يعتقد علماء الآثار البحرية أنهم عثروا على حطام حاملة الطائرات اليابانية أكاغي، التي غرقت في معركة ميدواي بالحرب العالمية الثانية، والتي يعدّها بعض المؤرخين إحدى أهم المعارك البحرية في التاريخ.
وقال موقع The Guardian البريطاني، إنه في غضون أسبوع واحد، أعلن مؤرخون بحريون وطاقم سفينة بيترل للأبحاث أنَّهم اكتشفوا بقايا اثنتين من أربع ناقلات يابانية غرقت في أثناء المعركة.
وكانت جهود الفريق تُركِّز على تحديد جميع السفن التي غرقت في أثناء المعركة التي وقعت في يونيو/حزيران من عام 1942، وأودت بحياة 2000 ياباني و300 أمريكي.
العثور على السفينة على عمق أكثر من 5000 متر
واستعرض روب كرافت مدير البعثة البحرية، وفرانك تومسون المؤرِّخ البحري لدى قيادة التاريخ والتراث البحري الأمريكية، صور السونار عالية التردد للسفينة الحربية يوم الأحد 20 أكتوبر/تشرين الأول، قبل أن يؤكدا أنَّ أبعادها وموقعها يعنيان أنها لا بد أن تكون الحاملة أكاغي.
وقد عُثِر على أكاغي على عمق 5490 متراً، وعلى بُعد أكثر من 2090 كيلومتراً شمال غربي ميناء بيرل هاربر.
وتُظهِر إحدى صور السونار عالية التردد لموقع الحطام، التقطتها غواصة من دون غواص تابعة لسفينة الأبحاث، الحاملة الضخمة المحطمة قابعةً في قاع البحر وسط بعض أجزاء الحطام، لكنَّ بقية أجزائها كانت سليمة بصورةٍ لافتة للنظر.
وقال كرافت: "أنا متيقنٌ من الشيء الذي نراه هنا، والأبعاد التي يمكننا استخلاصها من هذه الصورة قاطعة. إنَّها السفينة أكاغي بكل تأكيد".
وأضاف: "إنها تقبع منتصبةً على عارضة قعرها، ونستطيع أن نرى مقدمتها ومؤخرتها بوضوح، ويمكنكم أن تروا بعض مواضع الأسلحة هناك، ويمكنك أن تروا أنَّ هناك جزءاً محطماً ومفقوداً من سطح مهبط الطائرات، ويمكنكم أن تنظروا إلى موضع الجزء المفقود".
التي شاركت في الهجوم على ميناء بيرل هاربر الأمريكي
يُذكَر أنَّ السفينة التي يبلغ وزنها 33 ألف طن استُخدِمت في البداية كطرَّادٍ حربي ثقيل، ولكن سرعان ما جرى تحويلها إلى حاملة طائرات، وكانت سفينة القيادة للأدميرال الياباني شويشي ناغومو في الهجوم المفاجئ على الأسطول الأمريكي بميناء بيرل هاربر، والغارات التي شنَّتها القوات اليابانية على مدينتي داروين وكولومبو.
وبعد مرور عام، تلقت القوات اليابانية أوامر بالتدخل والتخلُّص من التهديد الذي تُشكِّله حاملات الطائرات الأمريكية في المحيط الهادئ، واستقرت على غزو جزيرة ميدواي واحتلالها، لاستدراج القوات الأمريكية، وهي خطوةٌ كان من شأنها أن تغير مجرى الحرب في المحيط الهادئ.
وقاتل اليابانيون آنذاك بأقصى القدرات التشغيلية للحاملتين، وارتكب الطرفان أخطاء، ولم يكن اليابانيون على درايةٍ بأن البحرية الأمريكية قد خرقت قواعدها، واستهانوا بالقوة التي يستطيع الأمريكيون حشدها.
وشنَّت القوات الأمريكية هجوماً فاشلاً على الحاملتين اليابانيتين بسلسلةٍ من قاذفات الطوربيدات الأمريكية، أعقبه هجوم على الحاملة كاغا أولاً ثم أكاغي بالقاذفات الانقضاضية؛ وهو ما أدى إلى غرق سفينة أكاغي مع الطوربيداتٍ اليابانية بعد خسارة 267 رجلاً.
وهي المعركة التي خسرت فيها اليابان آلاف الجنود
وشهدت المعركة خسارة اليابان نحو ثلثي حاملات طائرات أسطولها وعديداً من طياريها الأفضل خبرة، وهي نكسة لم تتعافَ منها البلاد قط، إذ تفتقر اليابان إلى القاعدة الصناعية التي تمتلكها الولايات المتحدة، لا سيما في إنتاج الصلب.
يأتي اكتشاف أكاجي مباشرة في أعقاب اكتشاف السفينة كاغا في الأسبوع الماضي، والتي غرقت بالقاذفات الانقضاضية نفسها من حاملة الطائرات USS Enterprise التي أغرقت أكاغي بعد ذلك.
وقال طومسون، الذي كان على متن السفينة بيترل: "لقد قرأنا عن المعارك، ونعرف ما حدث. لكن عندما ترى هذا الحطام في قاع المحيط وكل ذلك، تشعر نوعاً ما بالثمن الحقيقي للحرب".
وأضاف: "أنتم ترون الضرر الذي لحق بهذه الأشياء، وكان من المشين مشاهدة بعض مقاطع الفيديو الخاصة لهذه السفن، لأنها مقابر حرب".
وتأتي هذه الحملة في إطار جهود أطلقها الراحل الملياردير بول ألين، المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت. ولسنوات، كان طاقم سفينة بيترل، التي يبلغ طولها 76 متراً، يعمل مع البحرية الأمريكية ومسؤولين آخرين حول العالم لتحديد مواقع السفن الغارقة وتوثيقها، وقد عثر على أكثر من 30 سفينة حتى الآن.