أثارت صور رئيس الشيشان -إحدى جمهوريات روسيا المتمتعة بالحكم الذاتي- رمضان قديروف إلى جانب نجم ليفربول المصري محمد صلاح كثيراً من اللغط، حيث انتقد الإعلام الإنكليزي ظهور نجم البريميرليغ إلى جانبه واعتبروه تأييداً لسياسات قديروف التي يستنكرها كثير من المدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم، إلى جانب إقامته حفل عشاء للمنتخب المصري بالكامل، والذي قام فيه بتكريم صلاح ومنحه حق المواطنة الشيشانية الشرفية.
ظهرت بعض الشائعات عن اتفاق الاتحاد المصري لكرة القدم المسبق مع قديروف على مكوث الفريق بمدينة غروزني عاصمة الشيشان رغم المسافة الكبيرة التي تفصلها عن أماكن المباريات الثلاث للفريق، وذلك لاستغلال اللاعبين وصلاح على وجه الخصوص لتلميع صورة الرئيس الشيشاني، الأمر الذي أدى لظهور أنباء عن نية صلاح الاعتزال الدولي بعد المونديال.
ليست هذه المرة الأولى من نوعها التي يستغل فيها قديروف -المُتهم بممارسات ديكتاتورية ضد المعارضين وسياسات قمعية ضد حقوق النساء والمثليين- نجوماً ومشاهير لتلميع صورته، ومعروف عنه دعمه الكامل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأمر الذي جعل كثيرين يطلقون عليه فتى بوتين المدلل.
الحارس الشخصي لأبيه!
وُلد رمضان أحمدوفيتش قديروف في مدينة تسينتاروي بالاتحاد السوفييتي عام 1976، وكان الابن الأصغر لعائلة أحمد وإيماني قديروف، وله أخ أكبر وأختان كبيرتان.
قاتل رمضان إلى جانب والده ضد القوات المسلحة الروسية في حرب الشيشان الأولى في الفترة من 1994 إلى 1996، وأصبح بعدها الحارس الشخصي لأبيه أحمد قديروف المفتي الانفصالي للشيشان، وفي الحرب الشيشانية الثانية عام 1999 التي كانت رداً على سلسلة من التفجيرات الإرهابية بموسكو نُسبَت إلى المتمردين الشيشانيين.
وبعد تولي فلاديمير بوتين رئاسة وزراء روسيا واستخدامه لسياسة الشيشنة التي قامت على أساس تحويل النزاع من روسي شيشاني إلى شيشاني داخلي، مع وعد قادة الجانب الموالي لروسيا بالسلطة في الشيشان والاستفادة من ولائهم شرط أن يظلوا في إطار الفيدرالية الروسية.
ظل رمضان يحارب بجانب والده رغم انشقاق جماعته عن الجانب الشيشاني هذه المرة وانضمامها للجانب الروسي كواحد من أمراء حرب بوتين في الشيشان، ليصبح بعدها قديروف الابن قائداً للأمن الرئاسي الشيشاني.
ثم أدت سياسة بوتين في انتهاج الحرب الشاملة على الشيشان والاستفادة من فشل الروس في الحرب الأولى إلى فوزه في الانتخابات الرئاسية بعدها ليصبح رئيساً لروسيا.
اغتيال والده وتوليه الرئاسة
في 9 مايو/أيار 2004 اغتيل أحمد قديروف بعد تفجير حدث في موكب استعراضي كان يحضره، في اليوم نفسه تم استدعاء رمضان إلى موسكو لمقابلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتم تعيينه كنائب لرئيس الوزراء في الشيشان، ثم حلّ كرئيس وزراء مؤقت في 2005 بعد حادث سيارة تعرض له رئيس الوزراء آنذاك سيرغي أبراموف.
وفي 2007 تقلد منصب الرئيس وعمره لا يتعدى الثلاثين عاماً، وظل قديروف في المنصب حتى يومنا هذا بمعونات ودعم هائل من روسيا وبوتين في مقابل سيطرته على الأوضاع والنزاعات في الشيشان.
دعمه المطلق لروسيا وبوتين
نال قديروف ميدالية بطل روسيا، وهي أهم وسام تمنحه روسيا، وقد صرّح أكثر من مرة بأنه وهب حياته دفاعاً عن روسيا وعن بوتين، وصرّح في خطاب ألقاه في 2005 أثناء افتتاح مسجد أحمد قديروف في غروزني بأن الشيشان ستصبح أكثر مكان جميل وآمن وغني في العالم، وأنه لن يتوقف عن مطاردة قاتلي والده من الانفصاليين.
وأضاف رمضان أن بوتين رجل عظيم يهتم بالشيشان أكثر من أي جمهورية أخرى من جمهوريات روسيا الاتحادية، وأن إيقافه للحرب يجعله يستحق أن يبقى رئيساً مدى الحياة.
