حجبت كوريا الشمالية نوافذ البنايات الشاهقة في العاصمة بيونغ يانغ، لمنع السكان من النظر إلى مباني الحزب والحكومة والتجسس عليها، حيث يصرّف زعيمها كيم جونغ أون أعماله هناك.
وقالت صحيفة The New York Times ، الجمعة 4 أكتوبر/تشرين الأول 2019، إنه في عهد كيم شهدت كوريا الشمالية طفرة في البناء في بيونغ يانغ، حيث شُيِّد عدد كبير من المباني السكنية الشاهقة، ووُزعت بعض شققها على علماء الأسلحة النووية والصواريخ وغيرهم من النخب.
لكن يبدو أن طفرة البناء هذه قد تسببت في مشكلة، وهي أن سكان الطوابق العليا لهذه المباني أصبح بإمكانهم التطلع حرفياً إلى مباني الدولة، حيث يعمل كيم إلى جانب نخب حزبية أخرى.
منع التقاط الصور
وذكرت صحيفة Daily Nk، وهي صحيفة متخصصة في أخبار كوريا الشمالية ومقرها سول، أن مسؤولين من وزارة أمن الدولة، وهي الشرطة السرية في كوريا الشمالية زاروا شقق الطوابق العليا التي تشرف على المنشآت الحكومية الرئيسية وسط بيونغ يانغ وركّبوا ألواحاً خرسانية وسواتر أخرى متينة لحجب النوافذ.
ونقلت صحيفة Daily Nk عن مصادر مجهولة داخل كوريا الشمالية قولها: "الهدف من هذه الإجراءات هو منع الناس من التقاط صور لمرافق الدولة الرئيسية من شقق الطوابق العلوية وإرسالها خارج كوريا الشمالية. وهم لا يريدون أيضاً أن يتطلع الناس إلى مبنى حزب العمال وغيره من منشآت الدولة الرئيسية".
وعرض موقع NK News، وهو موقع إلكتروني آخر في سول متخصص في أخبار كوريا الشمالية، أدلة مصورة تثبت أن نوافذ غرف الطوابق العلوية في البنايات الشاهقة التي تواجه مقر الحزب قد حُجبت بسواتر. إذ عرض الموقع صوراً لسواتر النوافذ على المباني قال إنها التُقطت في شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول.
عزل كوريا عن العالم
وقالت الصحيفة الأمريكية إنه في الواقع لا يمكن تحديد الدوافع وراء تثبيت سواتر للنوافذ، إذ ما تزال كوريا الشمالية واحدة من أكثر دول العالم عزلة، وتحيط حكومتها الاستبدادية كيم ووالده وجده، اللذين حكما قبله، بهالة من القداسة. ولا تسمح البلاد بعمل وسائل إعلام مستقلة على أرضها.
لكن حجب أخبار العالم الخارجي يمثل هاجساً للبلاد، إذ إن جميع وسائل الإعلام تسيطر عليها الدولة، ولا تعرض صحفها ومحطاتها التلفزيونية والإذاعية سوى الدعاية والأخبار الخاضعة للرقابة الحكومية.
وتحجب البلاد أيضاً الإنترنت العالمي عن الجميع باستثناء جزء صغير من النخب العليا. كما أن كوريا الشمالية، في عهد كيم، شددت رقابتها على المعلومات الخارجية التي تُهرَّب عبر الحدود مع الصين عن طريق أجهزة USB وDVD.
لكن البلاد تحرص أشد الحرص أيضاً على ألا تغادر المعلومات الداخلية حدود البلاد، ففي يوليو/تموز، رحّلت كوريا الشمالية أليك سيغلي، وهو طالب أسترالي، اتهمته بالتجسس على البلاد عبر "جمع" المعلومات عن البلد المعزول "بشكل منهجي". ولكنه نفى هذا الاتهام.
كان سيغلي، وهو طالب دراسات عليا في الأدب الكوري بجامعة كيم إيل سونغ في بيونغ يانغ، أحد الغربيين القليلين الذين تأقلموا مع الحياة في كوريا الشمالية، وكان يعرض لمحات من الحياة في بيونغ يانغ في منشوراته العديدة على تويتر وفيسبوك، وكذلك في مقالاته الصحفية، التي ضمت صوراً من المأكولات المحلية والمطاعم والمحلات التجارية.
وأشارت صحيفة Daily NK إلى أن كوريا الشمالية بدأت في تركيب سواتر النوافذ على البنايات السكنية الشاهقة في الوقت نفسه تقريباً الذي اعتُقل فيه سيغلي.