كشفت دراسة جديدة عن وجود ساعات ومراحل زمنية معينة داخل أجهزتنا المناعية قد تجعلنا أكثر عرضة للإصابة أو العدوى في أوقاتٍ معينة من اليوم أو أشهر معينة من السنة، كما يمكن أن يساعدنا فهم هذا التغير في الإيقاع على تجنب أمراض مثل "كوفيد-19" وعلاجها، وكذلك تفسير سبب ميل بعض الأمراض، مثل الإنفلونزا، للانتشار في الشتاء، وتفاقم أعراض أخرى، مثل التصلب اللويحي المتعدد، في الصيف.
وفق تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، فإنه بالرغم من أنَّ الدراسات الحديثة أشارت إلى أنه قد يكون هناك إيقاع يومي أو موسمي "للنظام اليومي" في جهازنا المناعي، لم يتأكد هذا في أعداد كبيرة من البشر حتى الآن.
محاولة للفهم
قالت كاثي وايز، باحثة ما بعد الدكتوراه في الكلية الملكية للجراحين في أيرلندا، التي قادت البحث الجديد: "يتضح منذ قرون أنَّ الناس أكثر عرضة للإصابة بأمراض معينة في الشتاء، لكننا ما زلنا لا نفهم حقاً الدور الذي تُسهِم به أجسامنا في ذلك".
لفحص هذا الأمر، لجأت كاثي وزملاؤها إلى عينات الدم التي جُمِعَت من نحو 329261 مشاركاً في دراسة للبنك الحيوي في المملكة المتحدة -التي تعقبت الوضع الصحي لنحو نصف مليون بريطاني لأكثر من عقد- لمعرفة ما إذا كان الوقت من اليوم أو الموسم الذي أُخِذَت فيه هذه العينات له أي تأثير على الخلايا المناعية التي تحتويها.
ووجدوا تغيرات واضحة في عدد خلايا الدم البيضاء وعلامات الالتهاب في الدم؛ مما يشير إلى أنَّ وظيفتنا المناعية قد تكون أقوى أو أضعف، اعتماداً على الوقت من اليوم أو الموسم.
كاث، التي لم يخضع بحثها بعد لمراجعة الأقران، أوضحت قائلة: "يدعم (البحث) فكرة أنه قد تكون هناك ساعات وتقويمات داخلية في الجهاز المناعي".
لم تختبر بعد
الأهم من ذلك أنَّ هذه الاختلافات لم تكن مرتبطة بالعوامل البيئية أو نمط الحياة، أو مستويات فيتامين (د).
من جانبها، قالت الدكتورة ريتشيل إدغار، من إمبريال كوليدج لندن، التي تدرس كيف يمكن للفيروسات استغلال إيقاعات الساعة البيولوجية لخدمة في انتشارها: "هذا يشير إلى أنَّ مثل هذه التغييرات في أنظمتنا المناعية ترجع إلى النظم اليوماوية في أجسامنا -الآليات الفطرية التي تمكننا من تتبع الوقت".
لكن، لم تُختَبَر هذه النظرية بعد، وتحذر الدكتورة كاثي من المبالغة في تفسير نتائجها.
مع ذلك، من منظور تطوري، من المنطقي تنسيق أنشطة الخلايا المناعية مع الوقت الذي يُرجِّح أن تكون نشطاً فيه.
إذ قال الدكتور جون أونيل، من مختبر البيولوجيا الجزيئية التابع لمجلس البحوث الطبية في كامبريدج: "أبسط تفسير هو أنَّ نظام المناعة قد تطور وأصبح أفضل في التعرف على مسببات الأمراض المحتملة ومكافحتها خلال النهار، فهذا هو الوقت الذي يكون فيه البشر أكثر عرضة لمسببات الأمراض".
بدوره، يقول البروفيسور تامي مارتينو، الأستاذ والرئيس المتميز في أبحاث القلب والأوعية الدموية الجزيئية بجامعة جويلف في أونتاريو بكندا: "هذه النتائج هي تأكيد مثير لأهمية التوقيت البيولوجي لصحة الإنسان. ومن منظور نمط الحياة، يمكننا استخدام هذا الفهم الجديد للتوقيت البيولوجي في توجيه سلوكياتنا، وربما تقييد نشاطنا أثناء الليل أو في مواسم الشتاء؛ لتقليل تعرضنا لمسببات الأمراض في الأوقات التي تقل فيها قدرتنا تحملها".