يصادف 16 سبتمبر/أيلول من كل عام يوم الأوزون العالمي، حيث توجه الهيئات البيئية رسائلها بضرورة حماية هذه الطبقة المتآكلة، والتي تهدد كوكب الأرض. فكيف أثّرت جائحة كورونا على طبقة الأوزون في العام 2020، وهل فعلاً تضاءل حجمُها أو التحمت كلياً؟
قبل أن نتبحّر في الإجابة والتفاصيل، ما هي طبقة الأوزون أصلاً؟
هي منطقة من الغلاف الجوي أو الستراتوسفير على الأرض، تمتص معظم الأشعة فوق البنفسجية للشمس.
تحتوي هذه الطبقة على تركيز عالٍ من الأوزون (O3) بالنسبة لأجزاء أخرى من الغلاف الجوي، على الرغم من أنه لا يزال صغيراً بالنسبة إلى الغازات الأخرى في الستراتوسفير.
توجد طبقة الأوزون بشكل أساسي في الجزء السفلي من الستراتوسفير، من حوالي 15 إلى 35 كيلومتراً من الأرض، على الرغم من أن سمكها يختلف موسمياً وجغرافياً.
ويتسبب ثقب هذه الطبقة في ملايين الحالات سنوياً من الإصابة بسرطان الجلد وحالات إعتام عدسة العين، بحسب ما نشرت مجلة Nature.
كيف أثرت كورونا على طبقة الأوزون؟
مع إغلاق وسائل النقل العام وإغلاق المدارس والجامعات وأماكن العمل، أصبحت شوارع المدن لفترة طويلة صامتة وانخفض تلوث الهواء.
وبالفعل كشفت بيانات الأقمار الصناعية، على سبيل المثال، أن ثاني أكسيد النيتروجين قد انخفض بنسبة تصل إلى 70% عبر شرق الصين، مع بعض المواقع -بما في ذلك ووهان- شهدت انخفاضاً بنسبة تصل إلى 93%.
ومع انتشار الفيروس في جميع أنحاء العالم، وفرض كل دولة نسختها الخاصة من الإغلاق، استجاب الغلاف الجوي، فاستبدل الضباب الدخاني بالسماء الزرقاء في نيودلهي، وأصبحت سلسلة جبال الهيمالايا مرئية من أجزاء من شمال الهند لأول مرة في 30 سنة، وظهر أفق المدينة بشكل حاد في جاكرتا ولوس أنجلوس وباريس وما وراءها.
وأكدت دراسات علمية أن الانخفاض العالمي في النشاط البشري كالسفر أدى إلى تراجع نسبة تلوث الهواء في العديد من المدن.
في الصين على سبيل المثال، أدت عمليات الإغلاق والتدابير الأخرى إلى انخفاض بنسبة 25% في انبعاثات الكربون و50% في انبعاثات أكسيد النيتروجين، والتي قدّر أحد العلماء أنها ربما أنقذت حياة 77000 شخص على الأقل على مدى شهرين.
ورغم تحسن جودة الهواء في فترة الإغلاق، فإنه سرعان ما عادت الغازات والانبعاثات إلى معدلاتها السابقة، ما أتاح فرصة للعلماء حول العالم لدراسة تأثير الجائحة وتوقف الحركة على جودة الهواء، وبالتالي الغلاف الجوي والاحتباس الحراري.
التئام طبقة الأوزون نتيجة تعاون دولي
بدورها، شرحت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسون، كيف أصبحت الاستجابة العالمية الحاسمة لإنقاذ طبقة الأوزون نموذجاً للتعاون الدولي.
وقالت إن الوكالة تحتفل في هذا اليوم بمرور 35 عاماً على اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون.
إذ وحّدت هذه الاتفاقية -مع "بروتوكول مونتريال" التابع لها- العالم لإيقاف استخدام الغازات التي تحدث ثقباً (معظمها في أجهزة التبريد) في طبقة الأوزون، وهو أمر بالغ الأهمية لحماية الحياة بشتى أشكالها من الأشعة فوق البنفسجية القاتلة.
وضع هذا النموذج من التعاون الدولي طبقة الأوزون على طريق الانتعاش وحماية صحة الإنسان والنظام البيئي في آن واحد.
ما هي اتفاقية فيينا؟
في عام 1985، تبنَّت حكومات العالم اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون.
وبعد عامين، وضع بروتوكول مونتريال بنود تنفيذ الاتفاقية، وعملت الحكومات والعلماء والصناعة معاً على التخلص من 99% من جميع المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، وهي غازات تستخدم في أجهزة التبريد.
وبفضل بروتوكول مونتريال، بدأت طبقة الأوزون في الالتئام، ومن المتوقع أن تعود إلى حالة ما قبل 1980 بحلول منتصف القرن.
ففي السنوات الـ35 التي تلت إبرام اتفاقية فيينا وبروتوكول مونتريال، شهد العالم إغلاق دولة تلو الأخرى مرافق التصنيع التي تحتوي على ما يقرب من مليوني طن سنوياً من المواد الكيميائية، التي كانت تدمر طبقة الأوزون.
وهكذا، مع وجود معاهدة متوازنة، والمشاركة العالمية لتحقيق الأهداف المحددة زمنياً، لم تتم تسوية المنحنى المتزايد لاستنفاد الأوزون فقط، ولكن طبقة الأوزون الآن في طريقها إلى الانتعاش، حسبما توضح وكالة NASA على موقعها المتخصص بمراقبة الطبقة يومياً.
من الجدير بالذكر أنَّ العلماء أصدروا التحذير بشأن الأوزون في عام 1974، أي قبل عقد تقريباً من ملاحظة العالم وبدء العمل.
الخلاصة.. نعم، ساعدت جائحة كورونا على تنقية الهواء وتقليل الانبعاثات في الفترة التي طبقت فيها الدول الإغلاق التام، لكنها لم تكن السبب الرئيسي لتعافي طبقة الأوزون، بل هي ثمرة جهود دولية ما زالت تعمل وتراقب وتدعو لسد الثغرات في بروتوكول مونتريال، على أمل أن تسد جميع ثغرات طبقة الأوزون قريباً.