تعتبر محمية بوتسوانا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا الجنوبية موطناً لما يقارب ثلث الأفيال الموجودة في إفريقيا برمتها، ومع تناقص أعداد الفيلة المتزايد، تشكل هذه المنطقة ملجأً آمناً للفيلة المهددة بالانقراض.
لكن كارثة حلت في أوائل شهر مايو/أيّار 2020 أدت إلى نفوق قرابة 330 فيلاً بشكل جماعي ولأسباب غامضة، استطاع العلماء اكتشافها مؤخراً.. إليكم القصة كاملة:
نفوق الفيلة بشكل جماعي في بوتسوانا
صنفت تلك الحادثة على أنها واحدة من أبرز الكوارث التي أصابت الحياة البرية، فلسبب كان غامضاً آنذاك مات أكثر من 330 فيلاً في دلتا أوكافانغو بشكل جماعي، وذلك في أوائل مايو/أيّار، واستمرت الأعداد بالتزايد حتى منتصف حزيران حيث تجمع 70% من الفيلة الميتة حول برك المياه.
وقد قال السكان المحليون إن بعض الفيلة شوهدت وهي تسير في دوائر، وهو ما يشير إلى خلل في الجهاز العصبي.
ووفقاً للدكتور نيال ماكان، مدير حماية الحياة البرية في حديقة National Park Rescue بالمملكة المتحدة: "إذا نظرنا إلى الجثث، سنجد أن بعضها سقطت على وجهها مباشرة، وهو ما يشير إلى أنها ماتت بسرعة كبيرة. ويبدو أن أفيالاً أخرى ماتت ببطء أكثر، مثل تلك التي كانت تسير في دوائر. لذا يصعب للغاية تحديد ماهيّة هذا السّم".
وفي ذلك الوقت أطلق العلماء العديد من التكهنات عن أسباب الموت الجماعي للفيلة، حتى توصلوا أخيراً إلى أن ابتلاع نوع من البكتريا الزرقاء الموجودة في المياه كان هو السبب.
فما هي هذه البكتريا وما علاقتها بالتغير المناخي؟
البكتيريا الزرقاء هي بكتيريا سامة يمكن أن تنمو بشكل طبيعي في المياه الراكدة وتكبر أحياناً لتتحول إلى أزهار كبيرة تعرف باسم الطحالب الخضراء المزرقة، حسب ما ورد في موقع BBC News.
ويحذر العلماء من أن تغير المناخ سيؤدي إلى تحفيز البكتيريا على إنتاج المزيد من السموم مع ارتفاع درجات حرارة المياه إذ تصبح الظروف أكثر ملاءمة لنمو البكتيريا الزرقاء.
وقد توصل العلماء إلى تلك النتائج بعد أشهر من الاختبارات في مختبرات متخصصة في جنوب إفريقيا وكندا وزيمبابوي والولايات المتحدة.
هل يمكن أن يتأثر البشر بالبكتريا الزرقاء؟
توجد البكتريا الزرقاء في جميع أنحاء العالم خاصة في المياه الهادئة الغنية بالمغذيات، لكن أنواعاً معينة منها تفرز سموماً تؤثر على البشر والحيوانات على حد السواء.
وقد يتعرض البشر لسموم البكتريا الزرقاء عن طريق الشرب أو الاستحمام في المياه الملوثة، وتشمل أعراض الإصابة ما يلي: تهيج الجلد، وتشنجات المعدة، والتقيؤ، والغثيان، والإسهال، والحمى، والتهاب الحلق، والصداع.
يمكن أيضاً أن تتسمم الحيوانات والطيور والأسماك في حال ابتلعت كميات كبيرة من البكتيريا الزرقاء المنتجة للسموم.
شكوك حول البكتريا الزرقاء
حتى الآن شككت سلطات الحياة البرية في أن البكتيريا هي السبب، وذلك لأن هذا النوع من البكتريا ينمو عادة على حواف البرك، بينما تميل الفيلة للشرب من الوسط.
لكن قال المسؤول البيطري الرئيسي بإدارة الحياة البرية والمتنزهات الوطنية مادي روبن في مؤتمر صحفي "كشفت أحدث اختباراتنا أن السموم العصبية الزرقاء هي سبب الوفيات. وهذه السموم هي عبارة عن بكتيريا موجودة في المياه".
ومن الجدير بالذكر أن وفيات الفيلة كانت قد توقفت في بوتسوانا مع نهاية شهر يونيو/حزيران بعد تجفيف تلك البرك من المياه.
لكن في المقابل نفق خمسة وعشرون فيلاً مؤخراً في زيمبابوي المجاورة، وقد تم إرسال عينات الاختبار إلى المملكة المتحدة لتحليلها.
حرب على الفيلة
فيما عدا البكتريا الزرقاء التي أودت بحياة الفيلة في بوتسوانا، هناك العديد من المخاطر الأخرى التي تهدد هذه الكائنات.
فقد ألغت بوتسوانا (وهي موطن لقرابة 139 ألف فيل إفريقي) حظر صيد الأفيال الذي كانت قد فرضته منذ 2014، الأمر الذي أثار موجة غضب دولية في العام الماضي.
وكان بعض دعاة الحفاظ على البيئة يشتبهون في قيام صيادين بقتل الأفيال التي نفقت في مايو/أيار، لكن الحكومة استبعدت التدخل البشري في هذه الحادثة لا سيما أن أنياب الفيلة الميتة كانت سليمة ولم يقم أحد بقطعها، وقد تم التأكيد على ذلك مؤخراً بعد ظهور نتائج التحليلات.