأسس شركة سبايس إكس بعد سنتين من "بلو أوريجن"، وأطلق حتى الآن صواريخ Falcon 9 أكثر من 100 مرة، وأطلق أقوى صاروخ تشغيلي في العالم -Falcon Heavy- ثلاث مرات، ونقل رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية.
يستخدم 10 آلاف مستخدمٍ أقمار الشركة الاصطناعية لخدمات الإنترنت من خلال شركة ستارلينك التي سيتم تحويل أرباحها لتمويل مشروع الهبوط على القمر ثم المريخ.
تأمل شركة بلو أوريجن أيضاً الحصول على تدفق ثابت من الإيرادات لصاروخها New Glenn ذي الرفع الثقيل، الذي من المحتمل أن يتم إطلاقه لأول مرة في أواخر هذا العام، من كوكبة Amazon القادمة المكونة من نحو 3200 قمر صناعي يطلق عليها اسم Project Kuiper.
وقالت المصادر، إن بيزوس خصص حتى الآن يوماً واحداً في الأسبوع لـBlue Origin، مع استبدال اجتماعات غرفة الاجتماعات في الأشهر الأخيرة بمكالمات الفيديو، بسبب جائحة فيروس كورونا.
وفي مقطع فيديو نُشر 9 فبراير/شباط 2021على موقعي Twitter وInstagram، قدَّم أعضاء فريق تطوير المسبار التابع لشركة Blue Origin تقريراً عن جهودهم وأخرى تطورات المسبار القمري.
ويبدو أن الشركة غير مهتمة بنقل البشر، إذ تركز على أن تكون لديها نسخة مخصصة للشحن فقط من مركبة الهبوط إلى القمر قبل عام واحد من أول هبوط مأهول لبرنامج Artemis التابع لـ"ناسا".
وإذا التزمت وكالة ناسا بجدولها الزمني الحالي، فإن المسبار التجريبي سيهبط بالقرب من القطب الجنوبي للقمر في عام 2023، استعداداً لهبوط طاقم بشري في عام 2024، بحسب ما نشره موقع Geek Wire.
ومن شبه المؤكد أن هذا الجدول الزمني سيتم تأجيله، بسبب تغيُّر سياسات وأولويات البيت الأبيض ومخاوف الميزانية.
وتواجه شركة Blue Origin تحدياً صعباً بتحقيق انطلاق في حالة تأهب قصوى والخروج برحلات موثوقة وقابلة لإعادة الاستخدام إلى المدار؛ ومع تخصيص بيزوس مزيداً من الوقت للشركة، فقد تكون لديها فرصة أخيراً لتحقيق أحلامه خارج كوكب الأرض.