إن ما يحدث اليوم أشبه بأفلام الخيال العلمي التي نشاهدها على التلفاز، ولكنها اليوم تحولت لخيال علمي مصحوب بثقافة القطيع المبرمج الذي ينساق وراء ما يذاع، وأصبح تفاعلنا معها مقتصراً على ترديد كل ما يقرره أصحاب المنابر الإعلامية وحسب، وما نراه اليوم يُثبت لنا هشاشة كل مقومات التعقل.
حيث تحولت قصة وباء فيروس كورونا إلى فيروس نفسي أكثر منه عدوى قاتلة مهددة للحياة البشرية، وبرزت ضآلة تدابيرنا الذاتية والجماعية حيال الأزمات والوقائع، حيث نجد أن موجة الرعب المتعلقة بالكورونا تدحرجت مثل كرة وضربت حجر الدومينو الأول كي تبدأ سلسلة السقوط، ولو وقع فعلاً وباء بيولوجي لقضى علينا في غضون أيام قليلة دون أن يبقي أو يذر!.
ينسى الكثير منا أن عدد الحالات السنوية التي تذهب ضحية لأمراض ونزلات البرد العادية في كل موسم شتاء لا يقل عن العشرات، حسب المراجع الطبية، ومن الطبيعي جداً أن يكون ما نسبته 10% من الأشخاص مصابون بالرشح ومضاعفاته بالمتوسط في موسم الشتاء، وخاصة تلك الشهور التي تتقلب بين الحر أو البرد او العكس، كما يجري الآن مع اقتراب الربيع الدافئ، فمهما كان هنالك من تفسيرات طبية أو عالمية لما يجري حول فيروس كورونا، فمع كل أسف لا ينفع العلم هنا لتفسير كيفية حضوره وانتشاره، كما لا ينفع العلم ولا تحليلات الطب في تفسير سبب وتوقيت ومواقع وجوده، العلم هنا لا مكان له من الإعراب والعلم الوحيد الذي يفسر كل شيء من وجهة نظري هو السياسة، ما يمكن أن يفسر حدثا كهذا في القرن الحادي والعشرين هو النوايا والرغبات السياسية فحسب،
ليس هدفي من حديثي أن ننكر الحذر من فيروس كورونا أو أي حدث يشغل ذهن المرء، لكن الهدف هو رسالة التوعية بألا نكون ألعوبة بيد الذين يسوقون الشعوب نحو هلاكها، وألا نكون صغاراً توضع بين أيديهم أية لعبة جذابة فتنسيهم كل شيء، لقد تمكن الجهد البشري على مر عقود وسنوات من السيطرة على الأوبئة والفاقات الحيوية بكل مهارة وبكل اقتدار، حتى بأدوات وتجهيزات طبية أقل بكثير مما نعرفه اليوم، وحتى لو كان هذا الرشح حقيقة وقوة حاضرة بفعل الطبيعة فإن العقل والحكمة وحسن التدبير هو الحكم في التعاطي معه وتحجيم وجوده، ما يخطط للمنطقة والبلاد أكبر بكثير من أكذوبة كورونا التي أعلن الفيروس براءته منها.
الفيروسات البشرية أشد خطراً من فيرس الكورونا، فكلها مههدات الحياة ومسببات الأمراض، الفيروسات البشرية التي تملأ كوكب الأرض بالظلم والربا والاستغلال والجشع الذي سلخ لحم الضعفاء وأهلك الفقراء وسرق حقوق الشعوب، الفيروسات البشرية التي استخدمت الذعر والتهويل وسيلة لرفع منسوب الخوف في القلوب بوحل الدنيا وزينتها، هذه الفيروسات لا تقارن ولا بأي شكل من الأشكال بفيروس كورونا، هنالك فيروسات أخرى أشد خطراً من الكورورنا، وهي فيروسات الأرواح والعقول والنفوس التي تسللت إلى وعي الشعب، وحولته إلى كائن جبان أحمق ملتصق بالدنيا وزيفها ومظاهرها، وحريص على حياته إلى درجة الحمق والبلاهة وغياب الوعي واستبدال الدماغ الواعي بقطعة من المطاط الصلد، الذي لا حياة فيه ولا وعي، وترجم فكرة صغيرة إلى واقع مرعب يهيمن على حياته وتفكيره.
محمد أحمد هو خريج اقتصاد وعلوم سياسية وباحث سياسي
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.