ميليشيات قاديروفتسي وقمع المعارضة
أثناء الحرب الشيشانية الثانية تكونت جماعة من جنود قديروف والمنضمين إليها ممن انشقوا عن الجانب الشيشاني عُرفت بجماعة قاديروف وأُطلق عليها فيما بعد اسم ميليشيا قاديروفتسكي، والتي آلت تبعيتها لوزارة الداخلية، ويؤكد العديد من نشطاء حقوق الإنسان أن العديد من الانتهاكات تتم من خلال استخدام هذه الفرقة، وأنهم يعملون لإرهاب المعارضين وتعزيز حكم قديروف من خلال عمليات خطف وتعذيب وإخفاء قسري.
نفى قديروف وجود مثل هذه الفرقة في أجهزته، كما نفى شائعات عن إنشائه سجناً سرياً في مسقط رأسه مدينة تسينتوري.
يُذكر أنه وصف المعارضين في خطابه الشهير عام 2005 باللصوص، وأن كل ما تبقى منهم 150 -وكانت المعلومات آنذاك تشير إلى أن عددهم تراوح بين 700 و2000- وأنه قتل الشخص الذي يجب عليه قتله وسيقتل كل من يقف خلفه حتى يُقتل أو يُسجن.
انتهاكات المثليين
أشارت تقارير في العام الماضي عن انتهاكات تخصّ المثليين في الشيشان، كان آخرها ما انتشر قبل شهر رمضان ذلك العام حيث قيل إن قديروف قد وضع ميعاداً نهائياً للتخلص من المثليين في الشيشان قبل بداية رمضان.
وألمحت التقارير إلى أن أكثر من 100 شخص قد تم القبض عليهم واخفائهم في سجون سرية بتهمة الاشتباه في كونهم مثليين حيث يتم ضربهم وتعذيبهم هناك.
نفى الجانب الشيشاني هذه الادعاءات أيضاً واصفاً إياها بكذبة أبريل، وقال المتحدث الرسمي باسم قديروف إنه لا يوجد مثليون في الشيشان وإنه لا يمكننا احتجاز أو قتل من ليس لهم وجود.
يأتي هذا كدعم مطلق آخر من قديروف لبوتين بعد قوانين تجريم المثلية في روسيا التي سنها في 2013 ونتج عنها مظاهرات وأعمال شغب في روسيا واعتراض وتنديد من أميركا والاتحاد الأوروبي.
حساب إنستغرام المثير للجدل
رغم كل ما يُقال عنه لم يترك رمضان قديروف فرصة لتلميع صورته وإظهار شخصيته بالشكل الذي يريد إلا واستغلها، فقد دفع لمشاهير مثل الملاكم فلويد مايويذر والممثل ستيفن سيجال والممثلة هيلاري سوانك ليزوروا الشيشان ويظهر إلى جانبهم.
لكن تظل أكثر الوسائل فعاليةً التي استخدمها قديروف هي حسابه على إنستغرام والذي تجاوز عدد متابعيه فيه الثلاثة ملايين، أي أكثر من ضعف عدد سكان الشيشان، حيث استغله ليرسخ كل الجوانب التي يريد أن يظهرها للعالم عن شخصيته، مثل جانب التزامه الشديد بتعاليم الدين الإسلامي من خلال صور ومقاطع فيديو له وهو يصلي ويقرأ القرآن.
وإلى جانب هذا اهتم بإظهار شخصية المحارب من خلال ظهوره في عدد من الصور بزيّ شيشاني حربي قديم ومقاطع تظهره أثناء التدريبات والقتال، وكان يهتم أيضاً بإظهار الجزء الهادئ العاطفي كجزء من شخصيته بصور له يلعب فيها مع حيوانات أو يلهو مع أصدقائه أو فيديو له وهو يقود دراجته في الهواء الطلق، واحتوى حسابه أيضاً على عدد من المقاطع التي ظهر فيها وهو يقاتل حيوانات ضارية مثل تمساح وثعبان، ولم ينس بالطبع التشديد والتأكيد على حبه وتبعيته المطلقة لبوتين.
استمر ذلك حتى 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي حتى تعرّض حساباه على فيسبوك وإنستغرام إلى الحذف بعد العقوبات التي وقعتها عليه الحكومة الأميركية بسبب الاتهامات الموجهة له بانتهاكات حقوق الإنسان.
رد قديروف كان قاسياً حيث تم بعدها بعدة أيام القبض على رئيس مكتب منظمة حقوق الإنسان Memorial في غروزني بتهمة حيازة المخدرات، ثم تلاها حدوث حريق بمكتب المنظمة في غروزني بفعل مشاغبين، التي تشير كل الشكوك إلى أنهم كانوا من قوات قديروف الخاصة.
إقرأ أيضاً..
الإعلامي المصري أحمد موسى ينهي حلقة برنامجه فجأة ويعتذر للأزهر والمشاهدين.. والأوقاف تتدخل! (فيديو)
مسعود أوزيل يقدّم هدية لخطيبته بـ15 مليون ليرة تركية.. أصبحت الآن جارة أرطغرل!(صور)