من المقرر أن تُدفن البقايا المجهرية لمجموعة من سجناء النازية الذين أعدمتهم القوات النازية وقطَّعت أوصالهم، في برلين، الإثنين 13 مايو/أيار 2019، بعد أكثر من سبعة عقود على نهاية الحرب العالمية الثانية.
ووفق ما نقلته صحيفة The Guardian البريطانية، كان أحفاد هيرمان ستيف، المدير الأسبق لمعهد برلين للتشريح والمتخصص في بحوث الجهاز التناسلي الأنثوي، قد اكتشفوا، في عام 2016، نحو 300 عينة نسيجية، لا يتجاوز سُمك كل منها مئات الملليمترات، ولا يتجاوز حجمها السنتيمتر المربع.
ورغم أن ستيف لم يكن عضواً بالحزب النازي، فإنه تمكن من تطوير علاقة تبادلية مع النظام، يُسمح له من خلالها بإجراء أبحاث على السجناء السياسيين المعدَمين حديثاً، في مقابل طمس أي أثر لرفاتهم.
وكان ستيف مهتماً بشكل خاص، بالحصول على جثث النساء المتوفيات "فجأة".
تشريح سجناء النازية لاستخراج "عيّنات فريدة"
ووجد ستيف ضالته في سجن بلوتزينسي القريب، حيث أُعدم أكثر من 2.800 شخص من سجناء النازية بالمقصلة أو شنقاً في الفترة ما بين 1933 و1945، ووصف ستيف ذلك في خطاب أرسله إلى وزير الصحة النازي عام 1938، بقوله: "تلك المادة الخام الفريدة من نوعها والتي لا يمتلكها أي معهد آخر في العالم".
كان يتم توصيل الجثث بالسيارة، وأحياناً تُوضع على طاولة ستيف خلال أقل من 15 دقيقة من الوفاة. وباستثناء العينات النسيجية، كانت تُحرق الجثث وتُدفق في مقابر مجهولة.
وشملت قائمة سجلات ستيف التشريحية 184 اسماً، من بينهم 172 امرأة.
وبين عامي 1942 و1943، قتل النازيون 42 مقاتلاً من المقاومة بشبكة "الأوركسترا الحمراء"، وهي المجموعة المعادية للنازية والتي تشكلت حول ضابط قوات لوفتفافه "هارو تشولز بويسين"، والكاتب "آدم كوكهوف"، والاقتصادي "أرفيد هارناك". وشرّح ستيف 13 أنثى من بين 18 كنّ عضوات أُعدمن في تلك الفترة، من بينهن زوجة القائد، "ليبرتاس تشولز بويسين".
تم في الأخير دفنها بعد مرور 70 عاماً
ولم تتم مقاضاة هيرمان ستيف قط، وواصل حياته المهنية عالِماً في ألمانيا الشرقية الخاضعة للاتحاد السوفييتي حتى تُوفي بسكتة دماغية عام 1952.
وكُلّف أندرياس فينكلمان، أستاذ التشريح في مستشفى شاريتيه الجامعي ببرلين، تحديد أصل تلك العينات الخاصة بمجموعة من سجناء النازية وقال لوكالة AFP إن تلك العينات المجهرية عادة لا تستحق الدفن.
ثم استدرك: "ولكنها قصة خاصة، لأنها عن أشخاصٍ، قبورهم مجهولة بالفعل ولا يعرف أقرباؤهم أين دُفنوا".
وتقرر دفن رفات السجناء السياسيين في مقبرة دوروثينشتات، وسط برلين، حيث قبر الكاتب المسرحي برتولت بريشت، والروائي هاينريش مان، والفيلسوف جورج فيلهلم فريدريش هيغل، فضلاً عن عدد من جنود مقاومة النازية البارزين.
وفي المراسم التي يجريها كاهن كاثوليكي وراعٍ وقس بروتستانتي وحاخام، سيُنقل تابوت صغير يحتوي على الرفات إلى قبر مجاور للنصب التذكاري الحجري الذي يخلّد ذكرى الرجال الذين شاركوا في المؤامرة الفاشلة لاغتيال هتلر في 20 يوليو/تموز 1944.
وقال يوهانس توخيل، مدير مركز النصب التذكاري للمقاومة الألمانية الذي ينظم تلك الفعالية الخاصة بالاشتراك مع مستشفى شاريتيه، إنه احتراماً لرغبات بعض أسر الضحايا، لن تُدرَج أسماء الضحايا سواء في الاحتفال أو على اللوحة التذكارية على المقبرة.