أثبت عام 2020 صحة المثل القائل: "المصائب لا تأتي فرادى"، فقد رأينا خلال ذلك العام أغلب أنواع المصائب، التي انتشرت تبعاتها في معظم دول العالم، من انفجارات واغتيالات وحرائق وأوبئة.
افتتحنا العام بمخاوف من تبعات اغتيال أحد قادة الحرس الثوري الإيراني، ومع بداية الشهر الثامن من السنة وقع انفجار بيروت المؤلم، وبما أن 2020 لم تنته بعد نتمنى ألا تحمل الشهور الأربعة القادمة أي حوادث مؤسفة تصلح لأن نضيفها إلى هذه القائمة.. إليكم أبرز المصائب التي شهدها العالم لحد الآن في 2020:
أبرز المصائب في 2020
نُذُر حربٍ عالمية بعد اغتيال قاسم سليماني
لم يكن مقتل قاسم سليماني بحد ذاته هو ما جعل بداية 2020 مرعبة، إنما التبعات التي بدأ المحللون السياسيون بتداولها هي التي أثارت الذعر، فقد بدأ الحديث عن تأثير هذه الحادثة على العلاقات العراقية-الأمريكية من جهة، والعراقية-الإيرانية من جهة أخرى، وعن مستقبل التأثير الأمريكي والإيراني في منطقتي الشرق الأوسط والخليج، على خلفية التصعيد بين واشنطن وطهران.
بدأت الحكاية في اليوم الثاني من الشهر الأول من عام 2020، حين سُمع دوي انفجارات قرب مطار بغداد الدولي، كما لُوحظ تحليق مكثف للطيران في المنطقة، تلك الانفجارات كانت ناجمة عن سقوط 3 صواريخ في المحيط الخلفي للمطار، وعلى ما يبدو فقد استهدفت بضع "سيارات مدنية"، الأمر الذي نجم عنه سقوط قتلى وجرحى.
وفي صباح اليوم التالي تم الكشف عن أسماء أولئك القتلى، فقد كانوا 5 من قياديي "الحشد الشعبي"، برفقة ضيفين كان أحدهما قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والمسؤول عن العمليات العسكرية خارج الحدود الإقليمية، وأشهرها دعم مظام الأسد في سوريا و"الحشد الشعبي" الشيعي في العراق.
ولم تنكر الولايات المتحدة مسؤوليتها عن التفجير، إنما صرَّح وزير الدفاع الأمريكي أن "الجيش وبناءً على تعليمات الرئيس قتل قاسم سليماني، وذلك كإجراءٍ دفاعي حاسم لحماية الموظفين الأمريكيين بالخارج".
توقع كثيرون اشتعال منطقة الشرق الأوسط بسبب عملية الاغتيال، وذهب بعضهم بعيداً مرجِّحين وقوع حرب عالمية ثالثة مع بداية 2020.
نحن اليوم نعلم بالتأكيد أن الحرب العالمية الثالثة لم تقع كما بالغ البعض في اعتقادهم، لكن مع ذلك حملت 2020 في جعبتها الكثير من الأحداث المؤسفة، إليكم أبرزها:
تحطم الطائرة الأوكرانية
لم يُكتب للطائرة التي تُديرها الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية أن تصل من طهران إلى كييف بأمان، فقد أسقطها الحرس الثوري الإيراني، بعد أيام قليلة من مقتل سليماني، وعزوا الحادث الذي وقع في 8 يناير/كانون الثاني 2020 إلى خطأ بشري.
ويعتبر تحطُّم تلك الطائرة التي أُسقطت بعد إقلاعها بوقت قصير من مطار الإمام الخميني الدولي في طهران، أكثر الحوادث الجوية دموية في إيران منذ أكثر من عقد.
كما يعتبر أول حادث طيران قاتل منذ بدء تشغيل الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية في عام 1992، وصُنف على أنه أسوأ حادث يتعلق بطائرة من طراز بوينغ 737، وثاني أكثر حوادث سلسلة طائرات بوينغ فتكاً، إذ بلغ عدد الضحايا قرابة 176 شخصاً.
حرائق أستراليا
لم يكن الشهر الأول من 2020 قد انتهى بعد، عندما وقعت حرائق مهولة في الغابات الأسترالية.
فقد أُحرق ما يقرب من 10.7 مليون هكتار (107 آلاف كيلومتر مربع)، ودمَّرت الحرائق أكثر من 5900 مبنى (بما في ذلك 2204 منازل) وقتلت 8 أشخاص، فضلاً عن الحيوانات التي قُتلت حرقاً أو شُرّدت من ملاجئها، إذ قُدر أن قرابة نصف بليون حيوان قد تأثرت بالحرائق.
وفي حين أن تلك الحرائق قد بدأت فعلاً في شهر ديسمبر/كانون الأول 2019، إلا أنها بلغت ذروتها في نهاية الشهر الأول من 2002، ويرجح أن التغيّر المناخي هو السبب وراء تلك الحرائق، فقد ارتفعت درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة.
