رتّبت سوليهات وصديقاتُها الثلاث كلَّ شيءٍ لالتقاط صورة سيلفي مثالية لهن على شاطئ البحر في مقاطعة بانتين الإندونيسية.
كان حجابهن لافتاً للأنظار؛ فقد ارتدت واحدة منهن حجاباً ورديّاً، في حين ارتدت أخرى حجاباً أخضر، واستعدت واحدة منهن، رافعةً علامة النصر على شكل حرف V.
اللافت أكثر من ذلك، بدا في الخلفية مشهدُ دمارٍ كامل: ساحة مغمورة بالمياه تناثرت فيها السيارات والمعدات الزراعية التي حطمها التسونامي، الذي ضرب ساحل المقاطعة ليلة السبت 22 ديسمبر/كانون الأول 2018، وأودى بحياة 500 شخص.
تسونامي إندونيسيا يجذب محبي السيلفي
أضحت الساحة المليئة بالحطام الطافي والمطلة على مشهد الأمواج المتلاطمة لمضيق سوندا، مقبرةً للآليات الزراعية التي كانت مخزنة في حظيرة جرفتها الأمواج العاتية.
ومنذ ذلك الحين، زارها سيلٌ من الإندونيسيين الراغبين في التقاط صورة سيلفي، وقد سافر العديد منهم ساعاتٍ لمشاركة صورة لأنفسهم على الإنترنت من موقع التسونامي، الذي نتج عن انهياراتٍ أرضية في سفح بركان "أناك كراكاتوا" المجاوِر.
إذ قالت سوليهات (40 عاماً)، لصحيفة The Guardian البريطانية، إنّها سافرت ساعتين لزيارة الموقع المنكوب، قادمةً من مدينة سيلجون.
ليس للصور فحسب، بل للمساعدة أيضاً
فقد جلبت هي وصديقاتُها من جمعية النساء المسلمات في سيلجون تبرعات وملابس للنازحين بسبب التسونامي، مؤكدةً أن "الصورة على فيسبوك تثبت أننا كنا هنا حقّاً وقدّمنا المساعدة".
وأضافت قائلة إنه على الرغم من أنّ الكثيرين يعتبرون التقاط السيلفي نشاطاً سطحيّاً، فإن اختيارها غير التقليدي للخلفية أظهرَ نوعاً من العمق.
وقالت: "عندما يرى الناس صورَ الدمار يدركون أنهم في نعمة. ستحصد صور الدمار إعجاباً أكبر على شبكات التواصل الاجتماعي. ربما يكمن سبب ذلك في أنها تذكر الناس بأن يكونوا أكثر امتناناً وشكراً".
منذ كارثة يوم السبت، انجرف كثير من جثث القتلى إلى الشريط الساحلي الضيق نفسه والطريق الذي تركّز عليه صورة السيلفي. وما زال 154 شخصاً بعداد المفقودين في امتداد المنطقة المنكوبة بالتسونامي، في حين مرّت كثير من مركبات البحث والإنقاذ المكلفة مهام عصيبة بجانب ملتقطي صورة السيلفي البارحة.
عندما سئلت سوليهات عما إذا كان من المناسب التقاط صور شخصية أمام مسطح مائي يمكن أن يخفي جثثاً لمفقودين، أجابت قائلةً: "يعتمد الأمر على نيتك. إذا كنت تلتقط صوراً ذاتية من أجل التفاخر، فعليك ألا تفعل ذلك. ولكن إذا قمت بذلك لمشاركة الآخرين أحزانهم، فلا بأس بذلك".
لم يوحِ مظهر كثير ممن التقطوا صور السيلفي الذين احتشدوا في الحقل بالأمس بأنهم كانوا يحاولون مشاركة الآخرين أحزانهم.
فقد أمضت سيدة ترتدي ملابس تمويه ذات نمط عسكري نصف ساعة تخوض في مياه الحقل التي يبلغ ارتفاعها حد الركبة، لكي تقترب من سيارة الدفع الرباعي المحطمة في وسط الحقل، لكي تلتقط صورة سيلفي أفضل معها.
لم يكن صاحب السيارة، بحر الدين، ذو الأعوام الـ40، وهو رئيس اتحاد المزارعين المحليين، معجباً بسياح التصوير. عندما سُئل وهو يقف في الماء مرتدياً حذاءً أصفر مطاطياً، عن رأيه في الشهرة التي اكتسبها الحقل على شبكات التواصل الاجتماعي، أخذ يردد عبارة: "أشعر بخيبة أمل كبيرة".
ولم تندم فالنتينا أناستاسيا، البالغة من العمر 18 عاماً، من جزيرة جاوا، على قرارها قطع عطلتها بجاكرتا، والسفر في رحلة تستغرق 3 ساعات بالسيارة إلى بانتين. وقالت: "أريد أن أرى الدمار والأشخاص المتضررين".
وعندما سئلت عن عدد صور السيلفي التي التقطتها في المنطقة، ضحكت بحرارة، قائلةً: "التقطت صوراً كثيرة لوسائل التواصل الاجتماعي، ولمجموعات واتساب…". تصفحتْ سلسلة من صور السيلفي على هاتفها، وأظهر كثير منها في خلفيتها مركبة حفر صفراء محطمة ومغمورة جزئياً بالمياه.