يمكن للمحاكم تصنيف الكيانات غير البشرية مثل الأنهار والغابات والجبال والحيوانات باعتبارهم بشراً من خلال منحهم نفس الحقوق الممنوحة للبشر. عندما يحدث هذا، فإن الأذى ضد هذا الكيان غير الإنساني يستوجب نفس العقوبة التي يتعرض لها البشر.
تخيل أن تتم محاكمة شخص لأنه تسبب في ضررٍ ما لنهر. يجدر بنا أن نخبركم: لم يتم توجيه الاتهام إلى أي شخص حتى الآن، لذلك لم نتعامل بعد مع بعض الفكاهة القانونية! وهذه 10 كيانات غير بشرية تحصلت على نفس الحقوق التي يحصل عليها البشر:
نهر وانجانوي في نيوزيلندا
هو أول نهر يحصل على نفس الحقوق التي يتمتع بها الإنسان. قبيلة الماوري سمت هذا النهر Te Awa Tupua.
يعتبر الماوريون بوجهٍ عام الكيانات غير الحيّة مثل الأنهار والبحار والجبال مقدّسة ويعتقدون أن لها نفس الحقوق التي يتمتّع بها البشر. حاول الماوريون جعل نيوزيلندا تعترف بنهر وانجانوي كياناً حياً لأكثر من 140 عاماً.
لكن تمّ هذا الأمر في عام 2017 فقط، عندما قضت محكمة في نيوزيلندا بأن النهر يتمتَّع الآن بنفس الحقوق التي يتمتع بها البشر. وهذا يعني، كما هو مبيّن أعلاه، أن أي شخص يضر بالنهر يمكن أن يحاكم بعقوبات مخصصة لإيذاء شخص ما.
بالنظر إلى أن الأنهار لا تتحدث، فقد عيّنت المحكمة شخصين (أحد الماوريين ومسؤول حكومي) أوصياءً على النهر.
الحديقة التي "تمتلك" نفسهاّ!
في عام 2014، أصدرت حكومة نيوزيلندا أيضاً قانون Te Urewera. سُمِّي بهذا الاسم على حديقة تي يوريرا الوطنية، وقد حدَّد هذا القانون أن الغابة التي تشكل الحديقة الوطنية "تي يوريرا" يمكن أن تحصل على نفس الحقوق التي يتمتع بها البشر.
وينصّ القانون الجديد على أنه لم يعد بالإمكان تصنيف الغابة كمتنّزه وطني لأنه لم يعد بإمكان إنسان أو حكومة أن تمتلكها فمالكها الجديد هي نفسها، وتم تعيين مجموعة من البشر ليصبحوا حرّاساً الغابة
النهران المقدّسان "الملوّثان" بشدّة
في عام 2017، قضت محكمة في ولاية أوتارانتشال في الهند بحماية نهري الغانج ويامونا بنفس الحقوق التي يتمتع بها البشر. ومن المثير للاهتمام أن الحكم كان مستوحًى من قرار نهر وانجانوي النيوزيلندي، والذي صدر بالكاد قبل أسبوع من إصدار هذا القرار في الهند.
يعتبر الهندوس أن نهري الغانج ويامونا مقدّسين، ومع ذلك فإن كلا النهرين ملوّثين بشدة. إذ يتم ضخ حوالي 1.5 مليار لتر (400 مليون غالون) من مياه الصرف الصحي و500 لتر (132 غالوناً) من النفايات الصناعية في نهر الغانج كل يوم. وبعض أجزاء نهر الغانج ملوثة لدرجة أنها أصبحت غير صالحة للحياة المائية.
وسرعان ما بدأ الناس يلومون حكومات ولاية أوتاراخند وولاية أوتار براديش المجاورة، التي يتدفق عليها نهر الغانج أيضاً، لعدم قيامهم بما يكفي لحماية الأنهار المقدسة، لذلك قامت محكمة أوتاراخند بمنح النهرين نفس الحقوق التي يتمتع بها البشر.
في ولاية أوتارخند.. كل الحيوانات البرية والأليفة تتمتع بحقوق الإنسان!
بعد عامٍ من الحكم بأنّ نهر الجانج يمكن أن يكون إنسانياً قانونياً، عادت حكومة أوتارخند لمنح حقوق الإنسان للكيانات غير الإنسانية. هذه المرة، كانت حيوانات.