وبالرغم من أن الحرائق تلك قد وقعت في أستراليا، فإنها أثّرت على العالم بأكمله، فقد أطلقت الحرائق حوالي 250 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وفقاً لمركز غودار لرحلات الفضاء في ناسا، كما أن صور الحيوانات المشردة أحدثت تفاعلاً عالمياً ضخماً على مواقع التواصل الاجتماعي.
تفشي جائحة كورونا
بعد حرائق أستراليا بدت الأمور وكأنها تتجه نحو التحسّن، وأخذت الكرة الأرضية استراحة وجيزة للغاية من المصائب، إلى أن باغتتها الضربة القاضية القادمة من الصين؛ كورونا.
بالرغم من أن المرض بدأ في التفشي فعلياً، في شهر ديسمبر/كانون الأول 2019، في مدينة ووهان الصينية، فإنه لم يُعتبر جائحة عالمية حتى الشهر الثالث من 2020.
وما إن وصلنا إلى تاريخ 30 يوليو/تموز 2020، حتى تم الإبلاغ عن أكثر من 17 مليون إصابة بكوفيد-19، في أكثر من 188 دولةً ومنطقة، تتضمن أكثر من 667 ألف حالة وفاة، وبالتأكيد تم فرض حجر صحي كامل التزم فيه أغلب سكان العالم منازلهم كإجراء وقائي من المرض.
وقد سبَّبت جائحة كورونا أضراراً اجتماعية واقتصادية عالمية بالغة، كان من ضمنها وقوع أضخم ركود اقتصادي عالمي منذ الكساد الكبير، بالإضافة إلى تأجيل الأحداث الرياضية والدينية والسياسية والثقافية، أو إلغائها في العديد من دول العالم.
هذا فضلاً عن النقص الكبير في الإمدادات والمعدات الطبية نتيجة حدوث حالة من هلع الشراء لدى الكثيرين.
كما أغلقت المدارس والجامعات والكليات في 190 دولة، ما أثَّر على نحو 73.5% من الطلاب في العالم.
العنصرية في 2020
نستطيع أن نقول إن 2020 هي سنة طفت فيها العنصرية العالمية على السطح بشكل لا يُصدَّق، فقد سبَّب انتشار فيروس كورونا عنصريةً شديدةً ضدَّ الأجانب، خصوصاً الآسيويين في كثير من الدول، كما وقعت العديد من الحوادث العنصرية حول العالم كان أبرزها مقتل الأمريكي جورج فلويد، في 25 مايو/أيار 2020.
فقد قام عناصر من الشرطة الأمريكية، في مدينة منيابولس، باعتقال مواطن ومعاملته بطريقة همجية، لمجرد أنه من أصول إفريقية، إذ تم تثبيته على الأرض بينما جثا فوقه أحد عناصر الشرطة "ديريك تشوفين"، ضاغطاً على رقبته لمنعه من التحرك، لمدة تجاوزت الـ9 دقائق.
ولم يأبه الشرطي لاستغاثات فلويد، الذي كان يستنجد قائلاً: "لا أستطيع أن أتنفس"، وواصل الضغط على رقبته بالرغم من صراخ المارة الذين طلبوا من الشرطي أن يتوقف.
وخلال الدقائق الثلاث الأخيرة توقَّفت حركة فلويد وتباطأ نبضه، ومع ذلك لم يأبه الشرطي وواصل الضغط بركبته حتى فارق فلويد الحياة.
بعد مقتل فلويد، انطلقت المظاهرات والاحتجاجات في منطقة منيابولس سانت بول، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بالعدالة ومحاسبة الفاعلين.
انفجار بيروت
في حادثة تم تشبيهها بـ"هيروشيما"، وقع انفجار ضخم في مرفأ بيروت، في 4 أغسطس/آب 2020، الأمر الذي أدّى إلى أضرار كبيرة في المرفأ وخسائر بشرية وهلع ساد المدينة بأكملها، نتيجة قوة الانفجار والسحابة الدخانية الضخمة التي سببها، بالإضافة إلى إعلان بيروت مدينة منكوبة.
فقد سجّلت وزارة الصحة اللبنانية مقتل أكثر من 135 شخصاً، وإصابة أكثر من 5000 آخرين، في حين أشارت التقارير إلى أن أعداد المفقودين تجاوزت 80 شخصاً، وأُعلن عن نزوح أكثر من 300 ألف مواطن لبناني بسبب الدمار الذي لحق بمساكنهم، وقدَّر محافظ بيروت الخسائر المادية الناجمة عن الانفجار ما بين 10 إلى 15 مليار دولار أمريكي.
وفي حين لم يتم تحديد سبب الانفجار الفعلي، هناك تكهنات بوجود مواد شديدة الانفجار في المرفأ، كانت مُخزّنة منذ أكثر من 6 سنوات، وقد انفجرت بهذا الشكل المرعب بسبب الإهمال.
ولم يكن هذا الانفجار المرعب المصيبة الأولى التي تحل بلبنان منذ بداية 2020، فقد شهد البلد تراجعاً اقتصادياً حاداً، وانخفاضاً غير مسبوق في سعر صرف الليرة اللبنانية.