أثارت موجات راديو تم التقاطها من النجم "بروكسيما سنتوري"، وهو النجم الأقرب إلى الشمس، حيرة علماء الفلك، لذلك قرروا البحث عن إمكانية وجود حياة فضائية، وهي الموجات التي تم التقاطها خلال 30 ساعة من عمليات الاستطلاع بواسطة تلسكوب باركس بأستراليا في أبريل/نيسان ومايو/أيار من العام الماضي.
حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 18 ديسمبر/كانون الأول 2020، فإن العلماء ما زالوا يُجرون عدداً أكبر من الاختبارات والتجارب والدراسات من أجل تحديد مصدرها، وذلك يمر أولاً من تحديد ما إذا كان مصدر هذه الموجات من الأرض وليس الفضاء.
في السياق نفسه، يرى العديد من الباحثين أن مصادر هذه الموجات يمكن أن تكون من الأرض أيضاً كما حدث في وقت سابق عندما تم اكتشاف انفجارات غريبة من موجات الراديو باستخدام تلسكوب باركس أو مرصد غرين بانك في ولاية فرجينيا الغربية، ولكن جميعها حتى الآن نُسبت إلى تداخل من موجات من صنع الإنسان أو مصادر طبيعية.
غير أن ما يثير الانتباه فعلاً في هذه الموجات الأخيرة، هو اتجاه الحزمة الضيقة، نحو 980 ميغاهرتز، والتحول الواضح في ترددها، الذي يقال إنه متسق مع حركة الكواكب، قد أضاف إلى الطبيعة المحيرة لهذا الكشف. ويُعد العلماء الآن ورقة بحثية عن الموجات، تُدعى BLC1، لصالح مشروع Breakthrough Listen، وهو مشروع يبحث عن أدلة على وجود الحياة في الفضاء، بحسب ما توصلت إليه الصحيفة.
والنجم "بروكسيما سنتوري"، هو نجم قزم أحمر يبعد 4.2 سنة ضوئية عن الأرض.
إشارة "واو"
هي إشارة راديو ضيقة النطاق قصيرة العمر، التُقطت في أثناء البحث عن ذكاء خارج الأرضن بواسطة مرصد Big Ear Radio بأوهايو في عام 1977.
الإشارة غير العادية، التي اكتسبت اسمها بعد أن كتب الفلكي جيري إمان عبارة "Wow!" بجانب البيانات، أطلقت العنان لموجة من الإثارة، على الرغم من أن إمان حذَّر من استخلاص "استنتاجات واسعة من البيانات نصف الضخمة".
وقد أطلق مشروع Breakthrough Listen في عام 2015 بواسطة يوري ميلنر، ويهدف إلى التنصت على ملايين النجوم الأقرب إلى الأرض؛ على أمل اكتشاف عمليات البث الفضائي الضالة أو المتعمدة.
فيما يتمثل التحدي الذي يواجه علماء الفلك في مشروع Breakthrough Listen وغيرهم ممن يكرسون أنفسهم لإيجاد حياة ذكية بالسماء، في تحديد "البصمات التقنية" المحتملة بين الثرثرة المتواصلة لموجات الراديو من المعدات الموجودة على الأرض، والظواهر الكونية الطبيعية، والأجهزة التي تدور حول الكوكب.
هل توجد كائنات فضائية متقدمة؟ هل هي أكثر تطوراً من البشر، وهل سيغزون الأرض؟
أسئلة تبدو لا عقلانية أو حتى سخيفة للبعض، ولكن احتمال وجود مخلوقات عاقلة في الفضاء بدأ يكتسب اهتماماً من وكالة ناسا أكبر من أي وقت مضى.
يتركز البحث عن الحياة خارج كوكب الأرض من قِبل وكالات الفضاء الدولية على وجود الميكروبات في إطار نظامنا الشمسي، كما يثار تحديداً في حالة كوكب المريخ، لكن في السنوات الأخيرة بدأ البحث ينحو إلى اتجاه آخر مختلف.
فقد قامت مشاريع، مثل كيبلر Kepler وهاربس HARPS، بشيء لا يصدَّق، جعل العلماء يضعون في الاعتبار، بشكل متزايد، محاولة الإجابة عن هذا السؤال الصادم: هل توجد كائنات فضائية متقدمة أو مخلوقات عاقلة من غير البشر؟
إذ أطلقت هذه المشاريع معرفتنا بالكواكب خارج النظام الشمسي إلى مستوى هائل، الأمر الذي زاد من فرص احتمال وجود كائنات فضائية متقدمة، حسب تقرير نُشر بموقع Science Alert.
البحث عن كائنات فضائية ذكية قديم، ولكن هناك ضغوط أجبرت "ناسا" على التوقف عنه
شغل البحث عن كائنات ذكية في الكون عدداً من المنظمات، من ضمنها معهد SETI (البحث عن كائنات ذكية خارجية Search for Extraterrestrial Intelligence)، والذي أسسه الفلكيان كارل ساجان وجيل تارتر، ومبادرات الاختراق Breakthrough Initiatives، التي أسسها الفيزيائي يوري ميلنر بدعم من ستيفن هوكينغ.
على الرغم من ذلك، ومن الناحية التاريخية، كانت مشاركة "ناسا" في عمليات البحث هذه بسيطة. وقد أدارت "ناسا" برنامج SETI مدة عام واحد فقط في أوائل التسعينيات، قبل أن يتم إغلاقه؛ بسبب الضغوط السياسية.
ما الذي حدث ليجعل العلماء يضعون في حسبانهم احتمال وجود كائنات فضائية متقدمة؟
نتيجة لجهود مشاريع مثل كيبلر Kepler وهاربس HARPS وغيرها، تم تأكيد وجود 3779 كوكباً من مجموعة متنوعة من المراصد، مع وجود آلاف من الكواكب الأخرى المرشحة للانضمام إلى القائمة، معظمها تم اكتشافه في السنوات العشر الماضية، ومع هذا العدد المتنامي للكواكب تأتي الحماسة المتجددة للإجابة عن السؤال: على أحد تلك الكواكب الموجودة في هذا الكون الفسيح، هل توجد كائنات فضائية متقدمة؟ وهل يتيح هذا الاتساع الهائل الفرصة لوجود الحياة؟
البحث الآن أصبح واعداً أكثر من أي وقت مضى، كما أن الملاحظات والاكتشافات الحديثة لم تؤدِّ إلا إلى تأجيج نار الفضول العلمي بشأن إجابة هذا السؤال الذي يبدو للبعض سخيفاً، ولكنه ليس كذلك بالنسبة للعديد من العلماء.
"اكتشاف كيبلر في عام 2015 التقلبات غير المنتظمة في السطوع، فيما أصبح يُعرف باسم نجم تابي Tabby's Star أدى -حسب ناسا– إلى تكهنات بوجود بنْية فضائية عملاقة وغريبة، على الرغم من أن العلماء خلصوا منذ ذلك الحين إلى أن سحابة الغبار هي السبب المحتمل لتلك التقلبات".
مع ذلك، فقد أثبت نجم Tabby الفائدة المحتملة من البحث عن الشذوذ في البيانات التي يتم جمعها من الفضاء.
وقد يُظهر ذلك الشذوذ الذي يجري البحث عنه، علامات الحياة المتطورة تقنياً على أنها انحرافات عن القاعدة.