قضى الحكم بأنّ جميع الحيوانات في ولاية أوتاراخند (وهي ولاية في الجزء الشمالي من الهند) لها نفس الحقوق التي يتمتَّع بها الإنسان. وقد صدر القانون لوقف القسوة على الحيوانات، والصيد غير المشروع، والتلوث.
ومن الغريب أن الحكم يشمل جميع الحيوانات الأليفة والبرية، بما في ذلك الطيور والأسماك. بدلاً من تعيين عدد قليل من الأشخاص حراساً لحيوانات الولاية، عيّنت المحكمة كل مواطن في الولاية وصياً على حيواناتها!
كما حظر القانون الأشخاص من استخدام أدوات خطيرة مع الحيوانات الأليفة وتحرير جميع حيوانات العمل من أدواتها عندما تزيد درجات الحرارة على 37 درجة مئوية (98.6 درجة فهرنهايت) أو تقل عن 5 درجات مئوية (41 درجة فهرنهايت).
أنثى إنسان الغاب ساندرا
منحت محكمة أرجنتينية في عام 2015، ساندرا، البالغة من العمر 29 عاماً والتي تعيش في حديقة الحيوانات في بوينس آيرس عاصمة الأرجنتين نفس الحقوق التي يتمتع بها البشر. بدأ كل شيء عام 2014 عندما طالبت جمعية المسؤولين والمحامين لحقوق الحيوان (AFADA) بإطلاق سراح ساندرا من حديقة الحيوان ووضعها في ملجأ.
رفضت حديقة الحيوان، وقام النشطاء في مجال حقوق الحيوان بانتقاد الأمر، وقدّم نشطاء مدافعون عن حقوق الحيوان مذكرة (بطلب بالمثول أمام القضاء) نيابة عن أنثى إنسان الغاب ساندرا للمطالبة بالإفراج عنها من حديقة الحيوان.
وعادة ما يتم تقديم (عريضة طلب المثول أمام القضاء) من قبل الأشخاص فقط، أي أنهم حاولوا منح ساندرا فعلياً نفس الحقوق الممنوحة للإنسان.
في عام 2015، صدر حكم يمكن أن يمهِّد الطريق لمزيدٍ من الدعاوى القضائية، وقالت جمعية المسؤولين والمحامين المدافعين عن حقوق الحيوان إن إنسان الغاب يتمتع بالوظائف المعرفية الكافية ويجب ألا يعامل وكأنه شيء. ووافقت المحكمة على أن "ساندرا تستحق الحقوق الأساسية لشخص غير بشري".
لكنّ القاضي وافق مع القائمين على رعايتها على أنه قد يكون من الأفضل تحسين الظروف المعيشية في قفصها فقط بدلاً من إرسالها إلى الخارج؛ لأن هذه الخطوة ستضع حياتها في خطر.
الفيل "هابي"
في نوفمبر 2018 منحت محكمة في نيويورك الفيل "هابي"، الذي يعيش في حديقة حيوان برونكس في نيويورك، نفس الحقوق التي يتمتع بها البشر بعد أن قدمت Nonhuman Rights Project، وهي منظمة الحقوق المدنية الوحيدة في أمريكا المكرسة فقط لتأمين حقوق الحيوانات غير البشرية، مذكرة (بطلب المثول أمام المحكمة) نيابة عن الفيل المذكور البالغ من العمر 47 عاماً بأنه كان وحيداً وتم قتل رفاقه على أيدي أفيال أخرى.
إلى جانب أن الفيل هابي هو الفيل الأول الذي حصل على نفس الحقوق التي تُمنح لإنسان فهو أيضاً أول فيل يجتاز اختبار (التعرُّف على الذات في المرآة) المستخدم لاختبار الوعي الذاتي والقدرات الذهنية لدى الحيوانات.
وساهمت المذكرة المقدَّمة في حث المحكمة على تحديد موعد للنظر في ما إذا كان الفيل هابي سيترك في حديقة الحيوان أو سيتم إطلاق سراحه ونقله إلى ملجأ للفيلة.
اثنان من الشمبانزي استُخدما لأغراض البحث الطبي
في عام 2015، قدمت Nonhuman Rights Project عريضة (طلب بالمثول أمام القضاء) نيابة عن اثنين من الشمبانزي الذين كانا مقيمين في جامعة ستوني بروك، بنيويورك.
