دفع انتشار فيروس كورونا وقرارات السلطات منع التجمعات في غانا إلى تعليق كل أنواع الطقوس التي عادة ما ترافق الجنائز في غانا، حيث يولي شعبها أهمية كبرى للجنائز، ومن الشائع في بعض مناطق الدولة أن تستمر المراسم لسبعة أيام وتشهد حضور آلاف الأشخاص الذين يتشحون بأردية فضفاضة من اللونين الأسود والأحمر ويرتدون حلياً من الذهب.
لكن هذا التقليد الذي يُمارَس منذ عقود توقَّف الآن، يقول تقرير لشبكة CNN الأمريكية نُشر الأربعاء 8 أبريل/نيسان 2020، بعد أن علَّق رئيس غانا، نانا أكوفو أدو، التجمعات العامة كافة منذ مارس/آذار في أعقاب تفشِّي جائحة فيروس كورونا المستجد، وأصبحت مراسم الدفن تقتصر على 25 شخصاً فقط بحد أقصى.
مشيّعون للبكاء وبث مباشر للجنائز: قد توظف بعض العائلات مشيعين محترفين للبكاء في جنائز أحبتهم؛ لأنَّ ذلك يمثل "تكريماً للمتوفى"، بحسب ما قاله آدوا يبوها، مالك The Funeral Shop and Services – محل للجنائز وخدماتها الذي يمتلك فروعاً في مختلف أنحاء العاصمة أكرا.
تعاني شركة Transitions، أكبر شركة خاصة في غانا لخدمات الجنائز، من تباطؤ وتيرة العمل، بعدما كان يتدفق إليها العملاء الراغبون في إقامة مراسم الجنائز.
جنفييف كارنيليوس، المدير العام للشركة، قالت إنَّ الأعمال والإيرادات تضررت بشدة، لكنها أكدت أنَّ أولويتها هي العمل مع الزبائن عن بُعد لتأجيل مواعيد إقامة جنائز أحبائهم لتواريخ أخرى مستقبلية غير محددة.
تقدم الشركة حالياً خدمة بث مباشر عبر الإنترنت من كنيستهم، حيث يمكن للمشيعين من جميع أنحاء العالم مشاهدة مراسم جنائز أحبائهم. إلى جانب ذلك، تعثرت الشركات التي تقدم خدمات تقديم الطعام في الجنائز، بعدما كان هذا القطاع يدر أموالاً طائلة.
من جانبها، وقفت مريم عبدالله، مصممة أزياء تحيك الملابس التقليدية لحفلات الزفاف والجنائز، في متجرها الفارغ، الذي اعتاد أن يضج بالزبائن، تتنهد أسفاً، وتشرح كيف أثرت أزمة "كوفيد-19" على أعمالها.
قالت مريم: "لم يعد أحد يتردد علينا، حتى الأشخاص الذين اشتروا منِّي أقمشة لخياطتها لم يعودوا لأخذها"، وأشارت إلى أنها تدرك السبب، وأكدت: "إذا كان هذا هو ما يلزم لوقف انتشار فيروس كورونا المستجد، فأنا موافقة".
الانحراف بعيداً عن الأزياء التقليدية: تقول الملكة نا تسوتسو سويو، إحدى عضوات مجموعة قوية من زعيمات القبائل في غانا، إنَّ مصافحة عائلة المتوفى تمثل تقليداً راسخاً لدى العديد من القبائل الغانية، الذي يُمارَس منذ مئات السنين وأصبح جزءاً إلزامياً ضمن مراسم تكريم الموتى.
كما أوضحت مدى أهمية الحظر على تجمعات الجنائز الضخمة وكيف أثر في التقاليد والأعراف المتبعة في مثل هذه المراسم. وأضافت الملكة نا: "من أهم سمات الجنائز أنها تجمع العائلات معاً الذين يتعانقون ويتصافحون ويحزنون معاً".
تابعت أيضاً: "التأثير الفوري لما يحدث الآن هو أنَّ الأسر لن تكون قادرة على التواصل. وهذا شيء لم يحدث قط منذ أجيال وسيكون له بالتأكيد تبعات اجتماعية"، وقالت: "مع كل ما يجري، فإن الجنازة تمثل دائماً رؤية عن كيف عاش الشخص حياته، وجوهر كل جنازة هو تشييع المتوفى باحترام وكرامة".
لا يمكن لأحد أن يتنبأ إلى أي مدى سيغير "كوفيد-19" شكل الحياة التي عرفناها. لكن الملكة نا أعربت عن يقينها من شيء واحد هو "حين تنتهي هذه الأزمة، ستكون هناك الكثير من الاحتفالات بالحياة".