بالنسبة لنا نحن البشر الذين نعيش على سطح الكرة الأرضية، كانت أيام 2020 الصعبة والمليئة بالكوارث هي الأطول على الإطلاق، لكن بالنسبة للكرة الأرضية نفسها كانت أيام 2020 هي الأقصر منذ 50 عاماً؟ أشعر بارتباكك عزيزي القارئ، فقد أُصبت به كذلك عند قراءة الخبر، لذا سأشرح لك الأمر بالتفصيل:
اليوم هو عبارة عن 24 ساعة… يؤسفني أن أخبرك أن هذه الحقيقة البديهية التي نعرفها جميعاً ليست دقيقة تماماً. كان من المعروف فيما مضى أن دوران الأرض حول محورها يستغرق يوماً كاملاً، مكوناً من 86400 ثانية أو 24 ساعة، لكن ابتكار الساعات الذرية فائقة الدقة غيَّر نظرة العلماء لمفهوم "اليوم"، واكتشفوا أن الأرض ليست دقيقة تماماً بمواعيدها، فقد تمر عليها سنوات تكون فيها الأيام أطول أو أقصر قليلاً من الـ24 ساعة.
دوران الأرض الأسرع حول محورها
بعد اختراع الساعات الذرية، اكتشف العلماء أن طول الدوران اليومي للأرض يمكن أن يختلف في الواقع بمقدار جزء من الألف من الثانية.
فعلى سبيل المثال خلال السنوات الماضية كان اليوم هو أطول بقليل من 24 ساعة، لكن اللافت للغاية أن الأرض بدأت تتسارع بشكل غير مسبوق في عام 2002، الذي شهدنا فيه أطول أيام حياتنا مجازياً وأقصرها على أرض الواقع.
ميزات إضافية لعام 2020
يقول بيتر ويبرلي، الباحث في المختبر الوطني الفيزيائي لموقع The Telegraph، إن الأرض تدور الآن أسرع أكثر من أي وقت مضى في السنوات الـ50 الماضية.
ويضيف بيتر: "قبل عام 2020 تم تعيين الرقم القياسي لأقصر يوم، في 5 يوليو/تموز 2005، والذي سجل 1.0516 مللي ثانية أقل من 86400 ثانية، وفي عام 2020 تم كسر هذا الرقم القياسي 28 مرة".
بمعنى آخر فإن الأرض عام 2020 شهدت أسرع دوران لها وأقصر أيامها منذ أن بدأ العلماء بتسجيل سرعة دوران الأرض حول محورها بشكل دقيق منذ قرابة 50 عاماً.
ويتوقع العلماء أن تكون أيام 2021 أقصر، وأن يكون دوران الأرض أسرع.
ولكن لماذا فرق الملي ثانية مهم، وما هي "الثانية الكبيسة"؟
قد يقول قائل إن العلماء يحبون المبالغة والتضخيم في كل شيء، ماذا سيحدث لو زادت الأرض من نشاطها هذا العام ودارت حول نفسها بسرعة أكبر من المعتاد؟ وماذا سيحدث إن كانت أيامنا في 2021 أقصر بمقدار مللي ثانية؟ في النهاية هي مجرد مللي ثانية ولن تحدث فرقاً كبيراً.
في حقيقة الأمر سرعة الأرض الزائدة تلك وقصر الأيام بمقدار مللي ثانية عن المعتاد ليس أمراً خطيراً على الإطلاق بالنسبة لنا، لكنه قد يسبب إرباكات للعلماء الذين يعملون في مجالات مثل الفيزياء والفلك والاتصالات، إذ تتم عادة مزامنة التوقيت الشمسي (24 ساعة) مع الساعات الذرية للأرض، لأن الأقمار الصناعية وأجهزة الاتصال الأخرى عادة ما تعتمد على موقع الشمس والنجوم.
وإذا كان الفرق أكثر من 0.9 ثانية عند مقارنة التوقيت الشمسي مع التوقيت الذري، يتم إضافة أو طرح ما يسمى بـ"الثانية الكبيسة" إلى أو من التوقيت الأرضي، وفي حين لا تؤثر تلك الثانية على الإطلاق على مجريات حياتنا اليومية، إلا أنها تؤثر على الأقمار الصناعية، وقد تؤثر كذلك على أشكال الاتصالات الأخرى، وفقاً لما ورد في موقع Eco Watch.
فعندما تمت إضافة ثانية كبيسة في عام 2012 على سبيل المثال، تعطّلت بعض مواقع الويب، بما في ذلك Reddit وYelp وLinkedIn.
لذلك يدعو علماء الكمبيوتر في بعض البلدان إلى اعتماد التوقيت الذري بدلاً من المزامنة مع التوقيت الشمسي المعتمد حالياً.
أخيراً ما هي أسباب التغيرات في سرعة دوران الأرض حول محورها؟
بكل الأحوال ليس من المقلق زيادة سرعة دوران الأرض وفقاً للعلماء، فهذه الظاهرة قد تحدث لأسباب متنوعة، بما في ذلك جاذبية القمر وتساقط الثلوج والتعرية.
كما أن أزمة المناخ التي تعيشها الأرض حالياً يمكن كذلك أن تكون عاملاً في زيادة سرعة دوران الأرض، حيث إن ارتفاع درجة حرارة الكوكب تسهم في ذوبان الثلوج، الأمر الذي يؤدي إلى تغييرات في توزيع الكتلة على سطح الكرة الأرضية.