استُخدم كل من الشمبانزي هرقل وليو لأغراض البحث الطبي الحيوي، وادعت المنظمة أنهما سُجنا بشكل غير قانوني في الجامعة.
وتقدَّمت المنظّمة بأوَّل مذكرة نيابة عن ثنائي الشمبانزي تطالب بالافراج عنهما في عام 2013، ورفعت القضية عدَّة مرات حتى عام 2015 حيث أصدرت قاضية المحكمة العليا لولاية نيويورك باربرا جافي أمر إحضار لهرقل وليو، وأصدرت أمراً لمحامي جامعة ستوني بروك بالمثول أمام المحكمة.
كما هو الحال مع الحالات الأخرى، فإنّ الأمر الذي صدر عن المحكمة يمنح فعلياً هرقل وليو نفس حقوق البشر. تم إطلاق سراح ليو وهرقل في نهاية المطاف ونقلهما إلى ملجأ في جورجيا.
جبل تاراناكي.. اعتبروه أحد أقارب البشر!
في عام 2017، منحت محكمة في نيوزيلندا جبل تاراناكي نفس حقوق البشر. وصدر القانون بناءً على طلب من قبيلة الماوري أيضاً، الذين اعتبروا الجبل (وهو بركان لم يندلع منذ عام 1775) أحد أقاربهم.
كان القصد من هذا الحكم الحفاظ على الجبل بصفته معلماً سياحياً شهيراً. أي ضرر على الجبل سيُعتبر ضرراً لشعب الماوري، ولذلك عيّنت المحكمة شعب الماوري وحكومة نيوزيلندا أوصياء على الجبل.
غابات الأمازون المطيرة في كولومبيا
يتم الإضرار بالغابة من قبل المزارعين وعمال المناجم من خلال قطع الأشجار ومزارع الكوكايين. تدخلت كولومبيا لحماية جزء كبير من منطقة الأمازون الموجودة داخل أراضيها، فقد رفع أصحاب الأعمار الصغيرة (أقل من 26 عاماً) دعوى قضائية للمطالبة بحماية غابات الأمازون.
وكجزءٍ من الحكم الصادر عام 2018، قضت المحكمة العليا بأنّ الجزء من غابات الأمازون المطيرة داخل حدود كولومبيا له نفس الحقوق التي يتمتع بها الإنسان، كما أمرت المحكمة الحكومة بحماية الغابة وألقت باللوم عليها لعدم وقف إزالة الغابات وعدم حماية الغابة قبل ذلك.
في الوقت الذي اتخذت فيه كولومبيا خطواتٍ لحماية الجزء الخاص بها من الأمازون، فإنّ البرازيل، التي لديها جزء هائل للغاية من الأمازون، لم تمنح حقوق الإنسان للغابات المطيرة أو أي شيء من هذا القبيل، ولا يبدو أنها ستفعل ذلك في أي وقت قريب.
في الواقع، كانت البرازيل تدرس تطبيق قانون يحظر إزالة غابات الأمازون لأغراض زراعة قصب السكر في الوقت الذي أقرت فيه كولومبيا قانونها.
نهر أتراتو
نشأ نهر Atrato في سلسلة جبال الأنديز الغربية على ارتفاع 12800 قدم تقريباً، وهو ينحدر من خلال غابات مقاطعة تشوكو إلى ديتش في منطقة البحر الكاريبي بالقرب من بنما.
على طول الطريق يلتقى نهر أتراتو المياه من أكثر من 15 نهراً و300 قناة. يأتي الماء نظيفاً ولكن سرعان ما يصبح ملوثاً فور دخوله النهر.
يعدّ نهر Atrato وروافده من بين أكثر المناطق تلوثاً في كولومبيا بسبب عمليات التعدين واستخدام الحفارات والجرافات غير القانونية لإزالة الغابات في مقاطعة تشوكو في كولومبيا، حيث يوجد نهر أتراتو.
بدأت خطورة التلوث تؤثر على الحياة المائية وهو أمر حظى باهتمام السلطات القضائية العليا في كولومبيا، وفي عام 2017 منحت المحكمة الدستورية الكولومبية حقوق الإنسان لنهر أتراتو.